الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
4321 - وعن حذيفة - رضي الله عنه - قال : " نهانا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن نشرب في آنية الفضة والذهب وأن نأكل فيها ، وعن لبس الحرير والديباج ، وأن نجلس عليه " . متفق عليه .

التالي السابق


4321 - ( وعن حذيفة قال : نهانا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن نشرب في آنية الفضة والذهب وأن نأكل فيها ، وعن لبس الحرير والديباج ) : بكسر أوله ويفتح نوع منه مختص بهذا الاسم ، فتخصيصه لئلا يتوهم عدم دخوله ، فإن العبرة بالمسمى لا بالاسم كما سبق في الخمر ، ثم لما كان مؤداهما واحدا أفرد الضمير الراجع إلى الحرير في قوله : ( وأن نجلس عليه ) : أي نحن وغيرنا تبع لنا في جميع الأحكام ، وفي فتاوى قاضيخان : لبس الحرير المصمت حرام في الحرب وغيره ، وكما يكره في حق البالغ يكره لباس الصبيان الذكور أيضا ، ويكون الإثم على من ألبسهم . وقال أبو يوسف ومحمد : لا بأس للحرير في الحرب ، فإن كان الثوب سداه غير حرير ولحمته حرير يكره لبسه عندهم ، وجاز لبسه في الحرب ، أما ما كان سداه حريرا ولحمته غير حرير جاز لبسه في كل حال عندهم . وقال أبو حنيفة : لا بأس بافتراش الحرير والديباج والنوم عليهما ، وكذا الوسائد والمرافق والبسط والستور من الديباج والحرير إذا لم يكن فيها تماثيل ، وقال أبو يوسف ومحمد : يكره جميع ذلك اهـ . وحاصله أن النهي في الحديث محمول على التحريم عندهما وعنده على التنزيه ، كما أشار إليه بقوله : لا بأس ، فإن الورع من يدع ما لا بأس به مخافة أن يكون به بأس ، وهو معنى الحديث المشهور : " دع ما يريبك إلى ما لا يريبك " . وكأن الإمام أبا حنيفة ما حصل له دليل قطعي على كون نهيه للتحريم ، والنصوص في تحريم لبس الحرير لا تشمله ; لأن القعود على شيء لا يطلق عليه لبسه ، فلهذا حكم بالتنزيه ، وهذا من ورعه في الفتوى ، وأما عمله بالتقوى فمشهور لا يخفى ، ومذكور في مناقبه مما لا يحصى . ( متفق عليه ) .




الخدمات العلمية