الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
2224 - وعنه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " nindex.php?page=hadith&LINKID=10360289nindex.php?page=treesubj&link=33177اللهم إني اتخذت عندك عهدا لن تخلفنيه ، فإنما أنا بشر ، فأي المؤمنين آذيته شتمته ، لعنته ، جلدته ، فاجعلها له صلاة وزكاة وقربة تقربه بها إليك يوم القيامة " ( متفق عليه ) .
2224 - ( وعنه ) : أي : عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة ( قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " اللهم إني اتخذت عندك عهدا " : أي : أخذت منك وعدا أو أمانا ( لن تخلفنيه ) : من الإخلاف ؛ لأن الكريم لا يخلف وعده ، قيل أصل الكلام إني طلبت منك حاجة أسعفني بها ولا تخيبني فيها ، فوضع العهد موضع الحاجة مبالغة في كونها مقضية ، ووضع لن تخلفنيه موضع لا تخيبني ، وقيل : موضع العهد موضع الوعد مبالغة وإشعارا بأنه وعد ، لا يتطرق إليه الخلف [ ص: 1524 ] كالعهد ، ولذلك استعمل فيه الخلف لا النقض لزيادة التأكيد ، وقيل : أراد بالعهد الأمان أي : أسألك أمانا لن تجعله خلاف ما أترقبه وأرتجيه ، أي : لا تردني به فإن nindex.php?page=treesubj&link=33177دعاء الأنبياء لا يرد ، ووضع الاتخاذ موضع السؤال تحقيقا للرجاء بأنه حاصل ، أو كان موعودا بإجابة الدعاء ، أحل المسئول المعهود محل الشيء الموعود ، ثم أشار إلى أن وعد الله لا يتأتى فيه الخلف بقوله : لن تخلفنيه ، ( فإنما أنا بشر ) : أي : مثلهم ، وورد في رواية : أغضب كما يغضب البشر تمهيدا لمعذرته فيما يندر عنه من ضرب أو شتم ، فإن الغضب المؤدي إلى ذلك من لوازم البشرية . قال ابن الملك : إشارة إلى ظلومية البشر وجهوليته اهـ .
والحاصل أنه يتضرع إلى الله أنه ، لا يكله إلى نفسه ، كما ورد عنه : " nindex.php?page=hadith&LINKID=10360290اللهم لا تكلني إلى نفسي طرفة عين ، ولا أقل من ذلك ، فإنك إن تكلني إلى نفسي تكلني إلى ضعف وعورة وذنب وخطيئة " ثم يطلب من مولاه أنه إن صدر عنه شيء مما لا يليق منه بمقتضى البشرية أن يتداركه بالعفو والمغفرة ، وأن يعوض من خصمائه بأنواع القربة ( فأي المؤمنين ) : بيان وتفصيل ، لما كان يلتمسه - صلى الله عليه وسلم - بقوله : اتخذت عندك عهدا ( آذيته ) : أي : بأي نوع من أنواع الأذى ( شتمته ) : بيان لقوله : آذيته ، ولذا لم يعطف ( لعنته ) : أي : سببته ( جلدته ) : أي : ضربته . قال الطيبي : ذكر هذه الأمور على سبيل التعداد بلا تنسيق ، وقابلها بأنواع الألطاف متناسقة ليجمعها كل واحد من تلك الأمور ، وليس من باب اللف ( فاجعلها ) : أي : تلك الأذية التي صدرت بمقتضى ضعف البشرية له أي : لمن آذيته من المؤمنين ( صلاة ) أي : رحمة وتلطفا وإكراما وتعظيما وتعطفا ، توصله إلى المقامات العلية ، ( وزكاة ) : أي : طهارة من الذنوب ، والمعائب ، ونماء بركة في الأعمال والمناقب ( وقربة تقربه ) : أي : تجعل ذلك المؤمن مقربا ( بها ) : أي : لتلك القربة ، أو كل واحدة من الصلاة وأختيها ( إليك يوم القيامة ) . وقال ابن الملك : جملة تقربه بها صفة لكل واحدة من الصلاة ، وأختيه أي : تقربه بتلك الأذية ، روي أنه - صلى الله عليه وسلم - خرج يوما من حجرته إلى الصلاة ، فتعلقت به عائشة ، والتمست منه شيئا ، وألحت عليه في ذلك وجذبت ذيله فقال لها : " قطع الله يدك " فتركته ، وجلست في حجرتها مغضبة ضيقة الصدر ، فلما رجع إليها ورآها كذلك قال : " اللهم إن لي عندك عهدا " إلخ . تطييبا لقلبها ، nindex.php?page=treesubj&link=33175_19746_24261فالسنة لمن دعا على أحد أن يدعو له جبرا لفعله . ( متفق عليه ) .