الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          وحدثني عن مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إذا توضأ أحدكم فليجعل في أنفه ماء ثم لينثر ومن استجمر فليوتر

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          33 33 [ ص: 123 ] - ( مالك عن أبي الزناد ) بكسر الزاي وبالنون واسمه عبد الله بن ذكوان وكنيته أبو عبد الله وأبو الزناد لقب وكان يغضب منه لما فيه من معنى ملازم النار لكنه اشتهر به لجودة ذهنه وحدة فهمه كأنه نار موقدة .

                                                                                                          ( عن الأعرج ) عبد الرحمن بن هرمز ( عن أبي هريرة ) عبد الرحمن بن صخر أو عمرو بن عامر .

                                                                                                          ( أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : إذا توضأ ) أي إذا شرع في الوضوء ( أحدكم فليجعل في أنفه ) ماء كما في رواية القعنبي وابن بكير وأكثر الرواة ، وكذا ثبت في رواية سفيان عن أبي الزناد عند مسلم وسقط من رواية يحيى ، وكذا من رواية الأكثر في البخاري ، قال أبو عمرو : لأنه مفهوم من الخطاب فإن المجعول في أنفه إذا توضأ إنما هو ماء ولذا قال : " ثم لينثر " بكسر المثلثة بعد النون الساكنة على المشهور وحكي ضمها قاله النووي ، وفي الصحيح " ثم لينتثر " بزيادة تاء ، وفي النسائي : " ثم ليستنثر " بزيادة سين وتاء كذا قال السيوطي ، وفي فتح الباري قوله : " لينتثر " كذا لأبي ذر والأصيلي بوزن يفتعل ، ولغيرهما ثم لينثر بمثلثة مضمومة بعد النون الساكنة والروايتان لأصحاب الموطأ أيضا ، قال الفراء : يقال : نثر الرجل وانتثر .

                                                                                                          واستنثر إذا حرك النثرة وهي طرف الأنف في الطهارة . انتهى .

                                                                                                          فما أوهمه كلام السيوطي من أنه لم يرو في الموطأ ولا في البخاري إلا بواحدة فيه نظر .

                                                                                                          وقال عياض : هو من النثر وهو الطرح وهو هنا طرح الماء الذي تنشق منه قبل ليخرج ما تعلق به من قذر الأنف .

                                                                                                          وقال ابن الأثير : نثر ينثر بالكسر إذا امتخط ، واستنثر استفعل منه أي استنشق الماء ثم استخرج ما في الأنف ولم يذكر مالك عددا وقد زاد سفيان عن أبي الزناد وترا . رواه مسلم .

                                                                                                          ( ومن استجمر فليوتر ) أي استعمل الجمار وهي الحجارة الصغار في الاستجمار ، وحمله بعضهم على استعمال البخور فإنه يقال فيه : تجمر واستجمر ، حكاه ابن حبيب عن ابن عمرو لا يصح وابن عبد البر عن مالك وروى ابن خزيمة عنه خلافه ، واستدل به بعض من نفى وجوب الاستنجاء للإتيان فيه بحرف الشرط ولا دلالة فيه وإنما مقتضاه التخيير بين الاستنجاء بالماء أو بالأحجار قاله في الفتح : وفي الإكمال ، قال الهروي : الاستجمار المسح بالجمار وهي الأحجار الصغار ومنه سميت حجارة الرمي .

                                                                                                          وقال ابن القصار : يجوز أنه أخذ من الاستجمار بالبخور الذي تطيب به الرائحة وهذا يزيل الرائحة القبيحة ، واختلف قول مالك وغيره في معنى الاستجمار في الحديث فقيل هذا ، وقيل : المراد به في البخور أن يأخذ منه ثلاث قطع أو يأخذ ثلاث مرات يستعمل واحدة بعد أخرى قال : والأول أظهر . انتهى .

                                                                                                          وقال النووي : إنه الصحيح المعروف وهذا [ ص: 124 ] الحديث رواه البخاري عن عبد الله بن يوسف عن مالك به وتابعه ابن عيينة عن أبي الزناد عند مسلم .




                                                                                                          الخدمات العلمية