416 - واختلفوا في صحة السماع من ناسخ فقال بامتناع 417 - الإسفراييني مع الحربي
nindex.php?page=showalam&ids=13357وابن عدي وعن الصبغي 418 - لا ترو تحديثا وإخبارا قل
حضرت والرازي وهو الحنظلي 419 - nindex.php?page=showalam&ids=16418وابن المبارك كلاهما كتب
وجوز الحمال والشيخ ذهب 420 - بأن خيرا منه أن يفصلا
فحيث فهم صح أو لا بطلا [ ص: 198 ] 421 - كما جرى nindex.php?page=showalam&ids=14269للدارقطني حيث عد
إملاء إسماعيل عدا وسرد 422 - وذاك يجري في الكلام أو إذا
هينم حتى خفي البعض كذا 423 - إن بعد السامع ثم يحتمل
في الظاهر الكلمتان أو أقل
الخامس : في
nindex.php?page=treesubj&link=29196النسخ والكلم وغيرهما وقت السماع أو الإسماع ( واختلفوا ) أي : العلماء ( في صحة السماع من ناسخ ) ينسخ حين القراءة ، مسمعا كان أو سامعا ( فقال بامتناع ) ذلك مطلقا في الصورتين الأستاذ الفقيه الأصولي
nindex.php?page=showalam&ids=11812أبو إسحاق ( الإسفراييني ) ، بفتح الفاء وكسر التحتانية ، إذ سئل عنهما معا ( مع )
nindex.php?page=showalam&ids=12352أبي إسحاق إبراهيم بن إسحاق ( الحربي و )
nindex.php?page=showalam&ids=13357أبي أحمد ( بن عدي ) في آخرين ; لأن الاشتغال بالنسخ مخل بالسماع . وعبارة
الإسفراييني : فإنه إذا يشتغل به عن الاستماع ، حتى إذا استعيد منه تعذر عليه - انتهى .
وقد قيل السمع للعين ، والإصغاء للأذن ، وقيل : إنه لا يسمى سامعا ، إنما يقال له : جليس العالم . حكي عن جماعة ( و ) نحوه ما جاء ( عن ) أحد أئمة الشافعية
بخراسان nindex.php?page=showalam&ids=14629أبي بكر أحمد بن إسحاق ( الصبغي ) بكسر المهملة بعدها موحدة ثم معجمة نسبة لأبيه ; لكونه كان يبيع الصبغ ، إنه قال : ( لا ترو ) أيها المحدث ما سمعته على شيخك في حال نسخه ، أو أنت تنسخ ( تحديثا و ) لا ( إخبارا ) يعني : لا تقل : ثنا ولا أنا مع إطلاقهما ، بل ( قل حضرت ) ، يعني : كمن أدى ما تحمله وهو صغير قبل فهم الخطاب ورد الجواب ، وإن كان في مسألتنا أعلى .
( و ) لكن
أبو [ ص: 199 ] حاتم محمد بن إدريس ( الرازي وهو الحنظلي ) نسبة
لدرب حنظلة بالري ، وكفى به حفظا وإتقانا (
nindex.php?page=showalam&ids=16418وابن المبارك ) عبد الله المروزي ، وكفى به دينا ونسكا وفضلا ( كلاهما ) قد ( كتب ) . أما أولهما ففي حال تحمله عند كل من
nindex.php?page=showalam&ids=16272محمد بن الفضل الملقب عارم وعمر بن مرزوق .
وأما ثانيهما ، ففي حال تحديثه ، وذلك منهما مقتض للجواز ، ومشعر بعدم التنصيص في الأداء على الحضور ( و ) كذا ( جوز )
nindex.php?page=showalam&ids=17182موسى بن هارون ( الحمال ) بالمهملة ذلك ، بل عزى صحة السماع كذلك للجمهور
nindex.php?page=showalam&ids=15973سعد الخير الأنصاري .
( والشيخ )
nindex.php?page=showalam&ids=12795ابن الصلاح ( ذهب ) إلى القول ( بأن خيرا منه ) أي : من إطلاق القول بالجواز أو بالمنع ( أن يفصلا فحيث ) صحب الكتابة ( فهم ) يعني : تمييز اللفظ المقروء فضلا عن معناه ( صح ) السماع منه وعليه ( أو لا ) يصحبها ذلك ، وصار كأنه صوت غفل ( بطلا ) هذا السماع ; يعني : وصار حضورا .
وسبقه لذلك
nindex.php?page=showalam&ids=15973سعد الخير الأنصاري ، فقال : إذا لم تمنع الكتابة عن فهم ما قرئ ، فالسماع صحيح - انتهى .
والعمل على هذا ، فقد كان شيخنا ينسخ في مجلس سماعه ثم إسماعه ، بل ويكتب على الفتاوى ويصنف ، ويرد مع ذلك على القارئ ردا مفيدا .
وكذا بلغنا عن
الحافظ المزي وغيره ممن قبله وبعده ( كما جرى
nindex.php?page=showalam&ids=14269للدارقطني ) ، نسبة لدار القطن
ببغداد ; إذ حضر في حداثته إملاء
nindex.php?page=showalam&ids=14642أبي علي إسماعيل الصفار ،
[ ص: 200 ] فرآه بعض الحاضرين ينسخ ، فقال له : لا يصح سماعك وأنت تنسخ ، فقال له
nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني : فهمي للإملاء خلاف فهمك ، واستظهر عليه ( حيث عد إملاء
إسماعيل ) المشار إليه ( عدا ) ، وإن جملة ما أملاه في ذاك المجلس ثمانية عشر حديثا بعد أن سأل المنكر عليه : أتعلم كم أملى حديثا ؟ فقال له : لا ، ثم لم يكتف
nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني بعدها إجمالا بل ساقها على الولاء إسنادا ومتنا ( وسرد ) ذلك أحسن سرد ، فعجب الناس منه . رواها
الخطيب في تأريخه ، قال : حدثنا
الأزهري قال : بلغني أن
nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني ، فذكر معناها .
