الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
        صفحة جزء
        [ ص: 451 ] الثالث : يجيز غير معين بوصف العموم كـأجزت المسلمين أو كل أحد أو أهل زماني ، وفيه خلاف للمتأخرين ، فإن قيدها بوصف حاصر فأقرب إلى الجواز ، ومن المجوزين القاضي أبو الطيب والخطيب وأبو عبد الله بن منده وابن عتاب والحافظ أبو العلاء وآخرون .

        قال الشيخ : ولم نسمع عن أحد يقتدى به الرواية بهذه .

        قلت : الظاهر من كلام مصححها جواز الرواية بها ، وهذا يقتضي صحتها ، وأي فائدة لها غير الرواية بها .

        التالي السابق


        ( الثالث يجيز غير معين بوصف العموم كأجزت ) جميع ( المسلمين أو كل أحد أو أهل زماني وفيه خلاف للمتأخرين ، فإن قيدها ) أي الإجازة العامة ( بوصف حاصر ) كأجزت طلبة العلم ببلد كذا أو من قرأ علي قبل هذا ( فأقرب إلى الجواز ) من غير المقيدة بذلك .

        بل قال القاضي عياض : ما أظنهم اختلفوا في جواز ذلك ولا رأيت منعه لأحد ، لأنه محصور موصوف كقوله : لأولاد فلان أو إخوة فلان ، [ ص: 452 ] واحترز بقوله " حاصر " ما لا حصر فيه كأهل بلد كذا فهو كالعامة المطلقة ، وأفرد القسطلاني هذه بنوع مستقل ، ومثله بأهل بلد معين أو إقليم أو مذهب معين .

        ( ومن المجوزين ) للعامة المطلقة ( القاضي أبو الطيب ) الطبري ( والخطيب ) البغدادي ( وأبو عبد الله بن منده و ) أبو عبد الله ( بن عتاب والحافظ أبو العلاء ) الحسن بن أحمد العطار الهمداني ( وآخرون ) كأبي الفضل بن خيرون ، وأبي الوليد بن رشد ، والسلفي ، وخلائق جمعهم بعضهم في مجلد ورتبهم على حروف المعجم لكثرتهم .

        ( قال الشيخ ) ابن الصلاح ميلا إلى المنع ( ولم نسمع عن أحد يقتدى به الرواية بهذه ) قال : والإجازة في أصلها ضعف ، وتزداد بهذا التوسع والاسترسال ضعفا كثيرا .

        قال المصنف : ( قلت : الظاهر من كلام مصححها جواز الرواية بها ، وهذا مقتضى صحتها وأي فائدة لها غير الرواية بها ) وكذا صرح في الروضة بتصحيح صحتها . [ ص: 453 ] قال العراقي : وقد روى بها من المتقدمين الحافظ أبو بكر بن خير ، ومن المتأخرين الشرف الدمياطي وغيره .

        وصححها أيضا ابن الحاجب قال : وبالجملة ففي النفس من الرواية بها شيء ، والأحوط ترك الرواية بها قال : إلا المقيدة بنوع حصر فإن الصحيح جوازها ، انتهى .

        وكذا قال شيخ الإسلام في العامة المطلقة قال : إلا أن الرواية بها في الجملة أولى من إيراد الحديث معضلا .

        قال البلقيني : وما قيل من أن أصل الإجازة العامة ما ذكره ابن سعد في الطبقات ، ثنا عفان ، ثنا حماد ، ثنا علي بن زيد ، عن أبي رافع ، أن عمر بن الخطاب قال : من أدرك وفاتي من سبي العرب فهو حر ، ليس فيه دلالة ; لأن العتق النافذ لا يحتاج إلى ضبط وتحديث وعمل ، بخلاف الإجازة ففيها تحديث وعمل وضبط فلا يصح أن يكون ذلك دليلا لهذا ، ولو جعل دليله ما صح من قول النبي صلى الله عليه وسلم : بلغوا عني الحديث ، لكان له وجه قوي . انتهى .

        فائدة :

        قال شيخ الإسلام في معجمه : كان محمد بن أحمد بن عزام الإسكندري يقول : إذا سمعت الحديث من شيخ وأجاز فيه شيخ آخر سمعه من شيخ رواه الأول عنه [ ص: 454 ] بالإجازة ، فشيخ السماع يروي عن شيخ الإجازة وشيخ الإجازة يرويه عن ذلك الشيخ بعينه بالسماع ، كان ذلك في حكم السماع على السماع . انتهى .

        وشيخ الإسلام يصنع ذلك كثيرا في أماليه وتخاريجه .

        قلت : فظهر لي من هذا أن يقال : إذا رويت عن شيخ بالإجازة الخاصة عن شيخ بالإجازة العامة وعن آخر بالإجازة العامة عن ذلك الشيخ بعينه بالإجازة الخاصة ، كان ذلك في حكم الإجازة الخاصة عن الإجازة الخاصة .

        مثال ذلك : أن أروي عن شيخنا أبي عبد الله محمد بن محمد التنكزي ، وقد سمعت عليه فأجازني لي خاصة ، عن الشيخ جمال الدين الإسنوي فإنه أدرك حياته ولم يجزه خاصة ، وأروي عن الشيخ أبي الفتح المراغي بالإجازة العامة عن الإسنوي بالخاصة .




        الخدمات العلمية