الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
2580 - وعن عبيد بن عمير - رضي الله عنه ، أن ابن عمر كان يزاحم على الركنين زحاما ما رأيت أحدا من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يزاحم عليه . قال : إن أفعل ، فإني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : " إن مسحهما كفارة للخطايا " وسمعته يقول : " من طاف بهذا البيت أسبوعا ، فأحصاه كان كعتق رقبة " وسمعته يقول : " لا يضع قدما ولا يرفع أخرى إلا أحط الله عنه بها خطيئة وكتب له حسنة " . رواه الترمذي .

التالي السابق


2580 - ( وعن عبيد بن عمير ) : بالتصغير فيهما . قال المؤلف : يكنى أبا عاصم الليثي الحجازي قاضي أهل مكة ، ولد في زمن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ويقال : رآه وهو معدود في كبار التابعين ، سمع جماعة من الصحابة ، وروى عنه نفر من التابعين ، ومات قبل ابن عمر . أن ابن عمر كان يزاحم ) : أي : يغالب الناس ( على الركنين زحاما ) : أي : غير مؤذ وقال الطيبي - رحمه الله : أي : زحاما عظيما ، وهو يحتمل أن يكون في جميع الأشواط ، أو في أوله ، وأخره ، فإنهما آكد أحوالها ، وقد قال الشافعي في " الأم " : ولا أحب الزحام في الاستلام إلا في بدء الطواف ، وآخره ، لكن المراد ازدحام لا يحصل فيه أذى للأنام ، لقوله - عليه الصلاة والسلام - لعمر : إنك رجل قوي لا تزاحم على الحجر فتؤذي الضعيف ، إن وجدت خلوة فاستلمه وإلا فاستقبله ، وهلل ، وكبر " . رواه الشافعي ، وأحمد . ( ما رأيت أحدا من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يزاحم عليه " : أي : على ما ذكر ، أو على كل واحد ، وقد جاء أنه ربما دمي أنفه من شدة تزاحمه ، وكأنهم تركوه لما يترتب عليه من الأذى ، فالاقتداء بفعلهم سيما في هذا الزمان أولى .

( قال ) : ابن عمر استدلالا لفعله ، وقال الطيبي - رحمه الله : أي : اعتذارا ، ولا يخفى ( إن أفعل ) : أي : هذا الزحام فلا ألام ، فإن شرطية ، والجزاء مقدر ، ودليل الجواب قوله : ( فإني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : " إن مسحهما ) : أي : لمسهما ( كفارة للخطايا ) : أي : من الصغائر . ( وسمعته ) : أي : رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أيضا ، وأبعد ابن حجر حيث قال : قال الراوي : سمعت ابن عمر يقول : فيلزم أن يكون الحديث الثاني ، والثالث موقوفين ، على أنهما في حكم المرفوع ؛ فتدبر . ( يقول : من طاف هذا البيت أسبوعا ) : أي : سبعة أشواط كما في رواية ( فأحصاه " ) : بأن يكمله ، ويراعي ما يعتبر في الطواف من الشروط ، والآداب ، وفي المصابيح : يحصيه أي : يعده ، وقال المظهر : أي : سبعة أيام متوالية بحيث يعدها ، ولا يترك بين الأيام السبعة يوما اهـ . وهو غير مفهوم من الحديث كما لا يخفى ( وكان كعتق رقبة ، وسمعته ) : أي : أيضا ( يقول : " لا يضع ) : أي : الطائف . ( قدما ولا يرفع أخرى ) : الظاهر لا يرفعها ، فكأنه عد أخرى باختلاف وصف الوضع ، والرفع ، والتقدير : لا يضع قدما مرة ولا يرفع قدما مرة أخرى ( إلا حط الله ) : أي : وضع ، ومحا ( عنه بها ) : أي : بكل قدم ، أو بكل مرة من الوضع ، والرفع ( خطيئة ، وكتب له بها حسنة ) : ويحتمل أن يكون لفا ونشرا ، فبوضع القدم وضع السيئة ، وبرفعها إثبات الحسنة المقتضية لرفع درجة في الجنة ، ثم هذا الأجر والثواب إنما يحصل لمن قام بالآداب ، وأما ما يفعله العوام من الزحام المشتمل على أذى الأنام كالمدافعة ، والمسابقة في هذه الأيام ، فهو موجب لزيادة الآثام ( رواه الترمذي ) . [ ص: 1792 ]



الخدمات العلمية