(  118  ) حدثنا  أبو شعيب الحراني  ، ثنا  أبو جعفر النفيلي  ، ثنا  محمد بن سلمة  ، عن محمد بن إسحاق  ، حدثني محمد بن جعفر بن الزبير  ، قال : جلس عمير بن وهب الجمحي  مع  صفوان بن أمية  بعد مصاب أهل بدر  من قريش  في الحجر  بيسير ، وكان ممن يؤذي رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه ويلقون منهم عنتا إذ هم بمكة  ، وكان ابنه وهب بن عمير  في أسارى أصحاب بدر  قال : فذكروا أصحاب القليب  بمصائبهم ، فقال صفوان   : والله إن في العيش بعدهم ، وقال عمير بن وهب   : صدقت والله لولا دين علي ليس عندي قضاؤه وعيال أخشى عليهم الضيعة بعدي لركبت إلى محمد  حتى أقتله فإن لي فيهم علة ، ابني عندهم أسير في أيديهم ، فاغتنمها صفوان  فقال : علي دينك أنا أقضيه عنك وعيالك مع عيالي أسوتهم ما بقوا لا يسعهم شيء نعجز عنهم ، قال عمير   : اكتم علي شأني وشأنك ، قال : أفعل ، قال : ثم أمر عمير  بسيفه فشحذ وسم ، ثم انطلق إلى المدينة  ، فبينا  عمر بن الخطاب  بالمدينة  في نفر من المسلمين يتذاكرون يوم بدر  ، وما أكرمهم الله به ، وما أراهم من عدوهم ، إذ نظر إلى عمير بن وهب  قد أناخ بباب المسجد متوشح السيف فقال : هذا الكلب عدو الله عمير بن وهب  ما جاء إلا لشر ، هذا الذي حرش بيننا وحزرنا للقوم يوم بدر  ، ثم دخل عمر  على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله ، هذا عدو الله عمير بن وهب  قد جاء متوشحا السيف قال : " فأدخله " فأقبل عمر  حتى أخذ بحمالة سيفه في عنقه فلببه بها وقال عمر  لرجال ممن كان معه من الأنصار   : ادخلوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فاجلسوا عنده واحذروا هذا الكلب عليه ، فإنه غير مأمون ، ثم دخل به على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعمر  آخذ بحمالة سيفه فقال : " أرسله يا عمر  ، ادن يا عمير   " ، فدنا فقال : أنعموا صباحا - وكانت تحية أهل الجاهلية بينهم - فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " قد أكرمنا الله بتحية خير من تحيتك يا عمير  ، السلام تحية أهل  [ ص: 59 ] الجنة " فقال : أما والله يا محمد  إن كنت لحديث العهد بها ، قال : فما جاء بك قال : جئت لهذا الأسير الذي في أيديكم فأحسنوا إليه قال : " فما بال السيف في عنقك ؟ " قال : قبحها الله من سيوف فهل أغنت شيئا ، قال : " اصدقني ما الذي جئت له ؟ " قال : ما جئت إلا لهذا ، قال : " بل قعدت أنت  وصفوان بن أمية  في الحجر فتذاكرتما أصحاب القليب  من قريش  فقلت : لولا دين علي وعيالي لخرجت حتى أقتل محمدا  ، فتحمل صفوان  لك بدينك وعيالك على أن تقتلني ، والله حائل بينك وبين ذلك " قال عمير   : أشهد أنك رسول الله قد كنا يا رسول الله ، نكذبك بما كنت تأتينا به من خبر السماء وما ينزل عليك من الوحي وهذا أمر لم يحضره إلا أنا وصفوان  فوالله إني لأعلم ما أنبأك به إلا الله ، فالحمد لله الذي هداني للإسلام وساقني هذا المساق ، ثم شهد شهادة الحق ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " فقهوا أخاكم في دينه وأقرئوه القرآن وأطلقوا له أسيره " ثم قال : يا رسول الله ، إني كنت جاهدا على إطفاء نور الله شديد الأذى على من كان على دين الله ، وإني أحب أن تأذن لي فأقدم مكة  فأدعوهم إلى الله وإلى الإسلام لعل الله يهديهم ، وإلا آذيتهم كما كنت أؤذي أصحابك في دينهم ، فأذن له رسول الله صلى الله عليه وسلم فلحق بمكة  ، وكان صفوان  حين خرج عمير بن وهب  قال لقريش   : أبشروا بواقعة تأتيكم الآن تنسيكم وقعة بدر  ، وكان صفوان  يسأل عنه الركبان حتى قدم راكب فأخبره عن إسلامه ، فحلف أن لا يكلمه أبدا ولا ينفعه بنفع أبدا ، فلما قدم عمير  مكة  أقام بها يدعو إلى الإسلام ويؤذي من يخالفه أذى شديدا ، فأسلم على يديه ناس كثير 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					