الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
824 - وعن أنس رضي الله عنه ، أن النبي صلى الله عليه وسلم وأبا بكر وعمر ، رضي الله عنهم ، كانوا يفتتحون الصلاة بـ الحمد لله رب العالمين ، رواه مسلم .

التالي السابق


824 - ( وعن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم ، وأبا بكر ، وعمر ، كانوا يفتتحون الصلاة بـ " الحمد لله رب العالمين ) : معناه أنهم يسرون بالبسملة كما يسرون بالتعوذ ، ثم يجهرون بـ " الحمد لله " ، وفي شرح السنة : أول الشافعي الحديث بأن معناه كانوا يبتدئون الصلاة بقراءة الفاتحة قبل السورة ، وليس معناه أنهم كانوا لا يقرءون بسم الله الرحمن الرحيم كما يقال : قرأت البقرة ، وفي أخرى له : فكانوا يستفتحون بـ " الحمد لله رب العالمين " لا يذكرون بسم الله الرحمن الرحيم في أول قراءته ، ولا في آخرها ، وزاد ابن حجر بينه ما صح عن أنس نفسه كما قاله الدارقطني والحاكم وغيرهما ، أنه كان يجهر بالبسملة ، ويقول : لا آلو أن أقتدي بصلاة النبي صلى الله عليه وسلم ، قلت : هو على فرض صحته معارض بما هو أصح ، فلا يلتفت إليه أو محمول على تلونه واضطرابه ، فإنه صح عنه بعبارات مختلفة المعاني ، ومن جملتها أنه قال : كبرت ونسيت ، وأنه سئل أكان النبي صلى الله عليه وسلم يستفتح الصلاة بـ ( الحمد لله رب العالمين ) أو بـ ( بسم الله الرحمن الرحيم ) ، فقال : إنك لتسألني عن شيء ما أحفظه وما سألني عنه أحد قبلك ، وعلى تقدير ثبوت الجهر يحمل على بيان الجواز أو على الإعلام تعليما كما في سماع القراءة أحيانا في الصلاة السرية ، ويرد هذا التأويل ما أخرجه مسلم عن أنس بلفظه أيضا : صليت خلف النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر وعثمان ، فلم أسمع أحدا منهم يقرأ بسم الله الرحمن الرحيم ، قال ابن الهمام : لم يرد نفي القراءة ، بل السماع للإخفاء بدليل ما صرح به عنه ، فكانوا لا يجهرون ببسم الله الرحمن الرحيم ، رواه أحمد والنسائي بإسناد على شرط الصحيح ، وأغرب ابن حجر بقوله : أنه معارض بما رواه الترمذي ، عن ابن عباس : كان النبي صلى الله عليه وسلم يفتتح الصلاة ببسم الله الرحمن الرحيم اهـ ، فإنه غير معارض له إذ المراد بالإثبات إخفاؤها ، وبالنفي جهرها ، وعلى تقدير التنزيل في إقامة المعارضة كيف تعارض رواية الترمذي التي لم يعرف صحتها حديث الشيخين وغيرهما ، وقد قال ابن الجوزي : لم يصح عنه عليه السلام في الجهر شيء ، وأما ما أجاب بعض الشافعية عن روايتي مسلم بأن كلا منهما رواية للفظ الأول [ ص: 686 ] بالمعنى الذي عبر عنه الراوي بما ذكر بحسب فهمه ، ولو بلغ الغير بلفظه كما في البخاري لأصاب فهو طعن في غير محله ، فإنه لو انفتح هذا الباب انسد باب الخطاب ، ثم يقال : من أين لك أن رواة البخاري نقلوا باللفظ ، ورواة طريق مسلم نقلوا بالمعنى ، مع أن الإسنادين أقوى من إسناد واحد ، وزيادة الثقة مقبولة إجماعا فتأمل فإنه محل زلل ( رواه مسلم ) .

قال ميرك : حديث أنس هنا أخرجه البخاري في باب : ما يقول بعد التكبير بهذا اللفظ بلا تفاوت حرف ، فالأولى للمصنف أن يقول في آخره متفق عليه واللفظ للبخاري تأمل اهـ ، وقال ابن حجر : رواه مسلم ، وكذلك البخاري ولفظه عنه : كان النبي صلى الله عليه وسلم ، وأبو بكر ، وعمر يفتتحون الصلاة بـ ( الحمد لله رب العالمين ) اهـ ، فكان حقه أن يقول : متفق عليه ، ولفظه لمسلم ، بل لم يكن حاجة إلى قوله : ولفظه لمسلم ؛ لأن مثل هذا الخلاف لا يخرجه عن حيز الاتفاق ، وإنما يذكر الاختلاف اللفظي إذا كان هناك اختلاف معنوي في الجملة .




الخدمات العلمية