الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 1119 ] 1521 - وعن ابن عمر - رضي الله عنهما - : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا سمع صوت الرعد والصواعق قال : " اللهم لا تقتلنا بغضبك ، ولا تهلكنا بعذابك ، وعافنا قبل ذلك " رواه . أحمد ، والترمذي وقال : هذا حديث غريب .

التالي السابق


1521 - ( وعن ابن عمر : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا سمع صوت الرعد ) : بإضافة العام إلى الخاص للبيان ، فالرعد هو الصوت الذي يسمع من السحاب كذا قاله ابن الملك ، والصحيح أن الرعد ملك موكل بالسحاب ، وقد نقل الشافعي ، عن الثقة ، عن مجاهد : أن الرعد ملك والبرق أجنحته يسوق السحاب بها ، ثم قال : وما أشبه ما قاله بظاهر القرآن . قال بعضهم : وعليه فيكون المسموع صوته أو صوت سوقه على اختلاف فيه ، ونقل البغوي عن أكثر المفسرين : أن الرعد ملك يسوق السحاب ، والمسموع تسبيحه . وعن ابن عباس : أن الرعد ملك موكل بالسحاب ، وأنه يحرز الماء في نقرة إبهامه ، وأنه يسبح الله فلا يبقى ملك في السماء إلا سبح ، فعند ذلك ينزل المطر ، وروي : أنه - صلى الله عليه وسلم - قال : " بعث الله السحاب فنطقت أحسن النطق ، وضحكت أحسن الضحك ، فالرعد نطقها ، والبرق ضحكها " . وقيل : البرق لمعان سوط الرعد يزجر به السحاب ، وأما قول الفلاسفة أن الرعد صوت اصطكاك أجرام السحاب ، والبرق ما يقدح من اصطكاكها ، فهو من حزرهم وتخمينهم فلا يعول عليه . ( والصواعق ) : بالنصب ، فيكون التقدير وأحس الصواعق من باب .


علفتها تبنا وماء باردا



أو أطلق السمع ، وأريد به الحس من باب إطلاق الجزء وإرادة الكل ، وفي نسخة بالجر عطفا على الرعد ، وهو إنما يصح على بعض الأقوال في تفسير الصاعقة . قال بعضهم : قيل : هي نار تسقط من السماء في رعد شديد ، فعلى هذا لا يصح عنه على شيء مما قبله ، وقيل : الصاعقة صيحة العذاب أيضا ، وتطلق على صوت شديد غاية الشدة يسمع من الرعد ، وعلى هذا يصح عطفه على صوت الرعد أي : صوت السحاب ، فالمراد بالرعد السحاب بقرينة إضافة الصوت إليه ، أو الرعد صوت السحاب ففيه تجريد . وقال الطيبـي : هي قعقعة رعد ينقض معها قطعة من نار ، يقال : صعقته الصاعقة إذا أهلكته فصعق أي : مات إما لشدة الصوت ، وإما بالإحراق . ( قال : " اللهم لا تقتلنا بغضبك ، ولا تهلكنا بعذابك ) : الغضب استعارة ، والمشبه به الحالة التي تعرض للملك عند انفعاله وغليان دمه ، ثم الانتقام من المغضوب عليه ، وأكبر ما ينتقم به القتل ; فلذلك ذكره ، ورشح الاستعارة به عرفا ، وأما الإهلاك والعذاب فجاريان على الحقيقة في حق الله تعالى . ( وعافنا ) أي : أمتنا بالعافية . ( قبل ذلك ) أي : قبل نزول عذابك .

( رواه أحمد ، والترمذي ، وقال : هذا حديث غريب ) قال ميرك نقلا عن التصحيح : ورواه النسائي في اليوم والليلة ، والحاكم وإسناده جيد ، وله طرق .




الخدمات العلمية