وقد سمعت شيخنا يحكي عن بعضهم أنه كان يقرنها بما وقع
nindex.php?page=showalam&ids=12070للبخاري ; حيث قلبت عليه الأحاديث ، وبتعجب شيخنا من ذلك ، وهو ظاهر في التعجب ، ثم إن هذا كله فيما إذا وقع النسخ حال التحمل أو الأداء ، فلو وقع ذلك فيهما معا كان أشد ، ووراء هذا قول بعضهم : الخلاف في المسألة لفظي ; فإن المرء لو بلغ الغاية من الحذق والفهم لابد أن يخفى عليه بعض المسموع ، وإنما العبرة بالأكثر ، فمن لاحظ الاحتياط قال : ليس بسامع ، ومن لاحظ التسامح والغلبة عده سامعا ، ورأى أن النسخ إن حجب فهو حجاب رقيق - انتهى . [ وفي تسميته لفظيا مع ذلك توقف ] .
وما قيل في أن السمع للعين قد يخدشه ما رويناه في خامس المحامليات رواية
nindex.php?page=showalam&ids=16349ابن مهدي من حديث
كلثوم الخزاعي عن nindex.php?page=showalam&ids=54أم سلمة ، أنها كانت تفلي رأس [ ص: 201 ] النبي صلى الله عليه وسلم ، فجاءت زينب فرفعت طرفها إليها ، فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم : ( ( أقبلي على فلايتك ; فإنك لا تكلمينها بعينك ) ) .
ويلتحق بالنسخ الصلاة ، وقد كان
nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني يصلي في حال قراءة القارئ عليه ، وربما يشير برد ما يخطئ فيه القارئ ، كما اتفق له حيث قرأ القارئ عليه مرة :
يسير بن ذعلوق ، بالياء التحتانية ، فقال له :
nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=1ن والقلم ، [ ومرة :
nindex.php?page=showalam&ids=5947عمرو بن سعيد ] ، فقال له
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=87ياشعيب أصلاتك [ هود : 87 ] .
وقد قال
الرافعي في أماليه : كان شيخنا
أبو الحسن الطالقاني ربما قرئ عليه الحديث وهو يصلي ، ويصغي إلى ما يقول القارئ ، وينبهه إذا زل ، يعني بالإشارة .
وفي ترجمة
أبي الحسن علي بن أحمد بن محمد بن الحسن الإستراباذي من تأريخ
سمرقند للنسفي ، أنه كان يكتب الكتاب عامة النهار وهو يقرأ القرآن ظاهرا ، لا يمنعه أحد الأمرين عن الآخر ، بل كان سأل الله تعالى في
الكعبة كمال
[ ص: 202 ] القوة على قراءة القرآن ، وجماع النسوان ، فاستجيب له الدعوتان .
وهل يلتحق بذلك قراءة قارئين فأكثر في آن واحد ؟ فيه نظر .
وقد قال
الذهبي في طبقات القراء : ما أعلم أحدا من المقرئين ترخص في إقراء اثنين فصاعدا إلا الشيخ
nindex.php?page=showalam&ids=14467علم الدين السخاوي . وفي النفس من صحة كمال الرواية على هذا الفعل شيء ; فإن الله ما جعل لرجل من قلبين في جوفه ، قال : وما هذا في قوة البشر ، بل في قدرة الربوبية .
قالت
عائشة رضي الله عنها : " سبحان من وسع سمعه الأصوات " ، انتهى .
وممن وصف العلم بذلك
ابن خلكان ، فقال : إنه رآه مرارا راكبا إلى الجبل ، وحوله اثنان وثلاثة يقرءون عليه دفعة واحدة في أماكن من القرآن مختلفة ، ويرد على الجميع .
ولما ترجم
التقي الفاسي في تأريخ
مكة الشمس محمد بن إسماعيل بن يوسف الحلبي ، والد بعض من كتبت عنه ، قال في ترجمته : وكان في بعض الأحايين يقرأ في موضع من القرآن ، ويقرأ عليه في موضع آخر ، ويكتب في موضع آخر ، فيصيب فيما يقرؤه ويكتبه وفي الرد ، بحيث لا يفوته شيء من ذلك ، على ما
[ ص: 203 ] بلغني قال : وهذا نحو مما حكي عن بعض القراء أنه كان يسمع ثلاثة نفر يقرءون عليه دفعة واحدة في أماكن مختلفة ، وعيب ذلك على هذا
المقرئ .
قلت : وكأنه عنى
السخاوي ، وكذا قال شيخنا : إنه شوهد ذلك من
الحلبي مرارا - انتهى .
وفيه تساهل وتفريط ، ومقابله في التشدد والإفراط فيه ما حكاه
الخطيب في ترجمة
nindex.php?page=showalam&ids=14658الحافظ أبي عبد الله محمد بن علي بن عبد الله بن محمد الصوري ، أنه كان مع كثرة طلبه وكتبه صعب المذهب فيما يسمعه ، ربما كرر قراءة الحديث الواحد على شيخه مرات ( وذاك ) أي : التفصيل المذكور في مسألة النسخ ( يجري في الكلام ) من كل من السامع والمسمع في وقت السماع ، وكذا في إفراط القارئ في الإسراع ( أو إذا هينم ) أي : أخفى صوته ( حتى خفي ) في ذلك كله ( البعض ) ، و ( كذا إن بعد السامع ) عن القارئ ، أو كان في سمعه أو المسمع بعض ثقل ، أو عرض نعاس خفيف بحيث يفوت سماع البعض ( ثم ) مع اعتماد التفصيل في كل ما سلف ( يحتمل ) يعني : يغتفر ( في الظاهر ) [ من صنيعهم في المسموع ] ( الكلمتان ) [ إذا فاتتا ] ( أو أقل ) كالكلمة .
