الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
5895 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه ، قال : كنت أدعو أمي إلى الإسلام وهي مشركة ، فدعوتها يوما ، فأسمعتني في رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما أكره ، فأتيت رسول الله وأنا أبكي ، قلت : يا رسول الله ! ادع الله أن يهدي أم أبي هريرة فقال : ( اللهم اهد أم أبي هريرة ) . فخرجت مستبشرا بدعوة النبي صلى الله عليه وسلم - فلما صرت إلى الباب فإذا هو مجاف ، فسمعت أمي خشف قدمي فقالت : مكانك يا أبا هريرة ، وسمعت خضخضة الماء ، فاغتسلت فلبست درعها ، وعجلت عن خمارها ، ففتحت الباب ، ثم قالت : يا أبا هريرة أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله فرجعت إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأنا أبكي من الفرح ، فحمد الله وقال خيرا . رواه مسلم .

التالي السابق


5895 - ( وعن أبي هريرة قال : كنت أدعو أمي إلى الإسلام وهي مشركة ) ، حال مؤكدة ، أو المراد بها أنها مستمرة على الشرك ( فدعوتها يوما ) أي : إلى الإسلام ومتابعة سيد الأنام ( فأسمعتني في رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ) أي : في حقه وشأنه ( ما أكره ) أي : شيئا أكرهه من الكلام ، أو أكره ذكره بين الأنام ، ( فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم - أبكي ) أي : من الحزن والغبن ، حيث لم أقدر على تأديبها لكونها أمي . ( قلت ) : وفي نسخة فقلت : ( يا رسول الله ، ادع الله أن يهدي أم أبي هريرة ، فقال : اللهم اهد أم أبي هريرة . فخرجت مستبشرا ) أي : مسرورا منشرحا ( بدعوة النبي - صلى الله عليه وسلم - فلما صرت ) أي : واصلا ( إلى الباب ) أي : باب أمي ( فإذا هو ) أي : باب ( مجاف ) ، أي مردود ، ومنه الحديث : ( أجيفوا أبوابكم ) . أي ردوها كذا في النهاية . ( فسمعت أمي خشف قدمي ) : بالتثنية وفي نسخة بالإفراد أي :

[ ص: 3799 ] صوتهما ، وقيل : حركتهما وحسهما ، وهو بفتح الخاء وسكون الشين المعجمتين ويحرك على ما في القاموس ( فقالت : مكانك ) : بالنصب أي الزمه ( يا أبا هريرة وسمعت خضخضة الماء ) ، أي تحريكه ، وقيل : صوته ( فاغتسلت ولبست درعها ) بكسر الدال أي قميصها ( وعجلت ) : بكسر الجيم ( عن خمارها ) ، أي : تركت خمارها من العجلة يقال : عجلت عنه تركته ، والمعنى أنها بادرت إلى فتح الباب بعد لبسها الثياب قبل أن تلبس خمارها ، وهذا معنى ما قال الطيبي : عجلت الفتح متجاوزة عن خمارها ( ففتحت الباب ) ، أي بعد ما وقع عليها النقاب ورفع عنها الحجاب ( ثم قالت : يا أبا هريرة أشهد أن لا إله إلا الله ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ، فرجعت إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأنا أبكي من الفرح ، فحمد الله وقال خيرا ) . أي قولا خيرا ، أو كلاما يتضمن خيرا ، أو التقدير : وصلت يا أبا هريرة خيرا بإسلام أمك . ( رواه مسلم ) .




الخدمات العلمية