[ ص: 209 ] [ ص: 210 ] 6 - ما ذكر في سهو الكلام دون عمده
- حديث إذا سلم أو تكلم المصلي أثناء الصلاة ساهيا ناسخ للسهو في حديث أبي هريرة - حديث ابن مسعود في سجود السهو - رأي عمران بن حصين - مناقشة الأحاديث . الشافعي
ذكر أبو إسحاق إبراهيم بن عبد الرحمن القزويني ، حدثنا محمد بن الفضل الطبري ، أخبرنا حدثنا محمد بن حميد ، هارون بن المغيرة ، عن عنبسة ، عن عن الزبير بن عدي ، كلثوم بن المصطلق الخزاعي ، عن قال : عبد الله بن مسعود ، . كان النبي - صلى الله عليه وسلم - عودني أن يرد علي السلام ، فأتيته ذات يوم ، فسلمت عليه ، فلم يرد علي ، وقال : إن الله - عز وجل - يحدث في أمره ما يشاء ؛ وقد أحدث لكم في هذه الصلاة أن لا يتكلمن أحد إلا بذكر الله - عز وجل - وما ينبغي من تحميده وتمجيده ، وقوموا لله قانتين
والكلام في هذا الباب يجري على فصلين :
أحد الفصلين : في المنع عن مطلق الكلام ؛ سهوه وعمده .
والثاني : في اختصاص المنع بالعمد دون السهو .
أما الفصل الأول : فقد اتفق أهل العلم قاطبة على أن من وهو لا يريد تعليم أحد ، أو إصلاح شيء أن صلاته باطلة ، وذهبوا إلى الأحاديث التي ذكرناها آنفا . يتكلم عامدا
وأما الفصل الثاني : في السهو ؛ فقد اختلف أهل العلم في المصلي يسلم في صلاته ساهيا ، أو يتكلم ساهيا قبل أن يتم صلاته ، فذهبت طائفة إلى أنه إذا تكلم ساهيا يستأنف صلاته ، وإليه ذهب قتادة من البصريين ، وإبراهيم النخعي ، وحماد بن أبي سليمان ، وأبو حنيفة ، وأهل الكوفة ، وتمسكوا بظاهر حديث لأنه مطلق ، فيتناول حالتي العمد والسهو . ابن مسعود ؛
[ ص: 211 ] وخالفهم في ذلك آخرون ، وقالوا : يبني على صلاته ولا إعادة عليه ، وروي ذلك عن . عبد الله بن مسعود
وسلم عبد الله بن الزبير في ركعتين ساهيا ، وبنى عليهما ، وسجد سجدتي السهو .
وقال : أصاب ، وبه قال ابن عباس ، عروة بن الزبير وعطاء ، والحسن البصري ، وقتادة في إحدى الروايتين عنه ، وعمرو بن دينار ، ونفر من والثوري ، أهل الكوفة ، وأصحابه ، والشافعي ، وأحمد ، وإسحاق ، وأكثر أهل الحجاز والشام .
وذهبوا في ذلك إلى حديث ورأوه ناسخا للسهو في حديث أبي هريرة ، دون العمد ؛ لأنه آخر الحديثين . ابن مسعود
أخبرني أبو مسلم محمد بن محمد بن الجنيد ، أخبرنا أبو سعد محمد بن عبد الله المطرز ، أخبرنا أحمد بن عبد الله ، أخبرنا حدثنا سليمان بن أحمد ، إسحاق ، أخبرنا عبد الرزاق ، عن مالك ، عن عن داود بن الحصين ، أبي سفيان مولى ابن أبي أحمد أنه قال : سمعت يقول : أبا هريرة ذو اليدين فقال : أقصرت الصلاة أم نسيت ؟ فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : كل ذلك لم يكن . قال : قد كان بعض ذلك يا رسول الله . قال : فأقبل النبي - صلى الله عليه وسلم - على الناس فقال : أصدق ذو اليدين ؟ قالوا : نعم . قال : فأتم النبي - صلى الله عليه وسلم - ما بقي من الصلاة ، ثم سجد سجدتين وهو جالس بعد ما سلم . صلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فسلم في ركعتين ، فقام
[ ص: 212 ] أخرجه مسلم في الصحيح عن قتيبة ، عن مالك ، وله طرق في الصحاح .