وقد سئل
nindex.php?page=showalam&ids=11812أبو إسحاق الإسفراييني عن كلام السامع أو المسمع غير المتصل ، وعن القراءة السريعة والمدغمة التي تشذ منها الحرف والحرفان ، والإغفاء اليسير ، فأجاب : إذا كانت كلمة لا تلهيه عن السماع جازت الرواية ، وكذا لا يمنع ما ذكر بعد ذلك من السماع ، وإذا لم يكن الإدغام يجوز في اللغة يكون حينئذ تاركا بعض
[ ص: 204 ] الكلمة - انتهى .
بل توسعوا حين صار الملحوظ إبقاء سلسلة الإسناد لأكثر من ذلك ، بحيث كان يكتب السماع عند
المزي وبحضرته لمن يكون بعيدا عن القارئ ، وكذا للناعس ، والمتحدث ، والصبيان الذين لا ينضبط أحدهم ، بل يلعبون غالبا ولا يشتغلون بمجرد السماع . حكاه
ابن كثير .
قال : وبلغني عن
القاضي التقي
سليمان بن حمزة أنه زجر في مجلسه الصبيان عن اللعب ، فقال : لا تزجروهم ; فإنا إنما سمعنا مثلهم .
وكذا حكي عن
ابن المحب الحافظ التسامح في ذلك ، ويقول : كذا كنا صغارا نسمع ، فربما ارتفعت أصواتنا في بعض الأحيان والقارئ يقرأ ، فلا ينكر علينا من حضر المجلس من كبار الحفاظ
كالمزي nindex.php?page=showalam&ids=13851والبرزالي والذهبي وغيرهم من العلماء .
وقال
الذهبي : كان شيخنا
ابن أبي الفتح يسرع في القراءة ويعرب ، لكنه يدغم بعض ألفاظه ، ومثله
ابن حبيب .
وكان شيخنا
أبو العباس ، يعني : ابن تيمية ، يسرع ولا يدغم إلا نادرا ، وكان
المزي يسرع ويبين ، وربما تمتم يسيرا - انتهى .
[ ص: 205 ] وممن وصف بسرعة السرد مع عدم اللحن والدمج
nindex.php?page=showalam&ids=13851البرزالي ، ومن قبله
nindex.php?page=showalam&ids=14231الخطيب الحافظ ، بحيث قرأ
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري على
إسماعيل بن أحمد النيسابوري الحيري الضرير راويه عن
الكشميهني في ثلاثة مجالس : اثنان منهما في ليلتين ، كان يبتدئ بالقراءة وقت المغرب ، ويختم عند صلاة الفجر ، والثالث من ضحوة نهار إلى طلوع الفجر . قال
الذهبي : وهذا شيء لا أعلم أحدا في زماننا يستطيعه - انتهى .
وقد قرأه شيخنا في أربعين ساعة رملية ، وصحيح
مسلم في أربعة مجالس ، سوى الختم من نحو يومين وشيء ; فإن كل مجلس كان من باكر النهار إلى الظهر .
وأسرع من علمته قرأ من الخطوط المتنوعة في عصرنا مع الصحة ، بحيث لم ينهض الأكابر لضبط شاذة ولا فاذة عليه في الإعراب ، خاصة مع عدم تبييت مطالعة شيخنا
ابن خضر ، ولكن ما كان يخلو من هذرمة ، [ وأسرع
[ ص: 206 ] ما وقع لي اتفاقا أنني قرأت في جلسة نحوا من خمس ساعات من مواقيت الصلاة في صحيح
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري إلى الصيام ] .
416 - وَاخْتَلَفُوا فِي صِحَّةِ السَّمَاعِ مِنْ نَاسِخٍ فَقَالَ بِامْتِنَاعِ 417 - الْإِسْفَرَايِينِيُّ مَعَ الْحَرْبِيِّ
nindex.php?page=showalam&ids=13357وَابْنِ عَدِيٍّ وَعَنِ الصِّبْغِيِّ 418 - لَا تَرْوِ تَحْدِيثًا وَإِخْبَارًا قُلِ
حَضَرْتُ وَالرَّازِيُّ وَهْوَ الْحَنْظَلِي 419 - nindex.php?page=showalam&ids=16418وَابْنُ الْمُبَارَكِ كِلَاهُمَا كَتَبْ
وَجَوَّزَ الْحَمَّالُ وَالشَّيْخُ ذَهَبْ 420 - بِأَنَّ خَيْرًا مِنْهُ أَنْ يُفَصِّلَا
فَحَيْثُ فَهْمٍ صَحَّ أَوْ لَا بَطَلَا [ ص: 198 ] 421 - كَمَا جَرَى nindex.php?page=showalam&ids=14269لِلدَّارَقُطْنِيِّ حَيْثُ عَدْ
إِمْلَاءَ إِسْمَاعِيلَ عَدًّا وَسَرَدْ 422 - وَذَاكَ يَجْرِي فِي الْكَلَامِ أَوْ إِذَا
هَيْنَمَ حَتَّى خَفِيَ الْبَعْضُ كَذَا 423 - إِنْ بَعُدَ السَّامِعُ ثُمَّ يُحْتَمَلْ
فِي الظَّاهِرِ الْكِلْمَتَانِ أَوْ أَقَلْ
الْخَامِسُ : فِي
nindex.php?page=treesubj&link=29196النَّسْخِ وَالْكَلِمِ وَغَيْرِهِمَا وَقْتَ السَّمَاعِ أَوِ الْإِسْمَاعِ ( وَاخْتَلَفُوا ) أَيِ : الْعُلَمَاءُ ( فِي صِحَّةِ السَّمَاعِ مِنْ نَاسِخٍ ) يَنْسَخُ حِينَ الْقِرَاءَةِ ، مُسْمِعًا كَانَ أَوْ سَامِعًا ( فَقَالَ بِامْتِنَاعِ ) ذَلِكَ مُطْلَقًا فِي الصُّورَتَيْنِ الْأُسْتَاذُ الْفَقِيهُ الْأُصُولِيُّ
nindex.php?page=showalam&ids=11812أَبُو إِسْحَاقَ ( الْإِسْفَرَايِينِيُّ ) ، بِفَتْحِ الْفَاءِ وَكَسْرِ التَّحْتَانِيَّةِ ، إِذْ سُئِلَ عَنْهُمَا مَعًا ( مَعَ )
nindex.php?page=showalam&ids=12352أَبِي إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيمَ بْنِ إِسْحَاقَ ( الْحَرْبِيِّ وَ )
nindex.php?page=showalam&ids=13357أَبِي أَحْمَدَ ( بْنِ عَدِيٍّ ) فِي آخَرِينَ ; لِأَنَّ الِاشْتِغَالَ بِالنَّسْخِ مُخِلٌّ بِالسَّمَاعِ . وَعِبَارَةُ
الْإِسْفَرَايِينِيِّ : فَإِنَّهُ إِذَا يَشْتَغِلُ بِهِ عَنِ الِاسْتِمَاعِ ، حَتَّى إِذَا اسْتُعِيدَ مِنْهُ تَعَذَّرَ عَلَيْهِ - انْتَهَى .
