الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
4629 - وعن عبد الله بن عمرو - رضي الله عنهما - nindex.php?page=hadith&LINKID=10364924أن nindex.php?page=treesubj&link=18129_18137_30572رجلا سأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أي الإسلام خير ؟ قال : " تطعم الطعام ، وتقرأ السلام على من عرفت ومن لم تعرف " . متفق عليه .
4629 - ( وعن عبد الله بن عمرو ) أي : ابن العاص ( أن رجلا سأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أي الإسلام ) أي : أي آداب الإسلام ، أو أي خصال أهله ( خير ؟ ) أي : أفضل ثوابا أو أكثر نفعا . قال الطيبي : السؤال وقع عما يتصل بحقوق الآدميين من الخصال دون غيرها بدليل أنه - صلى الله عليه وسلم - أجاب عنها دون غيرها من الخصال حيث ( قال : تطعم الطعام ) : إلخ وتقديره أن تطعم الطعام ، فلما حذف أن رجع الفعل مرفوعا كقوله تعالى nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=24ومن آياته يريكم البرق خوفا وطمعا ، وقول القائل : تسمع بالمعيدي خير من أن تراه ، ويمكن أن يكون خبرا معناه الأمر ، وكذا قوله : ( وتقرأ السلام ) : وفي نسخة صحيحة : وتقري من الإقراء ، ففي النهاية يقال : أقرأ فلانا السلام وأقرئ عليه السلام ، كأنه حين يبلغه سلامه يحمله على أن يقرأ السلام ويرده ، وفي القاموس : قرأ عليه السلام أبلغه كأقراه ، أو لا يقال : أقرأه إلا إذا كان السلام مكتوبا . وقوله : ( على من عرفت ومن لم تعرف ) : ظاهره أنه متعلق بتقرأ ، أو يمكن أن يتنازع فيه الفعلان بأن يضمن تطعم معنى البذل ، ثم الظاهر أن الخطاب عام شامل للمخاطب وغيره .
[ ص: 2937 ] وقال التوربشتي أي خصال أهل الإسلام وآدابهم أفضل ؟ ويدل عليه الجواب بالإطعام والسلام على من عرف أو لم يعرف . قال : ولعل تخصيصهما لعلمه - صلى الله عليه وسلم - بأنهما يناسبان حال السائل ، ولذلك أسندهما إليه فقال : nindex.php?page=treesubj&link=18137_30572تطعم الطعام وتقرأ السلام ، أو علم النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه يسأل عما يعامل المسلمين في إسلامه ، فأخبره بذلك ، ثم رأى أن يجيب عن سؤاله بإضافة الفعل إليه ليكون أدعى إلى العمل ، والخبر قد يقع موقع الأمر . ( متفق عليه ) : وفي رواية nindex.php?page=showalam&ids=13478ابن ماجه عن ابن عمر مرفوعا " nindex.php?page=hadith&LINKID=10359638أفشوا السلام وأطعموا الطعام وكونوا إخوانا كما أمركم الله تعالى " ، وفي رواية للطبراني في مكارم الأخلاق عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة مرفوعا : " nindex.php?page=hadith&LINKID=10364925أفضل الأعمال بعد الإيمان nindex.php?page=treesubj&link=32476_32614التودد إلى الناس " .
محمد بن يزيد : الحافظ ، الكبير ، الحجة ، المفسر أبو عبد الله بن ماجه ، القزويني ، مصنف " السنن " ، و " التاريخ " و " التفسير " ، وحافظ قزوين في عصره . ولد سنة تسع ومائتين .
وسمع من : علي بن محمد الطنافسي الحافظ ، أكثر عنه ، ومن : جبارة بن المغلس ، وهو من قدماء شيوخه ، ومن : مصعب بن عبد الله [ ص: 278 ] الزبيري ، وسويد بن سعيد ، وعبد الله معاوية الجمحي ، ومحمد بن رمح ، وإبراهيم بن المنذر الحزامي ، ومحمد بن عبد الله بن نمير ، وأبي بكر بن أبي شيبة ، وهشام بن عمار ، ويزيد بن عبد الله اليمامي ، وأبي مصعب الزهري ، وبشر بن معاذ العقدي ، وحميد بن مسعدة ، وأبي حذافة السهمي ، وداود بن رشيد ، وأبي خيثمة ، وعبد الله بن ذكوان المقرئ ، وعبد الله بن عامر بن براد ، وأبي سعيد الأشج ، وعبد الرحمن بن إبراهيم دحيم ، وعبد السلام بن عاصم الهسنجاني وعثمان بن أبي شيبة ، وخلق كثير مذكورين في " سننه " وتآليفه .
