الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 836 ] 1058 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة " . رواه مسلم .

التالي السابق


1058 - ( وعن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إذا أقيمت الصلاة ) أي : نادى المؤذن بالإقامة ، وفيه إقامة المسبب مقام السبب ، قاله ابن الملك . ( فلا صلاة ) أي : كاملة ( إلا المكتوبة ) : بالرفع ، وقيل بالنصب ، أي تلك المكتوبة قاله ابن حجر . ويمكن أن يكون على إطلاقها ليشمل الفائتة لصاحب الترتيب ، قال المظهر ، أي : إذا أقام المؤذن لا يجوز أن يصلي سنة الفجر ، بل يوافق الإمام في الفرضية وبه قال الشافعي ، وقال أبو حنيفة : لو علم المصلي أنه لو اشتغل بسنة الفجر أدرك الإمام في الركعة الأولى أو الثانية صلى سنة الفجر أولا ، ثم يدخل مع الإمام ، وقال ابن الملك : سنة الفجر مخصوصة من هذا بقوله عليه السلام : " صلوها وإن طردتكم الخيل " . فقلنا : يصلي سنة الفجر ما لم يخش فوت الركعة الثانية ، ويتركها حين خشي عملا بالدليلين اهـ . وحديثه رواه أبو داود بلفظ : " لا تدعوها وإن طردتكم الخيل " .

قال ابن الهمام : سنة الفجر أقوى السنن ، حتى روى الحسن عن أبي حنيفة : لو صلاها قاعدا من غير عذر لا يجوز ، وقالوا : العالم إذا صار مرجعا للفتوى جاز له ترك سائر السنن لحاجة الناس إلا سنة الفجر ; لأنها أقوى السنن ، والحاصل أنه إذا أمكن الجمع بين الفضيلتين ارتكب ، والأرجحفضيلة الفرض بجماعة أعظم من فضيلة ركعتي الفجر ; لأنها تفضل الفرض منفردا بسبعة وعشرين ضعفا ، لا تبلغ ركعتا الفجر ضعفا واحدا منها ; لأنها أضعاف الفرض ، والوعيد على ترك الجماعة ألزم منه على ركعتي الفجر ، قال : ولو كان يرجو إدراكه في التشهد ، قيل : هو كإدراك الركعة عندها ، وعلى قول محمد : لا اعتبار به كما في الجمعة ، والوجه اتفاقهم على صلاة الركعتين هنا ، وما روي عن الفقيه إسماعيل الزاهد : أنه ينبغي أن يشرع في ركعتي الفجر ثم يقطعهما ، فيجب القضاء فيتمكن من القضاء بعد الصلاة ، دفعه الإمام السرخسي بأن ما وجب بالشروع ليس أقوى مما وجب بالنذر ، ونص محمد أن المنذور لا يؤدى بعد الفجر قبل الطلوع ، وأيضا هو شروع في العبادة بقصد الإفساد ، فإن قيل : ليؤديها مرة أخرى . قلنا : إبطال العمل قصدا منهي ، ودرء المفسدة مقدم على جلب المصلحة . ( رواه مسلم ) .




الخدمات العلمية