وَقَدْ قِيلَ السَّمْعُ لِلْعَيْنِ ، وَالْإِصْغَاءُ لِلْأُذُنِ ، وَقِيلَ : إِنَّهُ لَا يُسَمَّى سَامِعًا ، إِنَّمَا يُقَالُ لَهُ : جَلِيسُ الْعَالِمِ . حُكِيَ عَنْ جَمَاعَةٍ ( وَ ) نَحْوُهُ مَا جَاءَ ( عَنْ ) أَحَدِ أَئِمَّةِ الشَّافِعِيَّةِ
بِخُرَاسَانَ nindex.php?page=showalam&ids=14629أَبِي بَكْرٍ أَحْمَدَ بْنِ إِسْحَاقَ ( الصِّبْغِيِّ ) بِكَسْرِ الْمُهْمَلَةِ بَعْدَهَا مُوَحَّدَةٌ ثُمَّ مُعْجَمَةٌ نِسْبَةً لِأَبِيهِ ; لِكَوْنِهِ كَانَ يَبِيعُ الصِّبْغَ ، إِنَّهُ قَالَ : ( لَا تَرْوِ ) أَيُّهَا الْمُحَدِّثُ مَا سَمِعْتَهُ عَلَى شَيْخِكَ فِي حَالِ نَسْخِهِ ، أَوْ أَنْتَ تَنْسَخُ ( تَحْدِيثًا وَ ) لَا ( إِخْبَارًا ) يَعْنِي : لَا تَقُلْ : ثَنَا وَلَا أَنَا مَعَ إِطْلَاقِهِمَا ، بَلْ ( قُلْ حَضَرْتُ ) ، يَعْنِي : كَمَنْ أَدَّى مَا تَحَمَّلَهُ وَهُوَ صَغِيرٌ قَبْلَ فَهْمِ الْخِطَابِ وَرَدِّ الْجَوَابِ ، وَإِنْ كَانَ فِي مَسْأَلَتِنَا أَعْلَى .
( وَ ) لَكِنْ
أَبُو [ ص: 199 ] حَاتِمٍ مُحَمَّدُ بْنُ إِدْرِيسَ ( الرَّازِيُّ وَهْوَ الْحَنْظَلِيُّ ) نِسْبَةً
لِدَرْبِ حَنْظَلَةَ بِالرَّيِّ ، وَكَفَى بِهِ حِفْظًا وَإِتِقْانًا (
nindex.php?page=showalam&ids=16418وَابْنُ الْمُبَارَكِ ) عَبْدُ اللَّهِ الْمَرْوَزِيُّ ، وَكَفَى بِهِ دِينًا وَنُسُكًا وَفَضْلًا ( كِلَاهُمَا ) قَدْ ( كَتَبْ ) . أَمَّا أَوَّلُهُمَا فَفِي حَالِ تَحَمُّلِهِ عِنْدَ كُلِّ مِنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16272مُحَمَّدِ بْنِ الْفَضْلِ الْمُلَقَّبِ عَارِمٍ وَعُمَرَ بْنِ مَرْزُوقٍ .
وَأَمَّا ثَانِيهُمَا ، فَفِي حَالِ تَحْدِيثِهِ ، وَذَلِكَ مِنْهُمَا مُقْتَضٍ لِلْجَوَازِ ، وَمُشْعِرٌ بِعَدَمِ التَّنْصِيصِ فِي الْأَدَاءِ عَلَى الْحُضُورِ ( وَ ) كَذَا ( جَوَّزَ )
nindex.php?page=showalam&ids=17182مُوسَى بْنُ هَارُونَ ( الْحَمَّالُ ) بِالْمُهْمَلَةِ ذَلِكَ ، بَلْ عَزَى صِحَّةَ السَّمَاعِ كَذَلِكَ لِلْجُمْهُورِ
nindex.php?page=showalam&ids=15973سَعْدُ الْخَيْرِ الْأَنْصَارِيُّ .
