الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
1788 [ ص: 287 ] حديث سادس وأربعون nindex.php?page=showalam&ids=15944لزيد بن أسلم - مرسل
مالك ، عن nindex.php?page=showalam&ids=15944زيد بن أسلم أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : nindex.php?page=hadith&LINKID=1011605nindex.php?page=treesubj&link=18151يسلم الراكب على الماشي ، وإذا nindex.php?page=treesubj&link=32653سلم من القوم واحد أجزأ عنهم .
لا خلاف بين رواة الموطأ في إرسال هذا الحديث هكذا .
( وفي هذا الباب حديث nindex.php?page=showalam&ids=8علي بن أبي طالب مسند ، وسنذكره فيه - إن شاء الله - ) ، وزعم البزار أن فيه عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة ، وهو حديث بين المعنى ، مستغن عن التأويل إلا أن الفقهاء اختلفوا في القول به فقال مالك nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي ، وأصحابهما ، وهو قول أهل المدينة : إذا nindex.php?page=treesubj&link=18156سلم رجل على جماعة من الرجال فرد عليه واحد منهم أجزأ عنهم ، وشبهه nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي - رحمه الله - nindex.php?page=treesubj&link=1609بصلاة الجماعة ، nindex.php?page=treesubj&link=18481والتفقه في دين الله ، nindex.php?page=treesubj&link=1997وغسل الموتى ، [ ص: 288 ] ودفنهم ، والصلاة عليهم ، nindex.php?page=treesubj&link=17910وبالسفر إلى أرض العدو لقتالهم ، قال : هذه كلها فروض على الكفاية ، إذا قام بشيء منها بعض القوم أجزأ عن غيرهم .
قال أبو عمر :
nindex.php?page=treesubj&link=18130الحجة في فرض رد السلام قول الله - عز وجل - : nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=86وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها ، والحجة في أن هذا الفرض لا يتعين في هذه المسألة ، حديث nindex.php?page=showalam&ids=15944زيد بن أسلم هذا ، وقال nindex.php?page=showalam&ids=14695أبو جعفر الأزدي الطحاوي : حدثنا سليمان بن شعيب ، عن أبيه ، عن أبي يوسف أنه كان ينكر الحديث الذي روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه ( قال ) : إذا رد السلام بعض القوم أجزأ عن الجميع ، وقال : لا يجزئ إلا أن يردوا جميعا . قال أبو جعفر : ولا نعلم في هذا الباب شيئا روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - غير حديث مالك عن nindex.php?page=showalam&ids=15944زيد بن أسلم ، وشيء روي فيه عن nindex.php?page=showalam&ids=15956أبي النضر مولى عمر بن عبيد الله ، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - . وكلا الوجهين لا يحتج به ، قال : وحديث nindex.php?page=showalam&ids=15944زيد بن أسلم إنما فيه إذا سلم من القوم واحد أجزأ عنهم ، قال : وإنما هو ابتداء السلام ، nindex.php?page=treesubj&link=18129وابتداء [ ص: 289 ] السلام خلاف رد السلام ; لأن السلام المبتدأ تطوع ، ورده فريضة ، قال : وليس هو من الفروض التي على الكفاية ; لأنه لو nindex.php?page=treesubj&link=18142كان مع القوم نصراني دون أحد من المسلمين لم يسقط ذلك عنهم فرض السلام ، فدل على أن nindex.php?page=treesubj&link=18129فرض السلام من الفروض المتعينة التي تلزم كل إنسان بنفسه .
قال أبو عمر :
أما قوله : إن حديث nindex.php?page=showalam&ids=15944زيد بن أسلم هذا معناه الابتداء ، فغير مسلم له ما ادعاه من ذلك ، وظاهر الحديث يدل على خلاف ما تأول فيه ، وذلك قوله : أجزأ عنهم ; لأنه لا يقال : أجزأ عنهم إلا فيما قد وجب عليهم ، nindex.php?page=treesubj&link=18129والابتداء بالسلام ليس بواجب عند الجميع ، ولكنه سنة ، وخير ، وأدب ، والرد واجب عند جميعهم ، فاستبان بقوله : أجزأ عنهم أنه أراد بالحديث الرد ، - والله أعلم - .
هذا وجه الحديث فبطل ما تأول nindex.php?page=showalam&ids=14695الطحاوي ، وصح ما ذهب إليه فقهاء الحجاز .
وأما قوله : فإنه لا يروى في هذا غير حديث nindex.php?page=showalam&ids=15944زيد بن أسلم ، وحديث أبي النضر ، وهما منقطعان فليس كما قال عندنا ، وقد روينا [ ص: 290 ] بإسناد متصل من حديث nindex.php?page=showalam&ids=8علي بن أبي طالب ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - معنى ما ذهب إليه مالك ، nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي ، ومن قال بقولهم : حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=15829خلف بن القاسم الحافظ ، قال : حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=14110الحسن بن رشيق ، قال : حدثنا إسحاق بن إبراهيم بن يونس ، قال : حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=16300عبد الأعلى بن حماد ، قال : حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=17379يعقوب بن إسحاق الحضرمي ، قال : حدثنا سعيد بن خالد ، قال : حدثني عبد الله بن الفضل ، عن عبيد الله بن أبي رافع ، عن nindex.php?page=showalam&ids=8علي بن أبي طالب ، قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : nindex.php?page=hadith&LINKID=1011607يجزئ من الجماعة إذا مرت أن يسلم أحدهم ، ويجزئ عن القعود أن يرد أحدهم .
