3863 وعن عن حديث عبد الرحمن بن غنم الحارث بن عميرة : أنه قدم مع معاذ من اليمن فمكث معه في داره وفي منزله فأصابهم الطاعون فطعن معاذ وأبو عبيدة بن الجراح وشرحبيل بن حسنة وأبو مالك في يوم واحد ، حين حس بالطاعون فر وفرق فرقا شديدا وقال : أيها الناس تفرقوا في هذه الشعاب عمرو بن العاص فقد نزل بكم أمر [ من أمر الله ] لا أراه إلا رجز وطاعون فقال له وكان شرحبيل بن حسنة : كذبت قد صحبنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأنت أضل من حمار أهلك فقال عمرو : صدقت فقال معاذ بن جبل : كذبت ، ليس بالطاعون ولا الرجز ولكنها رحمة ربكم ودعوة نبيكم - صلى الله عليه وسلم - وقبض الصالحين ، اللهم فآت لعمرو بن العاص آل معاذ النصيب الأوفر من هذه الرحمة قال : فما أمسى حتى طعن عبد الرحمن ابنه وأحب الخلق إليه الذي كان يكنى به فرجع معاذ من المسجد فوجده مكروبا ، فقال : [ ص: 313 ] يا عبد الرحمن كيف أنت ؟ فاستجاب له فقال : يا أبت الحق من ربك فلا تكونن من الممترين فقال معاذ : وإنا ( إن شاء الله من الصابرين ) ، فمات من ليلته ودفنه من الغد فجعل يرسل معاذ بن جبل الحارث بن عميرة إلى أبي عبيدة يسأله كيف هو ؟ فأراه أبو عبيدة طعنة في كفه فبكى الحارث بن عميرة إلى أبي عبيدة وفرق منها حين رآها فأقسم أبو عبيدة بالله ما يحب أن له مكانها حمر النعم .
فقال : فرجع الحارث إلى معاذ فوجده مغشيا عليه فبكى الحارث واستبكى ، ثم إن معاذا أفاق فقال : يا ابن الحميرية لم تبكي علي ؟ أعوذ بالله منك فقال الحارث : والله ما عليك أبكي ! ! فقال معاذ : فعلى ما تبكي ؟ قال : أبكي على ما فاتني منك العصر من الغدو والرواح ، فقال معاذ : أجلسني ، فأجلسه في حجره فقال : اسمع مني فإني أوصيك بوصية : إن الذي تبكي علي من غدوك ورواحك فإن العلم مكانه بين لوحي المصحف ، فإن أعيا عليك تفسيره فاطلبه بعدي عند ثلاثة : عويمر أو عند أبو الدرداء أو عند سلمان الفارسي ، وأحذرك زلة العالم وجدال المنافق ، ثم إن ابن أم عبد معاذا اشتد به [ النزع ] نزع الموت فنزع نزعا لم ينزعه أحد فكان كلما أفاق من غمرة فتح طرفه فقال : اخنقني خنقتك فوعزتك [ إنك ] لتعلم أني أحبك ، فلما قضى نحبه انطلق الحارث حتى أتى بحمص فمكث عنده ما شاء الله أن يمكث ثم قال أبا الدرداء الحارث : أخي معاذ أوصاني بك وسلمان الفارسي ولا أراني إلا منطلقا إلى وابن أم عبد العراق فقدم الكوفة فجعل يحضر مجلس بكرة وعشية فبينا هو كذلك ذات يوم في المجلس قال ابن أم عبد : من أنت ؟ قال : امرؤ من ابن أم عبد الشام ، قال : نعم الحي ابن أم عبد أهل الشام لولا واحدة ! قال الحارث : وما تلك الواحدة ؟ قال : لولا أنهم يشهدون على أنفسهم أنهم من أهل الجنة ، قال : فاسترجع الحارث مرتين أو ثلاثا قال : صدق معاذ فيما قال لي فقال : ما قال لك يا ابن أخي ؟ قال : حذرني زلة العالم ، والله ما أنت - يا ابن أم عبد إلا أحد رجلين : إما رجل أصبح على يقين يشهد أن لا إله إلا الله فأنت من أهل الجنة ، أو رجل مرتاب لا تدري أين منزلك ؟ ، قال ابن مسعود - : صدق أخي إنها زلة فلا تؤاخذني بها ، فأخذ ابن مسعود بيد [ ص: 314 ] ابن مسعود الحارث فانطلق به إلى رحله فمكث عنده ما شاء الله ثم قال الحارث : لا بد لي أن أطالع أبا عبد الله سلمان الفارسي بالمدائن فانطلق الحارث حتى قدم على سلمان الفارسي بالمدائن فلما سلم عليه قال : مكانك حتى أخرج إليك ، قال الحارث : والله ما أراك تعرفني يا أبا عبد الله ؟ قال : بلى عرفت روحي روحك قبل أن أعرفك إن الأرواح جنود مجندة فما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها في غير الله اختلف ، فمكث عنده ما شاء الله أن يمكث ثم رجع إلى الشام ، فأولئك الذين يتعارفون في الله ويتزاورون في الله .
رواه البزار ، وروى أحمد بعضه وفي إسناد البزار وفيه كلام ، وقد وثقه غير واحد ، وروى شهر بن حوشب في الكبير طرفا منه . الطبراني