حدث عنه : محمد بن عيسى الأبهري ، وأبو الطيب أحمد بن روح البغدادي ، وأبو عمرو أحمد بن محمد بن حكيم المديني ، وأبو الحسن علي بن إبراهيم القطان ، وسليمان بن يزيد الفامي ، وآخرون .
قال القاضي أبو يعلى الخليلي : كان أبوه يزيد يعرف بماجه ، وولاؤه لربيعة .
وعن ابن ماجه ، قال : عرضت هذه " السنن " على أبي زرعة الرازي ، فنظر فيه ، وقال : أظن إن وقع هذا في أيدي الناس تعطلت هذه الجوامع ، أو أكثرها . ثم قال : لعل لا يكون فيه تمام ثلاثين حديثا ، مما في إسناده ضعف ، أو نحو ذا . قلت : قد كان ابن ماجه حافظا ناقدا صادقا ، واسع العلم ، وإنما [ ص: 279 ] غض من رتبة " سننه " ما في الكتاب من المناكير ، وقليل من الموضوعات ، وقول أبي زرعة -إن صح- فإنما عني بثلاثين حديثا ، الأحاديث المطرحة الساقطة ، وأما الأحاديث التي لا تقوم بها حجة ، فكثيرة ، لعلها نحو الألف .
قال أبو يعلى الخليلي : هو ثقة كبير ، متفق عليه ، محتج به ، له معرفة بالحديث ، وحفظ ، ارتحل إلى العراقين ، ومكة والشام ، ومصر والري لكتب الحديث . وقال الحافظ محمد بن طاهر : رأيت لابن ماجه بمدينة قزوين " تاريخا " على الرجال والأمصار ، إلى عصره ، وفي آخره بخط صاحبه جعفر بن إدريس : مات أبو عبد الله يوم الاثنين ، ودفن يوم الثلاثاء لثمان بقين من رمضان ، وصلى عليه أخوه أبو بكر ، وتولى دفنه أخواه أبو بكر وأبو عبد الله ، وابنه عبد الله .
قلت : مات في رمضان سنة ثلاث وسبعين ومائتين وقيل : سنة خمس والأول أصح . وعاش أربعا وستين سنة . وقع لنا رواية " سننه " بإسناد متصل عال ، وفي غضون كتابه أحاديث ، يعلها صاحبه الحافظ أبو الحسن بن القطان . [ ص: 280 ] وقد حدث ببغداد أخوه أبو محمد الحسن بن يزيد بن ماجه القزويني ، في حدود سنة ثمانين ومائتين ، إذ حج عن إسماعيل بن توبة القزويني الحافظ .
سمع منه : الحافظ أبو طالب أحمد بن نصر .
سمعت كتاب " سنن " ابن ماجه ببعلبك ، من القاضي تاج الدين عبد الخالق بن عبد السلام ومن ذلك بقراءتي نحو الثلث الأول من الكتاب . وحدثني بالكتاب كله عن الشيخ الإمام ، موفق الدين عبد الله بن قدامة ، سماعا في سنة إحدى عشرة وستمائة . وسمعته كله بحلب من أبي سعيد سنقر الزيني بسماعه من الشيخ موفق الدين عبد اللطيف بن يوسف ، بسماعهما من أبي زرعة المقدسي ، عن محمد بن الحسين المقومي ، عن القاسم بن أبي المنذر الخطيب ، عن أبي الحسن القطان ، عنه . وعدد كتب " سنن " ابن ماجه اثنان وثلاثون كتابا .
وقال أبو الحسن القطان : في " السنن " ألف وخمسمائة باب ، وجملة ما فيه أربعة آلاف حديث . فبالإسناد المذكور إلى ابن ماجه ، قال : حدثنا إسماعيل بن حفص ، حدثنا أبو بكر بن عياش ، عن الأعمش ، عن أبي سفيان ، عن جابر ، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال : إذا دخل الميت القبر ، مثلت له الشمس عند غروبها ، [ ص: 281 ] فيجلس يمسح عينيه ، ويقول : دعوني أصلي أخرجه الضياء الحافظ في " المختارة " عن موفق الدين بن قدامة .