65 - قال ومن مظنة للحسن جمع أبي داود أي في السنن 66 - فإنه قال ذكرت فيه
ما صح أو قارب أو يحكيه 67 - وما به وهن شديد قلته
وحيث لا ، فصالح خرجته 68 - فما به ولم يصحح وسكت
عليه عنده له الحسن ثبت 69 - وابن رشيد قال وهو متجه
قد يبلغ الصحة عند مخرجه 70 - وللإمام اليعمري إنما
قول أبي داود يحكي مسلما 71 - حيث يقول جملة الصحيح لا
توجد عند مالك والنبلا 72 - فاحتاج أن ينزل في الإسناد
إلى 73 - ونحوه وإن يكن ذو السبق يزيد بن أبي زياد
قد فاته أدرك باسم الصدق 74 - هلا قضى على كتاب مسلم
بما قضى عليه بالتحكم 75 - والبغوي إذ قسم المصابحا
إلى الصحاح والحسان جانحا 76 - أن الحسان ما رووه في السنن
رد عليه إذ بها غير الحسن 77 - كان أبو داود أقوى ما وجد
يرويه والضعيف حيث لا يجد 78 - في الباب غيره فذاك عنده
من رأي أقوى قاله ابن منده [ ص: 101 ] 79 - يخرج من لم يجمعوا والنسائي
عليه تركا مذهب متسع 80 - ومن عليها أطلق الصحيحا
فقد أتى تساهلا صريحا 81 - ودونها في رتبة ما جعلا
على المسانيد فيدعى الجفلا
[ ] ( قال : ومن مظنة ) بكسر المعجمة ، مفعلة من الظن بمعنى العلم ، أي موضع ومعدن ( للحسن ) سوى ما ذكر ( جمع ) الإمام الحافظ الحجة الفقيه التالي لصاحبي الصحيحين ، والمقول فيه : إنه ألين له الحديث كما ألين مظنة الحسن لداود عليه السلام الحديد ( الآتي في الوفيات ، ( أي في ) كتابه ( أبي داود ) سليمان بن الأشعث السجستاني ) الشهير الذي صرح حجة الإسلام السنن باكتفاء المجتهد به في الأحاديث . الغزالي
وقال النووي في خطبة شرحه : إنه ينبغي للمشتغل بالفقه ولغيره الاعتناء به ، وبمعرفته المعرفة التامة ; فإن معظم أحاديث الأحكام التي يحتج بها فيه ، مع سهولة تناوله ، وتلخيص أحاديثه ، وبراعة مصنفه ، واعتنائه بتهذيبه ، إلى غير ذلك من الثناء على الكتاب ومؤلفه .
( فإنه قال ) ما معناه : ( ذكرت فيه ) أي : في كتاب ( السنن ) ( ما صح أو قارب ) الصحيح ( أو يحكيه ) أي : يشبهه ; إذ لفظه فيما رويناه في تأريخ الخطيب من طريق ابن داسة عنه : ذكرت الصحيح وما يشبهه ويقاربه .
و " أو " هنا للتقسيم ، أو لغيره من أنواع العطف المقتضي للمغايرة ، ولا شك فيها هنا ، فما يشبه الشيء وما يقاربه ليس به ، ولذا قيل : إن الذي يشبهه هو الحسن ، والذي [ ص: 102 ] يقاربه الصالح ، ولزم منه جعل الصالح قسما آخر .
وقول : " إسناد وسط ، ليس بالثبت ولا بالساقط ، هو صالح " قد يساعده . يعقوب بن شيبة
وقال أبو داود أيضا فيما رويناه في رسالته في وصف السنن ما معناه : ( وما ) كان في كتابي من حديث ( به وهن ) ، وفي نسخة من الرسالة : ( وهي ) ( شديد ) فقد ( قلته ) أي : بينت وهنه أو وهاءه ، وقال في موضع آخر منها : وإذا كان فيه حديث منكر ، بينته أنه منكر ، وليس على نحوه في الباب غيره .
وتردد شيخي ، رحمه الله ، في محل هذا البيان ; أهو عقب كل حديث على حدته ، ولو تكرر ذلك الإسناد بعينه مثلا ، أو يكتفي بالكلام على وهن إسناد مثلا ، فإذا عاد لم يبينه اكتفاء بما تقدم ، ويكون كأنه قد بينه ؟ وقال : هذا الثاني أقرب عندي .