أخبرنا عبد المنعم بن عبد الله بن محمد ، أخبرنا أبو بكر عبد الغفار بن محمد ، أخبرنا أحمد بن الحسن الحرشي ، أخبرنا محمد بن يعقوب ، أخبرنا الربيع ، أخبرنا أخبرنا الشافعي ، عن عبد الوهاب الثقفي ، عن خالد الحذاء ، أبي قلابة ، عن أبي المهلب ، عن قال : عمران بن حصين ، الخرباق - رجل بسيط اليدين - فنادى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : أقصرت الصلاة ؟ فخرج مغضبا يجر رداءه ، فأخبر ، فصلى تلك الركعة التي كان ترك ، ثم سلم ، ثم سجد سجدتي السهو ، ثم سلم سلم النبي - صلى الله عليه وسلم - في ثلاث ركعات من العصر ، ثم قام فدخل الحجرة ، فقام
رواه مسلم في الصحيح عن إسحاق بن إبراهيم ، عن عبد الوهاب .
أخبرنا أبو طاهر أحمد بن محمد بن أحمد الحافظ في كتابه ، أخبرنا المبارك بن عبد الجبار الصيرفي ، أخبرنا المحاملي ، أخبرنا وذكر عن الدارقطني ، القاضي أحمد بن إسحاق قال : قال أبي : قال : إنما الشافعي نهى رسول [ ص: 213 ] الله - صلى الله عليه وسلم - عن الكلام في الصلاة في العمد ، وهذا الحديث بمكة - يعني حديث - وحديث ابن مسعود ذي اليدين بالمدينة ؛ فهو ناسخ .
أخبرني أبو المحاسن محمد بن علي الزاهد ، أخبرنا أخبرنا زاهر بن أبي عبد الرحمن المستملي ، أحمد بن الحسين ، أخبرني محمد بن عبد الله الحافظ ، أخبرنا أبو العباس ، أخبرنا الربيع قال : قال - بعد ذكر حديث الشافعي أبي هريرة ، وعمران بن حصين ، وابن عمر ، في كلام النبي - صلى الله عليه وسلم - في صلاته ساهيا - : وبهذا كله نأخذ ، وليس بخلاف حديث ومعاوية بن خديج وحديث ابن مسعود ذي اليدين ، فحديث في الكلام جملة ، ودل حديث ابن مسعود ذي اليدين على أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فرق بين كلام العمد والناسي ؛ لأنه في صلاة ، وهو يرى أنه أكمل الصلاة ، فخالفنا بعض الناس وقال : حديث ذي اليدين ثابت ، ولكنه منسوخ . فقلت : وما ناسخه ؟ فقال : حديث . فقلت له : والناسخ له إذا اختلف الحديثان الآخر منهما ؟ قال : نعم . فقلت له : ألست تحفظ في حديث ابن مسعود هذا أن ابن مسعود ؛ مر على النبي - صلى الله عليه وسلم - ابن مسعود بمكة قال : فوجدته يصلي في فناء الكعبة ، وأن هاجر إلى أرض ابن مسعود الحبشة ، ثم رجع إلى مكة ، ثم هاجر إلى المدينة وشهد بدرا ؟ قال : بلى . فقلت له : إذا كان مقدم على النبي - صلى الله عليه وسلم - ابن مسعود بمكة قبل الهجرة ، ثم كان يروي أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يصل في مسجده إلا بعد هجرته من عمران بن الحصين مكة ؟ قال : بلى . قلت : فحديث عمران يدلك على أن حديث ليس بناسخ لحديث ابن مسعود ذي اليدين . [ ص: 214 ]