الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
3567 - وعن يزيد بن نعيم ، عن أبيه ، أن ماعزا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فأقر عنده أربع مرات ، فأمر برجمه وقال لهزال : ( لو سترته بثوبك كان خيرا لك ) قال ابن المنكدر : إن هزالا أمر ماعزا أن يأتي النبي صلى الله عليه وسلم فيخبره . رواه أبو داود .

التالي السابق


3567 - ( وعن يزيد بن نعيم ) : بالتصغير ( عن أبيه ) : أي هزال الأسلمي يكنى أبا نعيم ، روى عنه ابنه نعيم ، ومحمد بن المنكدر ( أن ماعزا أتى النبي صلى الله عليه وسلم ، فأقر عنده أربع مرات ) ، أي في أربعة مجالس ( فأمر برجمه ) : أي فرجم ( وقال ) : أي النبي صلى الله تعالى عليه وسلم ( لهزال ) : بتشديد الزاي مبالغة هازل ( لو سترته بثوبك كان خيرا لك قال ) : وفي نسخة وقال ( ابن المنكدر : إن هزالا أمر ماعزا أن يأتي النبي صلى الله عليه وسلم فيخبره ) . وذلك أن هزالا كان له مولاة اسمها فاطمة وقع عليها ماعز ، فعلم به هزال فأشار إليه بالمجيء إلى النبي صلى الله تعالى عليه وسلم يريد به السوء والهوان قصاصا لفعله بمولاته كذا قيل ، والأظهر أنه كان ذلك نصيحة له من هزال على ما سيروى في الحديث الثاني من الفصل الثالث . ( رواهأبو داود ) .

قال ابن الهمام : أخرج البخاري ، عن أبي هريرة مرفوعا ( من نفس عن مسلم كربة من كرب الدنيا نفس الله عنه كربة من كرب الآخرة ، ومن ستر مسلما ستره الله في الدنيا والآخرة والله في عون العبد ما دام العبد في عون أخيه ) . وأخرج أبو داود والنسائي ، عن عقبة بن عامر عنه عليه الصلاة والسلام قال : ( من رأى أي عورة فسترها كان كما أحيا موءودة ) ، فإذا كان الستر مندوبا إليه ينبغي أن تكون الشهادة به خلاف الأولى التي مرجعها إلى كراهة التنزيه ؛ لأنها في رتبة الندب في جانب الفعل ، وكراهة التنزيه في جانب الترك ، وهذا يجب أن يكون بالنسبة إلى من لم يعتد الزنا ولم يتهتك به ، أما إذا وصل الحال إلى إشاعته والتهتك به ، بل بعضهم ربما افتخر به ، فيجب كون الشهادة به أولى من تركها ; لأن مطلوب الشارع إخلاء الأرض من المعاصي والفواحش بالخطابات المفيدة لذلك ، وذلك يتحقق بالتوبة من الفاعلين وبالزجر لهم فإذا ظهر الشره في الزنا مثلا والشرب وعدم المبالاة به وإشاعته وإخلاء الأرض المطلوب حينئذ بالتوبة احتمال يقابله ظهور عدمها ، مما اتصف بذلك فيجب تحقق السبب الآخر للإخلاء ، وهو الحدود بخلاف من زل مرة أو مرارا مستترا متخوفا متندما عليه ، فإنه محل استحباب ستر الشاهد ، وقوله عليه الصلاة والسلام لهزال في ماعز : ( لو كنت سترته بثوبك ) الحديث ، كان في مثل من ذكرنا ، والله تعالى أعلم .

[ ص: 2343 ]



الخدمات العلمية