الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد

ابن عبد البر - أبو عمر يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر

صفحة جزء
[ ص: 240 ] زيد بن أسلم

مولى عمر بن الخطاب رضي الله عنه .

قال أبو عمر :

زيد بن أسلم ، يكنى أبا أسامة ، وأبوه أسلم يكنى أبا خالد بابنه خالد بن أسلم ، وهو من سبي عين التمر ، ( وهو أول سبي دخل المدينة في خلافة أبي بكر ، بعث به خالد بن الوليد فأسلموا ، وأنجبوا كلهم : منهم حمران بن أبان ، ويسار مولى قيس بن مخرمة ، وأفلح مولى أبي أيوب ، وأسلم مولى عمر ) .

وكان أسلم من جلة الموالي علما ، ودينا ، وثقة .

وزيد بن أسلم أحد ثقات أهل المدينة ، وكان من العلماء العباد الفضلاء ، وزعموا أنه كان أعلم أهل المدينة بتأويل القرآن بعد محمد بن كعب القرظي .

وقد كان زيد بن أسلم يشاور في زمن القاسم ، وسالم .

[ ص: 241 ] روى ابن وهب قال : أخبرني أسامة بن زيد بن أسلم أنه كان جالسا عند أبيه ; إذ أتاه رسول من النصارى ، وكان أميرا لهم ، فقال : إن الأمير يقول لك : كم عدة الأمة تحت الحر ؟ وكم طلاقه إياها ؟ وكم عدة الحرة تحت العبد ؟ وكم طلاقه إياها ؟ .

قال أبي : عدة الأمة المطلقة حيضتان ، وطلاق الحر الأمة ثلاث ، وطلاق العبد الحرة تطليقتان ، وعدتها ثلاث حيض ، ثم قام الرسول فقال أبي : ( إلى أين تذهب ؟ فقال : أمرني أن آتي القاسم بن محمد ، وسالم بن عبد الله فأسألهما فقال أبي : ) أقسمت عليك إلا ما رجعت إلي فأخبرتني بما يقولان لك ، قال : فذهب ، ثم رجع فأخبره أنهما قالا كما قال ، وقال الرسول : قالا : قل له : ليس في كتاب الله ، ولا سنة من رسول الله ، ولكن عمل به المسلمون .

وقال مالك : كان زيد بن أسلم من العلماء الذين يخشون الله ، وكان ينبسط إلي ، وكان يقول : ابن آدم اتق الله يحبك الناس ، وإن كرهوا .

قال أبو عمر :

توفي زيد بن أسلم سنة ست وثلاثين ومائة ، في عشر ذي الحجة ، وفي هذه السنة استخلف أبو جعفر المنصور .

[ ص: 242 ] ( وكان علي بن حسين بن علي يتخطى الخلق إلى زيد بن أسلم ، وكان نافع بن جبير يثقل ذلك عليه ، فرآه ذات يوم يتخطى إليه فقال : أتتخطى مجالس قومك إلى عبد آل عمر بن الخطاب ؟ فقال علي بن حسين : إنما يجالس الرجل من ينفعه في دينه ) .

وكان عمر بن عبد العزيز رحمه الله يدني زيد بن أسلم ، ويقربه ، ويجالسه ، وحجب الأحوص الشاعر يوما فقال :

خليلي أبا حفص هل أنت مخبري أفي الحق أن أقصى ويدنى ابن أسلما

فقال عمر : ذلك الحق اهـ .

أخبرنا عبد الله بن محمد بن يحيى قال : حدثنا محمد بن أحمد بن محمد بن عمرو القاضي المالكي قال : حدثنا محمد بن علي قال : حدثنا ابن أبي شيبة قال : حدثنا إبراهيم بن المنذر الخزاعي قال : أخبرني زيد بن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم ، عن أبيه قال : لما وضع مالك الموطأ ، جعل أحاديث زيد بن أسلم في آخر الأبواب ، فأتيته فقلت : أخرت أحاديث زيد بن أسلم ، جعلتها في آخر الأبواب فقال : إنها كالسراج تضيء لما قبلها .

[ ص: 243 ] لمالك عن زيد بن أسلم من مرفوعات الموطأ أحد وخمسون حديثا : منها مسندة ثلاثة وعشرون حديثا .

ومنها حديث منقطع : قصة معاوية مع أبي الدرداء ، تتمة أربعة وعشرين .

ومنها مرسلة سبعة وعشرون حديثا : من مراسيل سعيد بن المسيب واحد ، ومن مراسيل عطاء بن يسار خمسة عشر ، ومن مراسليه عن نفسه أحد عشر حديثا .

التالي السابق


الخدمات العلمية