قلت : على أنه لا مانع من أن يكون سكوته هنا لوجود متابع أو شاهد .
قال شيخنا : وقد يقع البيان في بعض النسخ دون بعض ، ولا سيما رواية أبي الحسن بن العبد ; فإن فيها من كلام أبي داود شيئا زائدا على رواية اللؤلؤي .
وسبقه ابن كثير ، فقال : الروايات عن أبي داود لكتابه كثيرة جدا ، ويوجد في بعضها من الكلام ، بل والأحاديث ، ما ليس في الأخرى .
قال : ولأبي عبيد الآجري عنه أسئلة في الجرح والتعديل والتصحيح والتعليل كتاب مفيد ، ومن ذلك أحاديث ورجال قد ذكرها في سننه [ فقوله : وما سكت عليه فهو حسن وما سكت عليه في سننه ] فقط أو مطلقا ، وقال : إنه مما ينبغي التنبيه عليه والتيقظ له . انتهى .
[ ص: 103 ] والظاهر الأول ، ولكن يتعين ملاحظة ما وقع في غيرها مصرحا فيه بالضعف الشديد ، مما ، لا مطلق الضعف ، وكذا ينبغي عدم المبادرة لنسبة السكوت ، إلا بعد جمع الروايات واعتماد ما اتفقت عليه ; لما تقدم ، وقد صرح سكت عليه في السنن مما تبعه فيه ابن الصلاح النووي بذلك في نسخ الترمذي ; حيث قرر اختلافها في التحسين والتصحيح .
ثم قال أبو داود : ( وحيث لا ) وهن أي : شديد فيه ، ولم أذكر فيه شيئا ( فـ ) هو ( صالح ) ، وفي لفظ أورده ابن كثير ممرضا : فهو حسن ( خرجته ) ، بعضه أصح من بعض ، قال : فعلى هذا ( ما ) وجدناه مذكورا ( به ) أي : بالكتاب ( ولم يصحح ) عند واحد من الشيخين ولا غيرهما ممن يميز بين الصحيح والحسن . ابن الصلاح
( وسكت ) أي : أبو داود ( عليه ) فهو ( عنده ) أي : أبي داود ( له الحسن ثبت ) .
وقد يكون في ذلك ما ليس بحسن عند غيره ، ولا مندرج فيما حققناه ضبط الحسن به على ما سبق ، لا سيما أبي داود تخريج الضعيف ، إذا لم يكن في الباب غيره كما سيأتي . انتهى . ومذهب
ويتأيد تسميته حسنا بالرواية المحكية لابن كثير ، لكن المعتمد اللفظ الأول ( و ) لذلك اعترض الحافظ المتقن الثقة المصنف أبو عبد الله ، وقيل : أبو بكر ( ابن رشيد ) بضم الراء وفتح المعجمة ، هو محمد بن عمر بن محمد بن عمر بن محمد بن إدريس البستي الأندلسي المالكي المتوفى سنة اثنتين وعشرين وسبعمائة ( 722 هـ ) بـ " فاس " عن خمس وستين - على . ابن الصلاح
حيث ( قال ) فيما حكاه عنه ابن سيد الناس في شرح الترمذي وحسنه ( وهو متجه ) : ليس يلزم أن يستفاد من كون الحديث لم ينص عليه أبو داود بضعف ، ولا نص عليه غيره بصحة - أن الحديث عنده حسن ، بل ( قد يبلغ الصحة عند [ ص: 104 ] مخرجه ) أي : أبي داود ، وإن لم يكن غيره كذلك ، [ ويشير إليه قول المنذري في خطبة الترغيب : وكل حديث عزوته إلى أبي داود وسكت عليه ، فهو كما ذكر أبو داود لا ينزل عن درجة الحسن ، وقد يكون على شرط الشيخين . انتهى .
