العاشر : إذا كان  الإصلاح بزيادة شيء قد سقط      :  
فإن لم يكن في ذلك مغايرة في المعنى ، فالأمر فيه على ما سبق ، وذلك كنحو ما روي عن  مالك  رضي الله عنه أنه قيل له : " أرأيت حديث النبي صلى الله عليه وسلم يزاد فيه الواو والألف ، والمعنى واحد ؟ فقال : أرجو أن يكون خفيفا " .   
وإن كان الإصلاح بالزيادة يشتمل على معنى مغاير لما وقع في الأصل تأكد فيه الحكم بأنه يذكر ما في الأصل مقرونا بالتنبيه على ما سقط ، ليسلم من معرة الخطأ ، ومن أن يقول على شيخه ما لم يقل .   
حدث   أبو نعيم الفضل بن دكين  ، عن شيخ له بحديث قال فيه : " عن  بحينة     " ، فقال  أبو نعيم     : إنما هو "  ابن بحينة     " ، ولكنه قال "  بحينة     "  .   
وإذا كان من دون موضع الكلام الساقط معلوما أنه قد أتي به ، وإنما أسقطه من بعده ، ففيه وجه آخر ، وهو أن يلحق الساقط في موضعه من الكتاب مع كلمة ( يعني ) كما فعل  الخطيب الحافظ  ، إذ روى عن  ابن عمر بن مهدي  ، عن القاضي  المحاملي  بإسناده ، عن      [ ص: 222 ] عروة  ، عن  عمرة بنت عبد الرحمن     - تعني  عن  عائشة     - أنها قالت : " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدني إلي رأسه ، فأرجله "     .  
قال  الخطيب     : " كان في أصل   ابن مهدي     " عن  عمرة  أنها قالت : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدني إلي رأسه " ، فألحقنا فيه ذكر  عائشة  إذ لم يكن منه بد ، وعلمنا أن  المحاملي  كذلك رواه ، وإنما سقط من كتاب شيخنا  أبي عمر  ، وقلنا فيه : " تعني عن  عائشة  رضي الله عنها " لأجل أن   ابن مهدي  لم يقل لنا ذلك ، وهكذا رأيت غير واحد من شيوخنا يفعل في مثل هذا ، ثم ذكر بإسناده عن   أحمد بن حنبل  رضي الله عنه قال :  سمعت  وكيعا  يقول : إنا لنستعين في الحديث بـ " يعني "  
قلت : وهذا إذا كان شيخه قد رواه له على الخطأ .  فأما إذا وجد ذلك في كتابه ، وغلب على ظنه أن ذلك من الكتاب لا من شيخه ، فيتجه هاهنا إصلاح ذلك في كتابه ، وفي روايته عند تحديثه به معا .   
ذكر  أبو داود  أنه قال   لأحمد بن حنبل     : وجدت في كتابي (  حجاج  ، عن  جريج  ، عن  أبي الزبير     ) يجوز لي أن أصلحه (   ابن جريج     ) ؟ فقال : " أرجو أن يكون هذا لا بأس به " ، ( والله أعلم ) .   
 [ ص: 223 ] وهذا من قبيل ما إذا درس من كتابه بعض الإسناد ، أو المتن ، فإنه يجوز له استدراكه من كتاب غيره ، إذا عرف صحته وسكنت نفسه إلى أن ذلك هو الساقط من كتابه ، وإن كان في المحدثين من لا يستجيز ذلك .  وممن فعل ذلك   نعيم بن حماد  فيما روى عن   يحيى بن معين  ، عنه ، قال  الخطيب الحافظ     : " ولو بين ذلك في حال الرواية كان أولى " .   
وهكذا الحكم في استثبات الحافظ ما شك فيه من كتاب غيره ، أو من حفظه ، وذلك مروي عن غير واحد من أهل الحديث ، منهم  عاصم  ،  وأبو عوانة  ،   وأحمد بن حنبل   .   
وكان بعضهم يبين ما ثبته فيه غيره ، فيقول : " حدثنا فلان ، وثبتني فلان " كما روي عن   يزيد بن هارون  أنه قال : " أخبرنا  عاصم  ، وثبتني  شعبة  ، عن   عبد الله بن سرجس     " .   
وهكذا الأمر فيما إذا وجد في أصل كتابه كلمة من غريب العربية ، أو غيرها غير مقيدة ، وأشكلت عليه ، فجائز أن يسأل عنها أهل العلم بها ، ويرويها على ما يخبرونه به .  روي مثل ذلك عن   إسحاق بن راهويه  ،   وأحمد بن حنبل  ، وغيرهما رضي الله عنهم ، والله أعلم .   
				
						
						