( وَالشَّيْخُ )
nindex.php?page=showalam&ids=12795ابْنُ الصَّلَاحِ ( ذَهَبْ ) إِلَى الْقَوْلِ ( بِأَنَّ خَيْرًا مِنْهُ ) أَيْ : مِنْ إِطْلَاقِ الْقَوْلِ بِالْجَوَازِ أَوْ بِالْمَنْعِ ( أَنْ يُفَصِّلَا فَحَيْثُ ) صَحِبَ الْكِتَابَةَ ( فَهْمٌ ) يَعْنِي : تَمْيِيزُ اللَّفْظِ الْمَقْرُوءِ فَضْلًا عَنْ مَعْنَاهُ ( صَحَّ ) السَّمَاعُ مِنْهُ وَعَلَيْهِ ( أَوْ لَا ) يَصْحَبُهَا ذَلِكَ ، وَصَارَ كَأَنَّهُ صَوْتُ غَفْلٍ ( بَطَلَا ) هَذَا السَّمَاعُ ; يَعْنِي : وَصَارَ حُضُورًا .
وَسَبَقَهُ لِذَلِكَ
nindex.php?page=showalam&ids=15973سَعْدُ الْخَيْرِ الْأَنْصَارِيُّ ، فَقَالَ : إِذَا لَمْ تَمْنَعِ الْكِتَابَةُ عَنْ فَهْمِ مَا قُرِئَ ، فَالسَّمَاعُ صَحِيحٌ - انْتَهَى .
وَالْعَمَلُ عَلَى هَذَا ، فَقَدْ كَانَ شَيْخُنَا يَنْسَخُ فِي مَجْلِسِ سَمَاعِهِ ثُمَّ إِسْمَاعِهِ ، بَلْ وَيَكْتُبُ عَلَى الْفَتَاوَى وَيُصَنِّفُ ، وَيَرُدُّ مَعَ ذَلِكَ عَلَى الْقَارِئِ رَدًّا مُفِيدًا .
وَكَذَا بَلَغَنَا عَنِ
الْحَافِظِ الْمِزِّيِّ وَغَيْرِهِ مِمَّنْ قَبْلَهُ وَبَعْدَهُ ( كَمَا جَرَى
nindex.php?page=showalam&ids=14269لِلدَّارَقُطْنِيِّ ) ، نِسْبَةً لِدَارِ الْقُطْنِ
بِبَغْدَادَ ; إِذْ حَضَرَ فِي حَدَاثَتِهِ إِمْلَاءَ
nindex.php?page=showalam&ids=14642أَبِي عَلِيٍّ إِسْمَاعِيلَ الصَّفَّارِ ،
[ ص: 200 ] فَرَآهُ بَعْضُ الْحَاضِرِينَ يَنْسَخُ ، فَقَالَ لَهُ : لَا يَصِحُّ سَمَاعُكَ وَأَنْتَ تَنْسَخُ ، فَقَالَ لَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=14269الدَّارَقُطْنِيُّ : فَهْمِي لِلْإِمْلَاءِ خِلَافُ فَهْمِكَ ، وَاسْتَظْهَرَ عَلَيْهِ ( حَيْثُ عَدَّ إِمْلَاءً
إِسْمَاعِيلَ ) الْمُشَارَ إِلَيْهِ ( عَدًّا ) ، وَإِنَّ جُمْلَةَ مَا أَمْلَاهُ فِي ذَاكَ الْمَجْلِسِ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ حَدِيثًا بَعْدَ أَنْ سَأَلَ الْمُنْكِرَ عَلَيْهِ : أَتَعْلَمُ كَمْ أَمْلَى حَدِيثًا ؟ فَقَالَ لَهُ : لَا ، ثُمَّ لَمْ يَكْتَفِ
nindex.php?page=showalam&ids=14269الدَّارَقُطْنِيُّ بَعْدَهَا إِجْمَالًا بَلْ سَاقَهَا عَلَى الْوَلَاءِ إِسْنَادًا وَمَتْنًا ( وَسَرَدْ ) ذَلِكَ أَحْسَنَ سَرْدٍ ، فَعَجِبَ النَّاسُ مِنْهُ . رَوَاهَا
الْخَطِيبُ فِي تَأْرِيخِهِ ، قَالَ : حَدَّثَنَا
الْأَزْهَرِيُّ قَالَ : بَلَغَنِي أَنَّ
nindex.php?page=showalam&ids=14269الدَّارَقُطْنِيَّ ، فَذَكَرَ مَعْنَاهَا .
وَقَدْ سَمِعْتُ شَيْخَنَا يَحْكِي عَنْ بَعْضِهِمْ أَنَّهُ كَانَ يَقْرِنُهَا بِمَا وَقَعَ
nindex.php?page=showalam&ids=12070لِلْبُخَارِيِّ ; حَيْثُ قُلِبَتْ عَلَيْهِ الْأَحَادِيثُ ، وَبِتَعَجُّبِ شَيْخِنَا مِنْ ذَلِكَ ، وَهُوَ ظَاهِرٌ فِي التَّعَجُّبِ ، ثُمَّ إِنَّ هَذَا كُلَّهُ فِيمَا إِذَا وَقَعَ النَّسْخُ حَالَ التَّحَمُّلِ أَوِ الْأَدَاءِ ، فَلَوْ وَقَعَ ذَلِكَ فِيهِمَا مَعًا كَانَ أَشَدَّ ، وَوَرَاءَ هَذَا قَوْلُ بَعْضِهِمْ : الْخِلَافُ فِي الْمَسْأَلَةِ لَفْظِيٌّ ; فَإِنَّ الْمَرْءَ لَوْ بَلَغَ الْغَايَةَ مِنَ الْحِذْقِ وَالْفَهْمِ لَابُدَّ أَنْ يَخْفَى عَلَيْهِ بَعْضُ الْمَسْمُوعِ ، وَإِنَّمَا الْعِبْرَةُ بِالْأَكْثَرِ ، فَمَنْ لَاحَظَ الِاحْتِيَاطَ قَالَ : لَيْسَ بِسَامِعٍ ، وَمَنْ لَاحَظَ التَّسَامُحَ وَالْغَلَبَةَ عَدَّهُ سَامِعًا ، وَرَأَى أَنَّ النَّسْخَ إِنْ حَجَبَ فَهُوَ حِجَابٌ رَقِيقٌ - انْتَهَى . [ وَفِي تَسْمِيَتِهِ لَفْظِيًّا مَعَ ذَلِكَ تَوَقُّفٌ ] .
