الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
1595 - وعن أبي هريرة قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " من مات مريضا مات شهيدا ، أو وقي فتنة القبر وغدي ، وريح عليه برزقه من الجنة . رواه ابن ماجه ، والبيهقي في شعب الإيمان .

التالي السابق


1595 - ( وعن أبي هريرة قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من مات مريضا مات شهيدا ، أو وقي ) أي : حفظ . ( فتنة القبر ) أي : عذابه ، هكذا وقع مريضا في النسخ المقروءة ، ووقع في بعض النسخ المغيرة غريبا بدل مريضا ، لكن وقع في صحيح ابن ماجه : مرابطا مات شهيدا ، قال ابن حجر : ونزاع ابن الجوزي فيه وقوله صوابه من مات مرابطا مردود ، وكذا قول غيره ، والمراد المريض بوجع البطن ليوافق الأحاديث المارة في المبطون ، ووجه رد هذا أن فيه تخصيصا بالوهم ; إذ لم يتواردا على شيء واحد حتى يدعى تعارض أو تخصيص ، وإنما حديث المبطون خاص ، وحديث من مات مريضا مات شهيدا عام ، ثم ذكر : أن القرطبي قال : هذا عام في جميع الأمراض ، لكن يقيد بالحديث الآخر من قتله بطنه لم يعذب في قبره . أخرجه النسائي وغيره ، والمراد به الاستسقاء ، وقيل : الإسهال والحكمة في ذلك أنه يموت حاضر العقل ، عارفا بالله ، فلم يحتج إلى إعادة السؤال عليه ، بخلاف من يموت بسائر الأمراض ، فإنهم تغيب عقولهم . قلت : لا حاجة إلى شيء من هذا التقييد ; فإن الحديث غلط فيه الراوي باتفاق الحفاظ ، وإنما هو من مات مرابطا ، لا من مات مريضا ، وقد أورده ابن الجوزي في الموضوعات لأجل ذلك اهـ .

[ ص: 1155 ] فقول ابن حجر مردود . ( وغدي ) بمعجمة ثم مهملة على بناء المفعول من الغدوة . ( وريح ) من الرواح . ( عليه ) حال . ( برزقه ) نائب الفاعل أي : جيء له برزقه حال كونه نازلا عليه . ( من الجنة ) إشارة إلى قوله تعالى : بل أحياء عند ربهم يرزقون ، وقوله - عز وجل - : ولهم رزقهم فيها بكرة وعشيا ، فإن الغدوة والبكرة أول النهار ، والرواح والعشي آخره ، والمراد بهما الدوام كما قال الله تعالى : أكلها دائم ، ويمكن أن يكون للوقتين المخصوصين رزق خاص لهم ، ثم المراد بالرزق هنا حقيقته لعدم استحالته ، وقد جاء في الأحاديث أن من المؤمنين من روحه في خيام أو قناديل وأجواف طيور خضر ، ونحوها خارجها أو تحت العرش ، ومنهم من روحه على شكل طائر تعلق في شجرها ، وتأكل من ثمرها كيف شاءت . ( رواه ابن ماجه ، والبيهقي في شعب الإيمان ) .




الخدمات العلمية