[ ص: 51 ] بسم الله الرحمن الرحيم
خطبة الشارح
الحمد لله الذي أطلع شموس أصحاب الحديث في سماء السعادة ، وأشرق أقمار صنيعهم في أرقعة مرفوعات السيادة ، ووصل حبل انقطاعهم إليه فأدرجهم مع الصديقين وأثابهم الحسنى وزيادة ، وأرسل فينا رءوفا رحيما بالحنيفية السمحة المنقادة ، أحمده وأشكره على تواتر آلائه راجيا الزيادة ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له عالم الغيب والشهادة ، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدا عبده ورسوله وحبيبه وخليله المرسل رحمة للعالمين فوطأ الدين المتين فاقتبسنا الهدى من كواكب أنواره الوقادة ، صلى الله وسلم عليه وعلى آله وصحبه نجوم الهدى الفائزين برؤية وجهه الحسن فسلسل عليهم إسعاده ، فوقفوا أنفسهم على نصر شريعته ومهدوا إرشاده ، صلاة وسلاما أرجو بهما في الدارين قربه وإمداده .
أما بعد : فإن العاجز الضعيف الفاني محمد بن عبد الباقي بن يوسف الزرقاني لما من الله عليه بقراءة كتاب الموطأ بالساحات الأزهرية ، وكان الابتداء في عاشر جمادى الأولى لسنة تسع بعد مائة وألف من الهجرة النبوية ، بعدما هجر بمصر المحمية ، حتى كاد لا يعرف ما هو ، كتبت عليه ما أتاحه له ذو المنة والفضل ، وإن لم أكن لذلك ولا لأقل منه بأهل ؛ لأن شروحه وإن كثرت عزت بحيث لا يوجد منها في بلادنا إلا ما قل وجعلته وسطا لا بالقصير ولا بالطويل ، وأتيت في ضبطه بما يشفي - للقواصر مثلي - الغليل ، غير مبال بتكراره كبعض التراجم لما علم من غالب حالنا من النسيان ، ثم إني لا أبيعه بالبراءة من العيوب بل هي كثيرة لا سيما لأهل هذا الزمان ، لكني أعوذ بالله من حاسد يدفع بالصدر ، فهذا لله لا لزيد ولا لعمرو ، والله أسأل من فضله العظيم ، متوسلا إليه بحبيبه الكريم ، أن يجعله خالصا لوجهه ويسهل بالتمام ، وأن يجعله وصلة إلى خير الأنام ، وأن يأخذ بيدي في الدنيا ويوم القيام ، ويمتعني برؤيته ورؤية حبيبه في دار السلام .
[ ص: 52 ] وحيث أطلقت لفظ الحافظ فمرادي ختام الحفاظ ابن حجر العسقلاني .
والله حسبي وعليه توكلت ، ما شاء الله ولا قوة إلا بالله ، وكل أمري له أسلمت وفوضت .