أبي الهذيل العلاف قال كذب أبو محمد : ثم نصير إلى قول فنجده كذابا أفاكا . وقد حكى عنه رجل من أهل مقالته أنه حضر عند أبي الهذيل العلاف ، وهو يقول له : يا محمد بن الجهم أبا جعفر إن يدي صناع في الكسب ، ولكنها في الإنفاق خرقاء ، كم من مائة ألف درهم قسمتها على الإخوان ، أبو فلان يعلم ذلك ، سألتك بالله يا أبا فلان هل تعلم ذلك ؟ قلت : يا أبا الهذيل ما أشك فيما تقول ، قال : فلم يرض أن حضرت حتى استشهدني ، ولم يرض إذ استشهدني حتى استحلفني .
قال : وكان أبو الهذيل أهدى دجاجة إلى مويس بن عمران فجعلها مثلا لكل شيء وتاريخا لكل شيء ، فكان يقول : فعلت كذا وكذا قبل أن أهدي إليك تلك الدجاجة وكان كذا بعد أن أهديت إليك تلك الدجاجة ، وإذا رأى جملا سمينا قال : لا والله ولا تلك الدجاجة التي أهديتها إليك . وهذا نظر من لا يقسم على الإخوان عشرة أفلس فضلا عن مائتي ألف .
وحكى من خطئه في الاستطاعة أنه كان يقول : إن الفاعل في وقت الفعل غير مستطيع لفعل آخر وذلك أنهم ألزموه الاستطاعة مع الفعل بالإجماع فقالوا : قد أجمع الناس على أن كل فاعل مستطيع في حال فعله ، فالاستطاعة مع الفعل ثابتة واختلفوا في أنها قبله ، فنحن على ما أجمعوا عليه ، وعلى من ادعى أنها قبل الفعل الدليل ، فلجأ إلى هذا القول .
[ ص: 95 ] وسئل عن عدم صحة البصر في حال وجود الإدراك وعن عدم الحياة إن كانت عرضا في حال وجود العلم فلا هو فرق ولا هو رجع .
وزعم أنه يستحيل أن يفعل في حال بلوغه بالاستطاعة التي أعطيها في حال البلوغ وإنما يفعل بها في الحال الثانية ، فإذا قيل له : فمتى فعل بها ، أفي الحال التي سلبها أم في حال البلوغ ، والفعل فيها عندك محال وقد فعل بها ، ولا حال إلا حال البلوغ والحالة الثانية ؟ قال قولا مرغوبا عنه مع أقاويل كثيرة في فناء نعيم أهل الجنة وفناء عذاب أهل النار .