الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
5885 - وعن جابر رضي الله عنه ، قال : سرنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى نزلنا واديا أفيح فذهب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقضي حاجته ، فلم ير شيئا يستتر به ، وإذا شجرتين بشاطئ الوادي ، فانطلق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى إحداهما فأخذ بغصن من أغصانها فقال : ( انقادي علي بإذن الله ) فانقادت معه كالبعير المخشوش الذي يصانع قائده ، حتى أتى الشجرة الأخرى فأخذ بغصن من أغصانها ، فقال : ( انقادي علي بإذن الله ) .

فانقادت معه كذلك ، حتى إذا كانت بالمنصف مما بينهما قال : ( التئما علي ، بإذن الله ) . فالتأمتا ، فجلست أحدث نفسي ، فحانت مني لفتة ، فإذا برسول الله - صلى الله عليه وسلم - مقبلا ، وإذا الشجرتين قد افترقتا ، فقامت كل واحدة منهما على ساق
. رواه مسلم .

التالي السابق


5885 - ( وعن جابر قال : سرنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى نزلنا واديا أفيح ) أي : واسعا على ما في النهاية ( فذهب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقضي حاجته فلم ير شيئا يستتر به ، وإذا شجرتين ) : قال الطيبي : بالنصب كذا في صحيح مسلم ، وأكثر نسخ المصابيح ، وفي بعضها شجرتان بالرفع ، وهو مغير ، فتقدير النصب فوجد شجرتين نابتتين ( بشاطئ الوادي ) أي : بطرفه . وقال شارح للمصابيح ، وروي شجرتين بإضمار رأى ، وفي نسخة بشجرتين وهو ظاهر ، ( فانطلق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى إحداهما فأخذ بغصنين من أغصانه فقال : انقادي علي ) أي : للتستر علي ( بإذن الله ) . وقال الطيبي أي : لا تعصي علي ، ونظيره قوله تعالى : ما لك لا تأمنا على يوسف أي : لم

[ ص: 3789 ] تخافنا عليه . ( فانقادت معه كالبعير المخشوش ) : وهو الذي في أنفه الخشاش بكسر الخاء المعجمة ، وهو عويدة تجعل في أنف البعير ، ليكون أسرع إلى الانقياد كذا في النهاية ( الذي يصانع قائده ) ، قال التوربشتي أي : ينقاد له ويرافقه ، والأصل في المصانعة الرشوة وهي أن تصنع لصاحبك شيئا ليصنع لك شيئا . ( حتى أتى الشجرة الأخرى ، فأخذ بغصن من أغصانها ، فقال : انقادي علي بإذن الله ) فانقادت معه كذلك ، حتى إذا كان بالمنصف ) : هو بفتح الميم والصاد المهملة نصف الطريق ، والمراد هنا الموضع الوسط مما بينهما ( قال : التئما ) أي : تقاربا ( علي ) : قال الطيبي : هو حال أي : اجتمعا مظلتين علي ( بإذن الله فالتأمتا ) أي : حتى قضى الحاجة بينهما ( قال جابر : فجلست أحدث نفسي ) أي : بأمر من الأمور ( فحانت ) أي : فظهرت ( مني لفتة ) ، أي : التفاتة ( فإذا أنا برسول الله - صلى الله عليه وسلم - مقبلا ) ، قال الطيبي : يقال حان إذا أتى وقت الشيء ، واللفتة فعلة من الالتفات ، ( وإذا الشجرتين ) أي : وجدتهما أو رأيتهما ( قد افترقتا ، فقامت كل واحدة منهما على ساق ) . أي : وقفت بانفرادها في مكانها ، ففيه معجزتان ، ( رواه مسلم ) .




الخدمات العلمية