فإنه لا يمنع وجود الصحيح فيه . وقال النووي في آخر الفصول التي بأول أذكاره : أبو داود في سننه ولم يذكر ضعفه ، فهو عنده صحيح أو حسن ] ، ويساعده ما سيأتي من أن أفعل في قوله : " أصح من بعض " يقتضي المشاركة غالبا . وما رواه
فالمسكوت عليه إما صحيح أو أصح ، إلا أن الواقع خلافه ، ولا مانع من استعمال " أصح " بالمعنى اللغوي ، بل قد استعمله كذلك غير واحد ، منهم الترمذي ; فإنه يورد الحديث من جهة الضعيف ، ثم من جهة غيره ، ويقول عقب الثاني : إنه أصح من حديث فلان الضعيف .
وصنيع أبي داود يقتضيه لما في المسكوت عليه من الضعيف بالاستقراء ، وكذا هو واضح من حصره التبيين في الوهن الشديد ; إذ مفهومه أن غير الشديد لا يبينه .
وحينئذ فالصلاحية في كلامه أعم من أن تكون للاحتجاج أو الاستشهاد ، فما ارتقى إلى الصحة ثم إلى الحسن ، فهو بالمعنى الأول ، وما عداهما فهو بالمعنى الثاني ، وما قصر عن ذلك فهو الذي فيه وهن شديد ، وقد التزم بيانه ، وقد تكون الصلاحية على ظاهرها في الاحتجاج ، ولا ينافيه وجود الضعيف ; لأنه - كما سيأتي - يخرج الضعيف إذا لم يجد في الباب غيره ، وهو أقوى عنده من رأي الرجال ; ولذلك قال : إن كل ما سكت عليه صحيح عنده ، لا سيما إن لم يكن في الباب غيره . ابن عبد البر
على أن في قول : وقد يكون في ذلك ما ليس بحسن عند غيره - ما يومئ إلى التنبيه لما أشار إليه ابن الصلاح ابن رشيد ، كما نبه عليه [ ص: 105 ] ابن سيد الناس ; لأنه جوز أن يخالف حكمه حكم غيره في طرف ، فكذلك يجوز أن يخالفه في طرف آخر ، وفيه نظر ، لاستلزامه نقض ما قرره .
وبالجملة أقسام ، منه ما هو في الصحيحين ، أو على شرط الصحة ، أو حسن لذاته ، أو مع الاعتضاد ، وهما كثير في كتابه جدا ، ومنه ما هو ضعيف ، لكنه من رواية من لم يجمع على تركه . فالمسكوت عنه
وقد قال النووي رحمه الله : الحق أن ما وجدناه مما لم يبينه ، ولم ينص على صحته أو حسنه أحد ممن يعتمد - فهو حسن ، وإن نص على ضعفه من يعتمد ، أو رأى العارف في سنده ما يقتضي الضعف ، ولا جابر له - حكم بضعفه ، ولم يلتفت إلى سكوته . انتهى .
وما أشعر به كلامه من التفرقة بين الضعيف وغيره فيه نظر ، والتحقيق التمييز لمن له أهلية النظر ، ورد المسكوت عليه إلى ما يليق بحاله من صحة وحسن وغيرهما كما هو المعتمد ، ورجحه هو في بابه ، وإن كان رحمه الله قد أقر في مختصريه على دعواه هنا التي تقرب من صنيعه المتقدم في مستدرك ابن الصلاح الحاكم وغيره مما ألجأه إليها مذهبه .
ومن لم يكن ذا تمييز ، فالأحوط أن يقول في المسكوت عليه : صالح ، كما هي عبارته ، خصوصا وقد سلكه جماعة ( وكذا للإمام ) الحافظ الثقة أبي الفتح فتح الدين محمد بن محمد بن محمد بن أحمد بن سيد الناس ( اليعمري ) بفتح التحتانية والميم ، حسبما اقتصر عليه وغيره من الحفاظ ، وبضم الميم أيضا كما ضبطه ابن نقطة النووي ، الأندلسي الأصل القاهري الشافعي ، مؤلف السيرة النبوية وغيرها ، المتوفى في شعبان سنة أربع وثلاثين وسبعمائة ( 734 هـ ) عن ثلاث وستين سنة ، والمدفون بالقرافة ، في [ ص: 106 ] القطعة التي شرحها من الترمذي .
