الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
4117 - وعن ابن عمر - رضي الله عنهما - أنه سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول : " اقتلوا الحيات ، واقتلوا ذا الطفيتين والأبتر فإنهما يطمسان البصر ، ويستسقطان الحبل " قال عبد الله : فبينا أنا أطارد حية أقتلها ، ناداني أبو لبابة : لا تقتلها . فقلت : إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمر بقتل الحيات . فقال : إنه نهى بعد ذلك عن ذوات البيوت ، وهن العوامر . متفق عليه .

التالي السابق


4117 - ( وعن ابن عمر - رضي الله عنهما - أنه سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول : اقتلوا الحيات ) أي : كلها عموما ( واقتلوا ) أي : خصوصا ( ذا الطفيتين ) : بضم الطاء المهملة وسكون الفاء ، وفي نسخة بفتح الفاء والتحتية المشددة على صيغة التصغير ، أي : صاحبهما وهي حية خبيثة على ظهرها خطان أسودان كالطفيتين ، والطفية بالضم على ما في القاموس خوصة المقل والخواص بالضم ورق النخل الواحدة بهاء ، والمقل بالضم صمغ شجرة ، وفي النهاية : الطفية خوصة المقل شبه به الخطان اللذان على ظهر الحية في قوله : ( ذا الطفيتين ) . ( والأبتر ) : بالنصب عطفا على ذا قيل : هو الذي يشبه المقطوع الذنب لقصر ذنبه ، وهو من أخبث ما يكون من الحيات . ( فإنما يطمسان ) : بفتح الياء وكسر الميم أي : يعميان ( البصر ) أي : بمجرد النظر إليهما لخاصية السمية في بصرهما ( ويستسقطان ) : من باب الاستفعال للمبالغة أي : ويسقطان ( الحبل ) : بفتحتين أي الجنين عند النظر إليهما بالخاصة السمية ، أو من الخوف الناشئ منهما لبعض الأشخاص . قال القاضي وغيره : جعل ما يفعلان بالخاصة كالذي يفعل بقصد وطلب ، وفي خواص الحيوان عجائب لا تنكر ، وقد ذكر في خواص الأفعى أن الحبل يسقط عند مرافقة النظرين ، وفي خواص بعض الحيات أن رؤيتها تعمي ، ومن الحيات نوع يسمى الناظور متى وقع نظره على إنسان مات من ساعته ، ونوع آخر إذا سمع الإنسان صوته مات . قال النووي قوله : يطمسان البصر أي يخطفانه لمجرد نظرهما إليه بخاصية جعلها الله تعالى في بصرهما إذا وقع على بصر الإنسان ، ويؤيد هذه الرواية الأخرى لمسلم : يخطفان ، قال العلماء : وفي الحيات نوع يسمى الناظر إذا وقع نظره على عين الإنسان مات من ساعته .

( قال عبد الله ) أي : ابن عمر - رضي الله تعالى عنهما - بقرينة تقدم ذكره وإلا فاصطلاح المحدثين على أنه إذا أطلق عبد الله فهو ابن مسعود أي : قال الراوي عن ابن عمر قال عبد الله : ( فبينا أنا أطارد ) : من باب المفاعلة [ ص: 2669 ] للمغالبة أو المبالغة أي : أطرد ( حية ) : وأتبعها لألحقها ( أقتلها ) أي : حال كوني أريد قتلها ( ناداني أبو لبابة ) : بضم اللام صحابي مشهور ( لا تقتلها ) : أي قال : لا تقتلها أو بقوله : لا تقتلها . وفي نسخة : لم تقتلها ؟ أي : لأي شيء تريد قتلها ؟ ( فقلت : إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمر بقتل الحيات ) أي : جميعها ( فقال : إنه نهى بعد ذلك عن ذوات البيوت ) : بضم الباء وكسرها أي : صواحبها لملازمتها ( وهن ) أي : ذوات البيوت ( العوامر ) أي : للبيوت حيث تسكنها ولم تفارقها . واحدتها عامرة ، وقيل سميت بها لطول عمرها كذا في النهاية : وقال التوربشتي : عمار البيوت وعوامرها سكانها من الجن . ( متفق عليه ) : ورواه أحمد ، وأبو داود ، والنسائي ، وابن ماجه .

وروى الطبراني ، عن ابن عباس - رضي الله عنهما - مرفوعا ( اقتلوا الحية والعقرب وإن كنتم في الصلاة ) . وروى أبو داود ، والترمذي ، وابن حبان ، والحاكم ، عن أبي هريرة - رضي الله عنهم - مرفوعا ( اقتلوا الأسودين في الصلاة الحية والعقرب ) . وروى الخطيب ، عن ابن مسعود : من قتل حية أو عقربا فكأنما قتل كافرا . وروى أحمد عن ابن مسعود : من قتل حية فكأنما قتل رجلا مشركا قد حل دمه . وروى أبو داود ، والنسائي ، عن ابن مسعود . والطبراني عن جرير وعن عثمان بن أبي العاص مرفوعا : ( اقتلوا الحيات كلهن فمن خاف ثأرهن فليس مني ) . والظاهر أن هذه الأحاديث مطلقة محمولة على ما عدا سواكن البيوت لما سبق من الحديث ولما يليه ، وهو قوله .




الخدمات العلمية