الفائدة الثالثة : قال شيخ الإسلام : من  أول من صنف في      [ ص: 44 ] الاصطلاح   القاضي  أبو محمد الرامهرمزي  ، فعمل كتابه " المحدث الفاصل " لكنه لم يستوعب ،   والحاكم أبو عبد الله النيسابوري  لكنه لم يهذب ولم يرتب ، وتلاه   أبو نعيم الأصبهاني  ، فعمل على كتابه مستخرجا ، وأبقى فيه أشياء للمتعقب ، ثم جاء بعدهم   الخطيب البغدادي  فعمل في قوانين الرواية كتابا سماه : " الكفاية " وفي آدابها كتابا سماه : " الجامع لآداب الشيخ والسامع " ، وقل فن من فنون الحديث إلا وقد صنف فيه كتابا مفردا ، فكان كما قال الحافظ   أبو بكر بن نقطة     : كل من أنصف علم أن المحدثين بعده عيال على كتبه ، ثم جمع ممن تأخر عنه   القاضي عياض  كتابه " الإلماع " ،  وأبو حفص الميانجي  جزء " ما لا يسع المحدث جهله " وغير ذلك .  
إلى أن جاء الحافظ   الإمام تقي الدين أبو عمرو عثمان بن الصلاح الشهرزوري  نزيل  دمشق   فجمع لما ولي تدريس الحديث بالمدرسة الأشرفية كتابه المشهور ، فهذب فنونه وأملاه شيئا فشيئا ، واعتنى بتصانيف  الخطيب  المفرقة فجمع شتات مقاصدها ، وضم إليها من غيرها نخب فوائد ، فاجتمع في كتابه ما تفرق في غيره ؛ فلهذا عكف الناس عليه ، فلا يحصى كم ناظم له ، ومختصر ومستدرك عليه ، ومقتصر ، ومعارض له ، ومنتصر .  
قال : إلا أنه لم يحصل ترتيبه على الوضع المناسب : بأن يذكر ما يتعلق بالمتن وحده ، وما يتعلق بالسند وحده ، وما يشتركان فيه معا ؛ وما      [ ص: 45 ] يختص بكيفية التحمل والأداء وحده ، وما يختص بصفات الرواة وحده لأنه جمع متفرقات هذا الفن من كتب مطولة في هذا الحجم اللطيف ، ورأى أن تحصيله وإلقاءه إلى طالبيه أهم من تأخير ذلك ، إلى أن تحصل العناية التامة بحسن ترتيبه .  
وقد تبعه على هذا الترتيب جماعة منهم المصنف  وابن كثير  والعراقي  والبلقيني  وغيره جماعة ،  كابن جماعة  والتبريزي  والطيبي  والزركشي     .  
				
						
						