ففي هذا الحديث بيان موضع الخلاف ، وقطع التنازع ; لأنه سوى بين الابتداء ، والرد ، وجعل ذلك على الكفاية ، وهو حديث حسن لا معارض له ، وسعيد بن خالد هذا هو سعيد بن خالد الخزاعي مدني ليس به بأس عند بعضهم ، وقد ضعفه جماعة منهم أبو زرعة ، وأبو حاتم ، nindex.php?page=showalam&ids=17383ويعقوب بن شيبة ، وجعلوا حديثه هذا منكرا ; لأنه انفرد فيه بهذا الإسناد على أن عبد الله بن الفضل لم يسمع من عبيد الله بن أبي رافع ، بينهما nindex.php?page=showalam&ids=13723الأعرج في غير ما حديث ، [ ص: 291 ] فالله أعلم ، وسائر الإسناد أشهر من أن يحتاج إلى ذكرهم . وذكر أبو داود هذا الخبر عن nindex.php?page=showalam&ids=14161الحسن الحلواني ، عن عبد الملك بن إبراهيم الجدي ، عن سعيد بن خالد الخزاعي بإسناده مثله .
وقد روى nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج هذا الخبر عن nindex.php?page=showalam&ids=15944زيد بن أسلم بهذا المعنى مكشوفا : حدثنيه nindex.php?page=showalam&ids=16502عبد الوارث بن سفيان ، قال : حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=16802قاسم بن أصبغ ، قال : حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=13629ابن وضاح ، قال : حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=17406يوسف بن عدي ، قال : حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=16753عيسى بن يونس ، عن nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج ، عن nindex.php?page=showalam&ids=15944زيد بن أسلم ، قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : إذا مر القوم على المجلس فسلم منهم رجل ، أجزأ ذلك عنهم ، وإذا رد من أهل المجلس رجل أجزأ ذلك عنهم .
قال أبو عمر :
روي في هذا الباب عن nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج ، عن أبي الزبير ، عن جابر ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ، ولا يصح بهذا المعنى فيه شيء غير ما ذكرنا ، - والله أعلم - حدثنا أحمد بن قاسم ، وعبد الوارث ، قالا : حدثنا قاسم ، حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=14060الحارث بن أبي أسامة ، حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=15903روح بن عبادة ، حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج ، قال : [ ص: 292 ] حدثنا الوليد أنه سمع nindex.php?page=showalam&ids=36جابر بن عبد الله يقول ، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : nindex.php?page=treesubj&link=18151يسلم الراكب على الماشي ، والماشي على القاعد ، nindex.php?page=treesubj&link=26882والماشيان أيهما بدأ بالسلام فهو أفضل ، وبهذا الإسناد ، عن nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج ، قال : أخبرني زياد أن مولى عبد الرحمن بن زيد أخبره أنه سمع nindex.php?page=showalam&ids=3أبا هريرة يقول : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : nindex.php?page=hadith&LINKID=1011610يسلم الراكب على الماشي ، والماشي على القاعد ، والقليل على الكثير .
ومعنى قوله : أجزأ في الابتداء أي أجزأ في السنة المندوب إليها ، كما يقال : من أتى الوليمة أجزأه التبريك والدعاء إذا كان صائما ; وإنما قلنا هذا بدليل إجماعهم على أن nindex.php?page=treesubj&link=18129الابتداء بالسلام سنة ، وأن الرد فرض على ما ذكرنا من اختلافهم في تعيينه وكفايته ، والابتداء ليس كذلك عند جميعهم : أخبرنا عبد الرحمن ، حدثنا علي ، حدثنا أحمد ، حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=15968سحنون ، حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=16472ابن وهب ، قال : حدثني nindex.php?page=showalam&ids=15627جرير بن حازم ، عن nindex.php?page=showalam&ids=13726سليمان بن مهران ، عن nindex.php?page=showalam&ids=15950زيد بن وهب ، عن nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود ، قال : nindex.php?page=treesubj&link=18135_28723السلام اسم من أسماء الله - عز وجل - وضعه في الأرض فافشوه بينكم ، فإن الرجل إذا سلم على القوم فردوا عليه كان له عليهم فضل درجة ; لأنه ذكرهم ، فإن لم يردوا عليه رد [ ص: 293 ] عليه من هو خير منهم وأطيب . قال : وأخبرني أسامة بن زيد ، عن نافع ، قال : كنت أساير رجلا من فقهاء الشام يقال له : nindex.php?page=showalam&ids=16404عبد الله بن أبي زكرياء فحبستني دابتي تبول ، ثم أدركته ، ولم أسلم ، فقال : ألا تسلم ؟ فقلت : إنما كنت معك آنفا ، فقال : وإن ، لقد كان أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يتسايرون فتفرق بينهم الشجرة فإذا التقوا سلم بعضهم على بعض ، وقال nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ، nindex.php?page=showalam&ids=12وابن عمر : انتهى السلام إلى البركة كما ذكر الله - عز وجل - عن صالح عباده nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=73رحمة الله وبركاته عليكم أهل البيت ، وكانا يكرهان أن nindex.php?page=treesubj&link=18155يزيد أحد في السلام على قوله : وبركاته ، والله الموفق للصواب .