الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
3431 - وعن أنس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - رأى شيخا يهادى بين ابنيه ، فقال : " ما بال هذا ؟ " قالوا : نذر أن يمشي . قال : " إن الله تعالى عن تعذيب هذا نفسه لغني " . وأمره أن يركب . متفق عليه .

التالي السابق


3431 - ( وعن أنس - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - رأى شيخا ) أي : رجلا كبيرا ( يهادى ) : بصيغة المجهول ( بين ابنيه ) قال : يمشي بين ولديه معتمدا عليهما من ضعف به كما صرح به التوربشتي وغيره ، ( فقال : " ما بال هذا ؟ " ) أي : حال هذا الشيخ ( قالوا : نذر أن يمشي ) أي : إلى البيت الحرام ( قال : " إن الله تعالى عن تعذيب هذا نفسه ) : نصب على المفعولية ( " لغني وأمره أن يركب ) أي : لعجزه عن المشي ، قال ابن الملك : عمل بظاهره الشافعي ، وقال أبو حنيفة : وهو أحد قولي الشافعي : عليه دم ; لأنه أدخل نقصا بعد التزامه . قال المظهر : اختلفوا فيمن نذر بأن يمشي إلى بيت الله ، فقال الشافعي : يمشي إن أطاق المشي ، فإن عجز أراق دما وركب ، وقال أصحاب أبي حنيفة رحمهم تعالى : يركب ويريق دما سواء أطاق المشي أو لم يطقه اهـ .

وقال علماؤنا : إن قال : علي المشي إلى بيت الله ، فعليه حجة أو عمرة ماشيا والبيان إليه ، ولو قال : علي المشي إلى الحرم أو إلى المسجد الحرام لا شيء عليه عند أبي حنيفة ، وعندهما يلزمه حجة أو عمرة وقيل في زمن أبي حنيفة لم يجر العرف بلفظ المشي إلى الحرم والمسجد ، بخلاف زمانهما ، فيكون اختلاف زمان لا اختلاف برهان ، ولو قال : علي الذهاب إلى بيت الله تعالى لا يصح بالإجماع ، ومن جعل على نفسه أن يحج ماشيا فإنه لا يركب حتى يطوف طواف الزيارة ، وإن جعل عمرة حتى يحلق ، وفي الأصل خير بين الركوب والمشي ، وفي الجامع الصغير : أشار إلى وجوب المشي ، وهو الظاهر والصحيح ، وحملوا رواية الأصل على من شق عليه المشي ، ثم اختلفوا في محل ابتداء المشي فقيل : يبتدئ من الميقات ، وقيل : حيث أحرم ، وعليه الإمام فخر الإسلام رحمه الله والعتابي وغيرهما ، وقيل من بيته ، وعليه شمس الأئمة السرخسي ، وصاحب الهداية ، وصححه قاضيخان ، والزيلعي ، وابن الهمام ; لأنه المراد عرفا ، ولو أحرم من بيته فبالاتفاق على أنه يمشي من بيته ، ثم لو ركب في كل الطريق أو أكثر بعذر أو بلا عذر لزمه دم ; لأنه ترك واجبا يخرج عن العهد ، وإن ركب في الأقل تصدق بقدره من قيمة الشاة . ( متفق عليه ) .




الخدمات العلمية