الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
4221 - وعن أبي أسيد الأنصاري - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم : " كلوا الزيت وادهنوا به ; فإنه من شجرة مباركة " . رواه الترمذي ، وابن ماجه ، والدارمي .

التالي السابق


4221 - ( وعن أبي أسيد الأنصاري - رضي الله تعالى عنه ) : بضم الهمزة وفتح السين وسكون الياء ، كذا في جامع الأصول ، وفي نسخة بفتح فكسر . قال ابن حجر في شرح الشمائل : بفتح فكسر لا ضم ففتح خلافا لمن زعمه ، وفي المغني : أبو أسيد الساعدي كنية مالك بن ربيعة ، آخر من مات من البدريين ، وقيل بفتح همزة فمكسورة والصواب التصغير ، وهو والد المنذر ، وقال العسقلاني في التبصير : أسيد بفتح الهمزة وكسر السين كعير وبالضم أبو أسيد الساعدي ، وقال المؤلف : هو مشهور بكنيته ، شهد المشاهد كلها ، وروى عنه خلق كثير ، مات سنة ستين وله ثمان وسبعون سنة بعد أن كف بصره ، وأسيد بضم الهمزة وفتح السين المهملة وسكون الياء اهـ . وليس في أسماء رجاله غيره ، لكن قال في الإكمال : أبو أسيد هذا بفتح الهمزة وكسر السين ، وقيل بضم الهمزة مصغرا ولا يصح ، وهو راوي حديث : " كلوا الزيت " . وقال العسقلاني في التقريب : أبو أسيد بن ثابت المدني الأنصاري ، قيل : اسمه عبد الله ، له حديث والصحيح فيه فتح الهمزة قاله الدارقطني اهـ .

فهذا الإطلاق أوقع الاشتباه حتى ما حصل للمؤلف أيضا الانتباه ، وحاصله أن المراد به هنا عبد الله بن ثابت ، وهو بفتح فكسر على الصحيح لا مالك بن ربيعة كما توهم ، وهو بضم ففتح على الصحيح . ( قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم : كلوا الزيت ) : أي مع الخبز واجعلوه إداما ، فلا يرد أن الزيت مائع فلا يكون تناوله أكلا ( وادهنوا به ) ، أمر من الادهان بتشديد الدال وهو استعمال الدهن ، فنزل منزلة اللازم .

وقال شارح : يقال ادهن رأسه على افتعل أي طلاه بالدهن ، وترك ذلك بنفسه وترك مفعوله في الحديث اهـ . ولا يخفى أنه لا يختص بالرأس ، ولا يشترط التولي بالنفس ، وأبعد الحنفي في شرح الشمائل حيث قال : إن الأمر للإباحة ، والصواب أنه للاستحباب لمن قدر عليه ، ويؤيده تعليله - صلى الله عليه وسلم - بقوله : ( فإنه ) أي الزيت يحصل ( من شجرة مباركة ) . يعني : زيتونة لا شرقية ولا غربية يكاد زيتها يضيء ولو لم تمسسه نار نور على نور ثم وصفها بالبركة لكثرة منافعها وانتفاع أهل الشام بها كذا قيل ، والأظهر لكونها تنبت في الأرض التي بارك الله فيها للعالمين ، قيل بارك فيها سبعون نبيا منهم : إبراهيم - عليه السلام - وغيرهم ، ويلزم من بركة هذه الشجرة بركة ثمرتها ، وهي الزيتون ، وبركة ما يخرج منها وهو الزيت ، وكيف لا وفيه التأدم والتدهن ، وهما نعمتان عظيمتان ، وفيه تسريج القناديل في المساجد الثلاثة ، فما أبركها زمانا ومكانا .

وقد روى الطبراني وأبو نعيم عن عقبة بن عامر مرفوعا : " عليكم بهذه الشجرة المباركة زيت الزيتون فتداووا به ، فإنه مصحة من الباسور " ، والباسور علة معروفة والجمع البواسير ، كذا في القاموس . ( رواه الترمذي ، وأبو داود ، وابن ماجه ) . وكذا أحمد ، والحاكم ، ورواه الترمذي عن عمر ، ورواه ابن ماجه ، والحاكم عن أبي هريرة ، ولفظه : " كلوا الزيت وادهنوا به ، فإنه طيب مبارك " . ورواه أبو نعيم في الطب عن أبي هريرة بلفظ : " كلوا الزيت وادهنوا به ، فإن فيه شفاء من سبعين داء منها الجذام " .




الخدمات العلمية