[ ص: 302 ] 10 - قالوا : حديث في التشبيه
يكذبه القرآن وحجة العقل حول " قلب المؤمن "
قالوا : رويتم أن
nindex.php?page=hadith&LINKID=949836nindex.php?page=treesubj&link=29716_30454قلب المؤمن بين أصبعين من أصابع الله عز وجل ، فإن كنتم أردتم بالأصابع هاهنا النعم وكان الحديث صحيحا فهو مذهب ، وإن كنتم أردتم الأصابع بعينها فإن ذلك يستحيل ؛ لأن الله تعالى لا يوصف بالأعضاء ولا يشبه بالمخلوقين .
وذهبوا في تأويل الأصابع إلى أنه النعم ؛ لقول العرب : " ما أحسن إصبع فلان على ماله " يريدون أثره ، وقال الراعي في وصف إبله :
ضعيف العصا بادي العروق ترى له عليها إذا ما أمحل الناس أصبعا
أي : ترى له عليها أثرا حسنا .
قال
أبو محمد : ونحن نقول : إن هذا الحديث صحيح ، وإن الذي ذهبوا إليه في تأويل الإصبع لا يشبه الحديث ؛ لأنه - عليه السلام - قال في دعائه :
nindex.php?page=hadith&LINKID=949837يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك . فقالت له إحدى أزواجه : أوتخاف يا رسول الله على نفسك ؟ [ ص: 303 ] فقال : إن قلب المؤمن بين أصبعين من أصابع الله عز وجل . .
فإن كان القلب عندهم بين نعمتين من نعم الله تعالى ، فهو محفوظ بتينك النعمتين ، فلأي شيء دعا بالتثبيت ولم احتج على المرأة التي قالت له : " أتخاف على نفسك ؟ " بما يؤكد قولها ، وكان ينبغي أن لا يخاف إذا كان القلب محروسا بنعمتين .
فإن قال لنا ما الإصبع عندك هاهنا قلنا هو مثل قوله في الحديث الآخر يحمل الأرض على أصبع ، وكذا على أصبعين ، ولا يجوز أن تكون الإصبع هاهنا نعمة ، وكقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=67وما قدروا الله حق قدره والأرض جميعا قبضته يوم القيامة والسماوات مطويات بيمينه .
ولم يجز ذلك ، ولا نقول أصبع كأصابعنا ، ولا يد كأيدينا ، ولا قبضة كقبضاتنا ؛ لأن كل شيء منه - عز وجل - لا يشبه شيئا منا .
[ ص: 302 ] 10 - قَالُوا : حَدِيثٌ فِي التَّشْبِيهِ
يُكَذِّبُهُ الْقُرْآنُ وَحُجَّةُ الْعَقْلِ حَوْلَ " قَلْبِ الْمُؤْمِنِ "
قَالُوا : رُوِّيتُمْ أَنَّ
nindex.php?page=hadith&LINKID=949836nindex.php?page=treesubj&link=29716_30454قَلْبَ الْمُؤْمِنِ بَيْنَ أُصْبُعَيْنِ مِنْ أَصَابِعِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ، فَإِنْ كُنْتُمْ أَرَدْتُمْ بِالْأَصَابِعِ هَاهُنَا النِّعَمَ وَكَانَ الْحَدِيثُ صَحِيحًا فَهُوَ مَذْهَبٌ ، وَإِنْ كُنْتُمْ أَرَدْتُمُ الْأَصَابِعَ بِعَيْنِهَا فَإِنَّ ذَلِكَ يَسْتَحِيلُ ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَا يُوَصَفُ بِالْأَعْضَاءِ وَلَا يُشَبَّهُ بِالْمَخْلُوقِينَ .
وَذَهَبُوا فِي تَأْوِيلِ الْأَصَابِعِ إِلَى أَنَّهُ النِّعَمُ ؛ لِقَوْلِ الْعَرَبِ : " مَا أَحْسَنَ إِصْبَعَ فُلَانٍ عَلَى مَالِهِ " يُرِيدُونَ أَثَرَهُ ، وَقَالَ الرَّاعِي فِي وَصْفِ إِبِلِهِ :
ضَعِيفُ الْعَصَا بَادِي الْعُرُوقِ تَرَى لَهُ عَلَيْهَا إِذَا مَا أَمْحَلَ النَّاسُ أُصْبُعَا
أَيْ : تَرَى لَهُ عَلَيْهَا أَثَرًا حَسَنًا .
قَالَ
أَبُو مُحَمَّدٍ : وَنَحْنُ نَقُولُ : إِنَّ هَذَا الْحَدِيثَ صَحِيحٌ ، وَإِنَّ الَّذِي ذَهَبُوا إِلَيْهِ فِي تَأْوِيلِ الْإِصْبَعِ لَا يُشْبِهُ الْحَدِيثَ ؛ لِأَنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - قَالَ فِي دُعَائِهِ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=949837يَا مُقَلِّبَ الْقُلُوبِ ثَبِّتْ قَلْبِي عَلَى دِينِكَ . فَقَالَتْ لَهُ إِحْدَى أَزْوَاجِهِ : أَوَتَخَافُ يَا رَسُولَ اللَّهِ عَلَى نَفْسِكَ ؟ [ ص: 303 ] فَقَالَ : إِنَّ قَلْبَ الْمُؤْمِنِ بَيْنَ أُصْبُعَيْنِ مِنْ أَصَابِعِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ . .
فَإِنْ كَانَ الْقَلْبُ عِنْدَهُمْ بَيْنَ نِعْمَتَيْنِ مِنْ نِعَمِ اللَّهِ تَعَالَى ، فَهُوَ مَحْفُوظٌ بِتَيْنِكَ النِّعْمَتَيْنِ ، فَلِأَيِّ شَيْءٍ دَعَا بِالتَّثْبِيتِ وَلِمَ احْتَجَّ عَلَى الْمَرْأَةِ الَّتِي قَالَتْ لَهُ : " أَتَخَافُ عَلَى نَفْسِكَ ؟ " بِمَا يُؤَكِّدُ قَوْلَهَا ، وَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ لَا يَخَافَ إِذَا كَانَ الْقَلْبُ مَحْرُوسًا بِنِعْمَتَيْنِ .
فَإِنْ قَالَ لَنَا مَا الْإِصْبَعُ عِنْدَكَ هَاهُنَا قُلْنَا هُوَ مِثْلُ قَوْلِهِ فِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ يَحْمِلُ الْأَرْضَ عَلَى أُصْبُعٍ ، وَكَذَا عَلَى أُصْبُعَيْنِ ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ الْإِصْبَعُ هَاهُنَا نِعْمَةً ، وَكَقَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=67وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ .
وَلَمْ يَجُزْ ذَلِكَ ، وَلَا نَقُولُ أُصْبُعٌ كَأَصَابِعِنَا ، وَلَا يَدٌ كَأَيْدِينَا ، وَلَا قَبْضَةٌ كَقَبَضَاتِنَا ؛ لِأَنَّ كُلَّ شَيْءٍ مِنْهُ - عَزَّ وَجَلَّ - لَا يُشْبِهُ شَيْئًا مِنَّا .