بل ذكر الحافظ اتفاق علماء المشرق والمغرب على أبو طاهر السلفي ( فقد أتى تساهلا صريحا ) ; لأن فيها ما صرحوا بكونه ضعيفا أو منكرا ، أو نحو ذلك من أوصاف الضعيف ، قال صحة الكتب الخمسة : وقد صرح ابن الصلاح أبو داود فيما قدمناه بانقسام ما في كتابه إلى صحيح وغيره ، مصرح فيما في كتابه بالتمييز بين الصحيح والحسن . والترمذي
وأما حمل ابن سيد الناس في شرحه قول للترمذي على ما لم يقع التصريح فيه من مخرجها وغيره بالضعف - فيقتضي كما قال الشارح في الكبير - أن ما كان في الكتب الخمسة مسكوتا عنه ، ولم يصرح بضعفه أن يكون صحيحا ، وليس هذا الإطلاق صحيحا ، بل في كتب السنن أحاديث لم يتكلم فيها السلفي الترمذي أو أبو داود ، ولم نجد لغيرهم فيها كلاما ، ومع ذلك فهي ضعيفة .
وأحسن من هذا قول النووي : مراد : أن معظم الكتب الثلاثة يحتج به ، أي : صالح لأن يحتج به ; لئلا يرد على إطلاق عبارته المنسوخ أو المرجوح عند المعارضة . السلفي
ويجوز أن يقال : إنه لم يعتبر الضعيف الذي فيها ; لقلته بالنسبة إلى النوعين .
وبالجملة النسائي أقلها بعد الصحيحين حديثا ضعيفا ; ولذلك قال فكتاب ابن رشيد : إنه أبدع الكتب المصنفة في السنن تصنيفا ، وأحسنها ترصيفا ، وهو جامع بين طريقتي البخاري ومسلم ، مع حظ كبير من بيان العلل .
[ ص: 115 ] بل قال بعض المكيين من شيوخ : إنه أشرف المصنفات كلها ، وما وضع في الإسلام مثله . انتهى . ابن الأحمر
ويقاربه أبي داود ، بل قال كتاب الخطابي : إنه لم يصنف في علم الدين مثله ، وهو أحسن وصفا ، وأكثر فقها من الصحيحين .
ويقاربه الترمذي ، بل كان كتاب قال : هو عندي أنفع من كتابي أبو إسماعيل الهروي البخاري ومسلم ; لأنهما لا يقف على الفائدة منها إلا المتبحر العالم ، وهو يصل إلى الفائدة منه كل أحد من الناس .
فأما ابن ماجه فإنه تفرد بأحاديث عن رجال متهمين بالكذب وسرقة الأحاديث ، مما حكم عليها بالبطلان أو السقوط أو النكارة ، حتى كان كتاب العلائي يقول : ينبغي أن يكون الدارمي سادسا للخمسة بدله ، فإنه قليل الرجال الضعفاء ، نادر الأحاديث المنكرة والشاذة ، وإن كانت فيه مرسلة وموقوفة ، فهو مع ذلك أولى منه . كتاب
على أن بعض العلماء كرزين السرقسطي وتبعه المجد بن الأثير في جامع الأصول وكذا غيره جعلوا السادس . الموطأ
ولكن أول من أضاف إلى خمسة ابن ماجه ; حيث أدرجه معها في الأطراف ، وكذا في شروط الأئمة الستة ، ثم أبو الفضل بن طاهر الحافظ عبد الغني في كتاب ( الكمال في أسماء الرجال ) الذي هذبه الحافظ المزي ، وقدموه على الموطأ ; لكثرة زوائده على الخمسة ، بخلاف [ ص: 116 ] الموطأ .
( ودونها ) أي : كتب السنن ( في رتبة ) أي : رتبة الاحتجاج الذي هو أصل بقية المبوبين ( ما جعلا على المسانيد ) التي موضوعها جعل حديث كل صحابي على حدة من غير تقيد بالمحتج به ، ( فـ ) بهذا السبب ( يدعى ) فيه الحديث الدعوة ( الجفلا ) بفتح الجيم والفاء مقصورا ، أي : العامة للمحتج به وغيره وهو استعارة ، يقال : دعا فلان الجفلا ، إذا عم بدعوته ، ولم يخص قوما دون قوم ، والنقرى وزنه أيضا هي الخاصة .
وكان الركون لأجل هذا لما يورد في تلك أكثر ، لا سيما واستخراج الحاجة منها أيسر ، وإن جلت مرتبة هذه بجلالة مؤلفيها ، وتقدم تأريخ من سأسميه منهم ، لا سيما وقد نقل البيهقي في المدخل عن شيخه الحاكم . الفرق بين التصنيف على الأبواب والتراجم
فقال : التراجم يذكر فيها ما روى الصحابي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - فيقول المصنف : ذكر ما روي عن عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ثم يترجم على ذلك المسند ، فيقول : ذكر ما روى أبي بكر الصديق عن قيس بن أبي حازم أبي بكر ، فيورد جميع ما وقع له من ذلك صحيحا كان أو سقيما .
وأما الأبواب فإن مصنفها يقول : كتاب الطهارة مثلا ، فكأنه يقول : ذكر ما صح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في أبواب الطهارة ثم يوردها . انتهى .