الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
4684 - وعن عكرمة بن أبي جهل - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم جئته : " مرحبا بالراكب المهاجر " . رواه الترمذي .

التالي السابق


4684 - ( وعن عكرمة ) : رضي الله عنه صحابي جليل حسن إسلامه ; بحيث كان إذا فتح المصحف يقول : هذا كلام ربي ويغشى عليه ( ابن أبي جهل ) أي : فرعون هذه الأمة . كان يكنى أبا الحكم ، فكناه النبي - صلى الله عليه وسلم - أبا جهل ، فغلبت عليه هذه الكنية ، وأغرب المصنف حيث ذكره في التابعين ، وكان - صلى الله عليه وسلم - إذا رأى عكرمة يقول : يخرج الحي من الميت .

( قال ) أي : عكرمة ( قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم جئته ) أي : عام الفتح ، وزاد مالك في الموطأ : فلما رآه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وثب إليه فرحا وما عليه رداء حتى بايعه ( مرحبا ) : مقول القول أي : جئت مرحبا ، أي : موضعا واسعا ، والأظهر رحب مرحبا ( بالراكب المهاجر ) أي : إلى الله ورسوله ، أو من دار الحرب إلى دار الإسلام ، وفيه إشعار بأن قوله - صلى الله عليه وسلم : " لا هجرة بعد الفتح " أي : من مكة ; لأنها صارت دار الإسلام ، بخلاف ما قبل الفتح ، فإن الهجرة كانت واجبة ، بل شرطا ، وأما الهجرة من دار الكفر إلى دار الإسلام فوجوبها باق إلى يوم القيامة .

[ ص: 2967 ] قال المؤلف : هو عكرمة بن أبي جهل ، واسم أبي جهل عمرو بن هشام المخزومي القرشي ، كان شديد العداوة لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - هو وأبوه ، وكان فارسا مشهورا ، وهرب يوم الفتح باليمن ، فلحقت به امرأته أم حكيم بنت الحارث فأتت به النبي - صلى الله عليه وسلم - ، فلما رآه قال مرحبا بالراكب المهاجر ، فأسلم بعد الفتح سنة ثمان وحسن إسلامه ، وقتل يوم اليرموك في زمن عمر قالت أم سلمة ، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : رأيت لأبي جهل عذقا في الجنة ، فلما أسلم عكرمة قال : يا أم سلمة ! هذا هو . قالت : وشكا عكرمة إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه إذا مر بالمدينة قالوا : هذا ابن عدو الله أبي جهل ، فقام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خطيبا ، فحمد الله وأثنى عليه وقال : الناس معادن خيارهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام إذا فقهوا ( رواه الترمذي ) .




الخدمات العلمية