وَمَا قِيلَ فِي أَنَّ السَّمْعَ لِلْعَيْنِ قَدْ يَخْدِشُهُ مَا رُوِّينَاهُ فِي خَامِسِ الْمُحَامِلِيَّاتِ رِوَايَةَ
nindex.php?page=showalam&ids=16349ابْنِ مَهْدِيٍّ مِنْ حَدِيثِ
كُلْثُومٍ الْخُزَاعِيِّ عَنْ nindex.php?page=showalam&ids=54أُمِّ سَلَمَةَ ، أَنَّهَا كَانَتْ تُفَلِّي رَأْسَ [ ص: 201 ] النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَجَاءَتْ زَيْنَبُ فَرَفَعَتْ طَرْفَهَا إِلَيْهَا ، فَقَالَ لَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( ( أَقْبِلِي عَلَى فَلَّايَتِكِ ; فَإِنَّكِ لَا تُكَلِّمِينَهَا بِعَيْنِكِ ) ) .
وَيَلْتَحِقُ بِالنَّسْخِ الصَّلَاةُ ، وَقَدْ كَانَ
nindex.php?page=showalam&ids=14269الدَّارَقُطْنِيُّ يُصَلِّي فِي حَالِ قِرَاءَةِ الْقَارِئِ عَلَيْهِ ، وَرُبَّمَا يُشِيرُ بِرَدِّ مَا يُخْطِئُ فِيهِ الْقَارِئُ ، كَمَا اتُّفِقَ لَهُ حَيْثُ قَرَأَ الْقَارِئُ عَلَيْهِ مَرَّةً :
يُسَيْرُ بْنُ ذُعْلُوقٍ ، بِالْيَاءِ التَّحْتَانِيَّةِ ، فَقَالَ لَهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=1ن وَالْقَلَمِ ، [ وَمَرَّةً :
nindex.php?page=showalam&ids=5947عَمْرُو بْنُ سَعِيدٍ ] ، فَقَالَ لَهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=87يَاشُعَيْبُ أَصَلَاتُكَ [ هُودٍ : 87 ] .
وَقَدْ قَالَ
الرَّافِعِيُّ فِي أَمَالِيهِ : كَانَ شَيْخُنَا
أَبُو الْحَسَنِ الطَّالَقَانِيُّ رُبَّمَا قُرِئَ عَلَيْهِ الْحَدِيثُ وَهُوَ يُصَلِّي ، وَيُصْغِي إِلَى مَا يَقُولُ الْقَارِئُ ، وَيُنَبِّهُهُ إِذَا زَلَّ ، يَعْنِي بِالْإِشَارَةِ .
وَفِي تَرْجَمَةِ
أَبِي الْحَسَنِ عَلِيِّ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ الْإِسْتِرْابَاذِيِّ مِنْ تَأْرِيخِ
سَمَرْقَنْدَ لِلنَّسَفِيِّ ، أَنَّهُ كَانَ يَكْتُبُ الْكِتَابَ عَامَّةَ النَّهَارِ وَهُوَ يَقْرَأُ الْقُرْآنَ ظَاهِرًا ، لَا يَمْنَعُهُ أَحَدُ الْأَمْرَيْنِ عَنِ الْآخَرِ ، بَلْ كَانَ سَأَلَ اللَّهَ تَعَالَى فِي
الْكَعْبَةِ كَمَالَ
[ ص: 202 ] الْقُوَّةِ عَلَى قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ ، وَجِمَاعِ النِّسْوَانِ ، فَاسْتُجِيبَ لَهُ الدَّعْوَتَانِ .
وَهَلْ يَلْتَحِقُ بِذَلِكَ قِرَاءَةُ قَارِئَيْنِ فَأَكْثَرَ فِي آنٍ وَاحِدٍ ؟ فِيهِ نَظَرٌ .
وَقَدْ قَالَ
الذَّهَبِيُّ فِي طَبَقَاتِ الْقُرَّاءِ : مَا أَعْلَمُ أَحَدًا مِنَ الْمُقْرِئِينَ تَرَخَّصَ فِي إِقْرَاءِ اثْنَيْنِ فَصَاعِدًا إِلَّا الشَّيْخَ
nindex.php?page=showalam&ids=14467عَلَمَ الدِّينِ السَّخَاوِيَّ . وَفِي النَّفْسِ مِنْ صِحَّةِ كَمَالِ الرِّوَايَةِ عَلَى هَذَا الْفِعْلِ شَيْءٌ ; فَإِنَّ اللَّهَ مَا جَعَلَ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ ، قَالَ : وَمَا هَذَا فِي قُوَّةِ الْبَشَرِ ، بَلْ فِي قُدْرَةِ الرُّبُوبِيَّةِ .
قَالَتْ
عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا : " سُبْحَانَ مَنْ وَسِعَ سَمْعُهُ الْأَصْوَاتَ " ، انْتَهَى .
وَمِمَّنْ وَصَفَ الْعِلْمَ بِذَلِكَ
ابْنُ خِلِّكَانَ ، فَقَالَ : إِنَّهُ رَآهُ مِرَارًا رَاكِبًا إِلَى الْجَبَلِ ، وَحَوْلَهُ اثْنَانِ وَثَلَاثَةٌ يَقْرَءُونَ عَلَيْهِ دَفْعَةً وَاحِدَةً فِي أَمَاكِنَ مِنَ الْقُرْآنِ مُخْتَلِفَةٍ ، وَيَرُدُّ عَلَى الْجَمِيعِ .
