الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
4842 - وعن أنس - رضي الله عنه - قال : توفي رجل من الصحابة . فقال رجل : أبشر بالجنة . فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم : " أولا تدري ، فلعله تكلم فيما لا يعنيه ، أو بخل بما لا ينقصه " . رواه الترمذي .

التالي السابق


4842 - ( وعن أنس - رضي الله عنه - قال : توفي رجل من الصحابة ، فقال رجل : أبشر بالجنة ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم : أولا تدري ) . بفتح الواو أنها عاطفة على محذوف أي : تبشر ولا تدري ، أو أتقول هذا ولا تدري ما تقول ، أو على أنها للحال أي : والحال أنك لا تدري ، وفي نسخة بسكونها وهي رواية فـ ( أو ) عاطفة على مقدر أيضا أي : أتدري أنه من أهلها أو لا تدري ، والمعنى : بأي شيء علمت ذلك ، أو كيف دريت ما لم يدر غيرك ؟ ( فلعله تكلم فيما لا يعنيه ) ، أي : فيما يضره ولا ينفعه ( أو بخل بما لا ينقصه ) . أي : مما لا يغنيه فيما يجب عليه بذله من العبادات المالية أو المسائل العلمية ، أو إعطاء الماعون بالعارية ، والضمير المنصوب للرجل .

[ ص: 3043 ] والمرفوع لما قال الغزالي ، وفي حديث آخر : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - فقد كعبا فسأل عنه ، فقالوا : مريض ، فخرج يمشي حتى أتاه ، فلما دخل عليه قال : " أبشر يا كعب " فقالت أمه : هنيئا لك الجنة يا كعب . فقال : " من هذه المتألية على الله ؟ " قال : هي أمي يا رسول الله . قال : " وما يدريك يا أم كعب ، لعل كعبا قال ما لا يعنيه ، أو منع ما لا يغنيه " . ومعناه أنه إنما تتهنأ الجنة لمن لا يحاسب ولا يعاقب ، ومن تكلم فيما لا يعنيه حوسب عليه ، وإن كان مباحا فلا تتهنأ له الجنة مع المناقشة في الحساب ، فإنه نوع من العذاب . ( رواه الترمذي ) . ورجاله رجال الصحيحين إلا سليمان بن عبد الجبار البغدادي شيخ الترمذي ، وقد ذكره ابن حبان في الثقات ، كذا في التصحيح . وقال المنذري : رواه الترمذي وقال : غريب . اهـ . ورواته ثقات .

وروى ابن أبي الدنيا ، وأبو يعلى عن أنس أيضا قال : استشهد منا رجل يوم أحد ، فوجد على بطنه صخرة مربوطة من الجوع ، فمسحت أمه التراب عن وجهه وقالت : هنيئا لك يا بني الجنة . فقال النبي - صلى الله عليه وسلم : " ما يدريك لعله كان يتكلم فيما لا يعنيه ويمنع ما لا يضره " . وروى أبو يعلى أيضا ، والبيهقي عن أبي هريرة قال : قتل رجل على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شهيدا ، فبكت عليه أمه وقالت : واشهيداه . فقال النبي - صلى الله عليه وسلم : " ما يدريك أنه شهيد لعله كان يتكلم فيما لا يعنيه أو يبخل بما لا ينقصه " . وفقنا الله لما يعنينا وعن سوى مرضاته يغنينا .




الخدمات العلمية