اعتراض آخر على ; فإنه قال : لم يرسم ابن الصلاح أبو داود شيئا بالحسن ( إنما قول أبي داود يعني : الماضي وهو " ذكرت الصحيح وما يشبهه " أي : في الصحة " وما يقاربه " أي : فيها أيضا ، كما دل على ذلك قوله : إن بعضها أصح من بعض ; فإنه يشير إلى القدر المشترك بينهما لما يقتضيه صيغة أفعل في الأكثر .
( يحكي مسلما ) أي : يشبه قول مسلم صاحب ( الصحيح حيث يقول ) أي : مسلم في صحيحه : ( جملة الصحيح لا توجد عند ) الإمام ( مالك والنبلا ) كشعبة وسفيان ( فاحتاج ) أي : والثوري مسلم ( أن ينزل في الإسناد ) عن حديث ( إلى ) حديث ( أهل الطبقة العليا في الضبط والإتقان ونحوه ) ; يزيد بن أبي زياد ، كليث بن أبي سليم ممن يليهم في ذلك . وعطاء بن السائب
( وإن يكن ذو ) أي : صاحب ( السبق ) في الحفظ والإتقان ، وهو مالك مثلا ( قد فاته ) أي : سبق بحفظه وإتقانه يزيد مثلا ، فقد ( أدرك ) أي : لحق المسبوق السابق في الجملة ( باسم ) العدالة و ( الصدق ) .
ويجوز أن يكون الضمير في " فاته " لمسلم ، ويكون المعنى : وإن يكن قد فات مسلما وجود ما لا يستغنى عنه من حديث ذي السبق ، إما لكونه لم يسمعه هو أو ذاك السابق ، فقد أدرك ، أي : بلغ مقصوده من حديث من يشترك معه في الجملة .
وحينئذ فمعنى كلام مسلم وأبي داود واحد ، ولا فرق بين الطريقين ، غير أن مسلما شرط الصحيح ، فاجتنب حديث الطبقة الثالثة ، وهو الضعيف الواهي ، وأتى بالقسمين الأخيرين ، وأبا داود لم يشترطه ; فذكر ما يشتد وهنه عنده ، والتزم بيانه فـ ( هلا قضى ) أي : ( على كتاب ابن الصلاح مسلم بما قضى به عليه ) أي : على أبي داود أو كتابه ( بالتحكم ) المذكور .
قال بعض المتأخرين : ( وهو تعقب متجه ، ورده شيخنا بقوله : بل هو تعقب واه جدا لا يساوي سماعه ) .
[ ص: 107 ] وهو كذلك لتضمنه أحد شيئين : وقوع غير الصحيح في مسلم ، أو تصحيح كل ما سكت عليه أبو داود ، وقد بين رده الشارح ; بأن مسلما ، فليس لنا أن نحكم على حديث في كتابه بأنه حسن . شرط الصحيح
وأبو داود إنما قال : ما سكت عليه فهو صالح ، والصالح يجوز أن يكون صحيحا ، ويجوز أن يكون حسنا ، فالاحتياط أن نحكم عليه بالحسن .
وبنحوه أجاب عن اعتراض ابن رشيد الماضي ، وسبقه شيخه العلائي ، فأجاب بما هو أمتن من هذا .
وعبارته : هذا الذي قاله - يعني : ابن سيد الناس - ضعيف ، وقول أقوى ; لأن درجات الصحيح إذا تفاوتت ، فلا يعني بالحسن إلا الدرجة الدنيا منها ، والدرجة الدنيا منها لم يخرج منها مسلم شيئا في الأصول ، إنما يخرجها في المتابعات والشواهد . ابن الصلاح
وارتضاه شيخنا ، وقال : إنه لو كان يخرج جميع أهل القسم الثاني في الأصول ، بل وفي المتابعات - لكان كتابه أضعاف ما هو عليه ، ألا تراه مع كونه لم يورد إلا في المتابعات ، وكونه من المكثرين ليس عنده سوى مواضع يسيرة . لعطاء بن السائب
وكذا ليس لابن إسحاق عنده في المتابعات إلا ستة أو سبعة ، وهو من يجوز الحديث ، ولم يخرج لليث بن أبي سليم ، ولا ، ولا ليزيد بن أبي زياد إلا مقرونا ، وهذا بخلاف لمجالد بن سعيد أبي داود ; فإنه يخرج أحاديث هؤلاء في الأصول محتجا بها ، ولأجل ذا تخلف كتابه عن شرط الصحة .