وَلَمَّا تَرْجَمَ
التَّقِيُّ الْفَاسِيُّ فِي تَأْرِيخِ
مَكَّةَ الشَّمْسَ مُحَمَّدَ بْنَ إِسْمَاعِيلَ بْنِ يُوسُفَ الْحَلَبِيَّ ، وَالِدَ بَعْضِ مَنْ كَتَبْتُ عَنْهُ ، قَالَ فِي تَرْجَمَتِهِ : وَكَانَ فِي بَعْضِ الْأَحَايِينِ يَقْرَأُ فِي مَوْضِعٍ مِنَ الْقُرْآنِ ، وَيُقْرَأُ عَلَيْهِ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ ، وَيَكْتُبُ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ ، فَيُصِيبُ فِيمَا يَقْرَؤُهُ وَيَكْتُبُهُ وَفِي الرَّدِّ ، بِحَيْثُ لَا يَفُوتُهُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ ، عَلَى مَا
[ ص: 203 ] بَلَغَنِي قَالَ : وَهَذَا نَحْوٌ مِمَّا حُكِيَ عَنْ بَعْضِ الْقُرَّاءِ أَنَّهُ كَانَ يَسْمَعُ ثَلَاثَةَ نَفَرٍ يَقْرَءُونَ عَلَيْهِ دَفْعَةً وَاحِدَةً فِي أَمَاكِنَ مُخْتَلِفَةٍ ، وَعِيبَ ذَلِكَ عَلَى هَذَا
الْمُقْرِئِ .
قُلْتُ : وَكَأَنَّهُ عَنَى
السَّخَاوِيَّ ، وَكَذَا قَالَ شَيْخُنَا : إِنَّهُ شُوهِدَ ذَلِكَ مِنَ
الْحَلِبِيِّ مِرَارًا - انْتَهَى .
وَفِيهِ تَسَاهُلٌ وَتَفْرِيطٌ ، وَمُقَابِلُهُ فِي التَّشَدُّدِ وَالْإِفْرَاطِ فِيهِ مَا حَكَاهُ
الْخَطِيبُ فِي تَرْجَمَةِ
nindex.php?page=showalam&ids=14658الْحَافِظِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدٍ الصُّورِيِّ ، أَنَّهُ كَانَ مَعَ كَثْرَةِ طَلَبِهِ وَكُتُبِهِ صَعْبَ الْمَذْهَبِ فِيمَا يَسْمَعُهُ ، رُبَّمَا كَرَّرَ قِرَاءَةَ الْحَدِيثِ الْوَاحِدِ عَلَى شَيْخِهِ مَرَّاتٍ ( وَذَاكَ ) أَيِ : التَّفْصِيلُ الْمَذْكُورُ فِي مَسْأَلَةِ النَّسْخِ ( يَجْرِي فِي الْكَلَامِ ) مِنْ كُلٍّ مِنَ السَّامِعِ وَالْمُسْمِعِ فِي وَقْتِ السَّمَاعِ ، وَكَذَا فِي إِفْرَاطِ الْقَارِئِ فِي الْإِسْرَاعِ ( أَوْ إِذَا هَيْنَمَ ) أَيْ : أَخْفَى صَوْتَهُ ( حَتَّى خَفِيَ ) فِي ذَلِكَ كُلِّهِ ( الْبَعْضُ ) ، وَ ( كَذَا إِنْ بَعُدَ السَّامِعُ ) عَنِ الْقَارِئِ ، أَوْ كَانَ فِي سَمْعِهِ أَوِ الْمُسْمِعِ بَعْضُ ثِقَلٍ ، أَوْ عَرَضَ نُعَاسٌ خَفِيفٌ بِحَيْثُ يَفُوتُ سَمَاعُ الْبَعْضِ ( ثُمَّ ) مَعَ اعْتِمَادِ التَّفْصِيلِ فِي كُلِّ مَا سَلَفَ ( يُحْتَمَلْ ) يَعْنِي : يُغْتَفَرْ ( فِي الظَّاهِرِ ) [ مِنْ صَنِيعِهِمْ فِي الْمَسْمُوعِ ] ( الْكَلِمَتَانِ ) [ إِذَا فَاتَتَا ] ( أَوْ أَقَلْ ) كَالْكَلِمَةِ .
وَقَدْ سُئِلَ
nindex.php?page=showalam&ids=11812أَبُو إِسْحَاقَ الْإِسْفَرَايِينِيُّ عَنْ كَلَامِ السَّامِعِ أَوِ الْمُسْمِعِ غَيْرِ الْمُتَّصِلِ ، وَعَنِ الْقِرَاءَةِ السَّرِيعَةِ وَالْمُدْغَمَةِ الَّتِي تَشِذُّ مِنْهَا الْحَرْفُ وَالْحَرْفَانِ ، وَالْإِغْفَاءِ الْيَسِيرِ ، فَأَجَابَ : إِذَا كَانَتْ كَلِمَةً لَا تُلْهِيهِ عَنِ السَّمَاعِ جَازَتِ الرِّوَايَةُ ، وَكَذَا لَا يُمْنَعُ مَا ذُكِرَ بَعْدَ ذَلِكَ مِنَ السَّمَاعِ ، وَإِذَا لَمْ يَكُنِ الْإِدْغَامُ يَجُوزُ فِي اللُّغَةِ يَكُونُ حِينَئِذٍ تَارِكًا بَعْضَ
[ ص: 204 ] الْكَلِمَةِ - انْتَهَى .
بَلْ تَوَسَّعُوا حِينَ صَارَ الْمَلْحُوظُ إِبْقَاءَ سِلْسِلَةِ الْإِسْنَادِ لَأَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ ، بِحَيْثُ كَانَ يُكْتَبُ السَّمَاعُ عِنْدَ
الْمِزِّيِّ وَبِحَضْرَتِهِ لِمَنْ يَكُونُ بَعِيدًا عَنِ الْقَارِئِ ، وَكَذَا لِلنَّاعِسِ ، وَالْمُتَحَدِّثِ ، وَالصِّبْيَانِ الَّذِينَ لَا يَنْضَبِطُ أَحَدُهُمْ ، بَلْ يَلْعَبُونَ غَالِبًا وَلَا يَشْتَغِلُونَ بِمُجَرَّدِ السَّمَاعِ . حَكَاهُ
ابْنُ كَثِيرٍ .
قَالَ : وَبَلَغَنِي عَنِ
الْقَاضِي التَّقِيِّ
سُلَيْمَانَ بْنِ حَمْزَةَ أَنَّهُ زَجَرَ فِي مَجْلِسِهِ الصِّبْيَانَ عَنِ اللَّعِبِ ، فَقَالَ : لَا تَزْجُرُوهُمْ ; فَإِنَّا إِنَّمَا سَمِعْنَا مِثْلَهُمْ .
وَكَذَا حُكِيَ عَنِ
ابْنِ الْمُحِبِّ الْحَافِظِ التَّسَامُحُ فِي ذَلِكَ ، وَيَقُولُ : كَذَا كُنَّا صِغَارًا نَسْمَعُ ، فَرُبَّمَا ارْتَفَعَتْ أَصْوَاتُنَا فِي بَعْضِ الْأَحْيَانِ وَالْقَارِئُ يَقْرَأُ ، فَلَا يُنْكِرُ عَلَيْنَا مَنْ حَضَرَ الْمَجْلِسَ مِنْ كِبَارِ الْحُفَّاظِ
كَالْمِزِّيِّ nindex.php?page=showalam&ids=13851وَالْبِرْزَالِيِّ وَالذَّهَبِيِّ وَغَيْرِهِمْ مِنَ الْعُلَمَاءِ .
وَقَالَ
الذَّهَبِيُّ : كَانَ شَيْخُنَا
ابْنُ أَبِي الْفَتْحِ يُسْرِعُ فِي الْقِرَاءَةِ وَيُعْرِبُ ، لَكِنَّهُ يُدْغِمُ بَعْضَ أَلْفَاظِهِ ، وَمِثْلُهُ
ابْنُ حَبِيبٍ .
وَكَانَ شَيْخُنَا
أَبُو الْعَبَّاسِ ، يَعْنِي : ابْنَ تَيْمِيَّةَ ، يُسْرِعُ وَلَا يُدْغِمُ إِلَّا نَادِرًا ، وَكَانَ
الْمِزِّيُّ يُسْرِعُ وَيُبِينُ ، وَرُبَّمَا تَمْتَمَ يَسِيرًا - انْتَهَى .
[ ص: 205 ] وَمِمَّنْ وُصِفَ بِسُرْعَةِ السَّرْدِ مَعَ عَدَمِ اللَّحْنِ وَالدَّمْجِ
nindex.php?page=showalam&ids=13851الْبِرْزَالِيُّ ، وَمِنْ قَبْلِهِ
nindex.php?page=showalam&ids=14231الْخَطِيبُ الْحَافِظُ ، بِحَيْثُ قَرَأَ
nindex.php?page=showalam&ids=12070الْبُخَارِيُّ عَلَى
إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَحْمَدَ النَّيْسَابُورِيِّ الْحِيرِيِّ الضَّرِيرِ رَاوِيهِ عَنِ
الْكُشْمِيهَنِيِّ فِي ثَلَاثَةِ مَجَالِسَ : اثْنَانِ مِنْهُمَا فِي لَيْلَتَيْنِ ، كَانَ يَبْتَدِئُ بِالْقِرَاءَةِ وَقْتَ الْمَغْرِبِ ، وَيَخْتِمُ عِنْدَ صَلَاةِ الْفَجْرِ ، وَالثَّالِثُ مِنْ ضَحْوَةِ نَهَارٍ إِلَى طُلُوعِ الْفَجْرِ . قَالَ
الذَّهَبِيُّ : وَهَذَا شَيْءٌ لَا أَعْلَمُ أَحَدًا فِي زَمَانِنَا يَسْتَطِيعُهُ - انْتَهَى .
وَقَدْ قَرَأَهُ شَيْخُنَا فِي أَرْبَعِينَ سَاعَةً رَمْلِيَّةً ، وَصَحِيحَ
مُسْلِمٍ فِي أَرْبَعَةِ مَجَالِسَ ، سِوَى الْخَتْمِ مِنْ نَحْوِ يَوْمَيْنِ وَشَيْءٍ ; فَإِنَّ كُلَّ مَجْلِسٍ كَانَ مِنْ بَاكِرِ النَّهَارِ إِلَى الظُّهْرِ .
وَأَسْرَعُ مَنْ عَلِمْتُهُ قَرَأَ مِنَ الْخُطُوطِ الْمُتَنَوِّعَةِ فِي عَصْرِنَا مَعَ الصِّحَّةِ ، بِحَيْثُ لَمْ يَنْهَضِ الْأَكَابِرُ لِضَبْطِ شَاذَّةٍ وَلَا فَاذَّةٍ عَلَيْهِ فِي الْإِعْرَابِ ، خَاصَّةً مَعَ عَدَمِ تَبْيِيتِ مُطَالَعَةِ شَيْخِنَا
ابْنُ خَضِرٍ ، وَلَكِنْ مَا كَانَ يَخْلُو مِنْ هَذْرَمَةٍ ، [ وَأَسْرَعُ
[ ص: 206 ] مَا وَقَعَ لِي اتِّفَاقًا أَنَّنِي قَرَأْتُ فِي جِلْسَةٍ نَحْوًا مِنْ خَمْسِ سَاعَاتٍ مِنْ مَوَاقِيتِ الصَّلَاةِ فِي صَحِيحِ
nindex.php?page=showalam&ids=12070الْبُخَارِيِّ إِلَى الصِّيَامِ ] .