القسم الخامس
من أقسام طرق نقل الحديث ، وتلقيه : : المكاتبة
وهي أن يكتب الشيخ إلى الطالب ، وهو غائب شيئا من حديثه بخطه ، أو يكتب له ذلك ، وهو حاضر . ويلتحق بذلك ما إذا أمر غيره بأن يكتب له ذلك عنه إليه .
وهذا القسم ينقسم أيضا إلى نوعين :
أحدهما : أن تتجرد المكاتبة عن الإجازة .
والثاني : أن تقترن بالإجازة ، بأن يكتب إليه ويقول : ( أجزت لك ما كتبته لك ، أو ما كتبت به إليك ) ، أو نحو ذلك من عبارات الإجازة .
أما الأول : وهو ما إذا اقتصر على المكاتبة فقد أجاز الرواية بها كثير من المتقدمين ، والمتأخرين ، منهم : ، أيوب السختياني ومنصور ، ، وقاله غير واحد من الشافعيين ، وجعلها والليث بن سعد منهم أقوى من الإجازة ، وإليه صار غير واحد من الأصوليين . أبو المظفر السمعاني
وأبى ذلك قوم آخرون ، وإليه صار من الشافعيين القاضي الماوردي ، وقطع به في كتابه ( الحاوي ) .
[ ص: 174 ] والمذهب الأول هو الصحيح المشهور بين أهل الحديث ، وكثيرا ما يوجد في مسانيدهم ، ومصنفاتهم قولهم : " كتب إلي فلان قال : حدثنا فلان " ، والمراد به هذا . وذلك معمول به عندهم ، معدود في المسند الموصول ، وفيها إشعار قوي بمعنى الإجازة فهي وإن لم تقترن بالإجازة لفظا فقد تضمنت الإجازة معنى .
ثم يكفي في ذلك أن يعرف المكتوب إليه خط الكاتب ، وإن لم تقم البينة عليه .
ومن الناس من قال : " الخط يشبه الخط فلا يجوز الاعتماد على ذلك " . وهذا غير مرضي ; لأن ذلك نادر ، والظاهر أن خط الإنسان لا يشتبه بغيره ، ولا يقع فيه التباس .
ثم ذهب غير واحد من علماء المحدثين ، وأكابرهم ، منهم ، الليث بن سعد ومنصور : إلى جواز إطلاق ( حدثنا وأخبرنا ) في الرواية بالمكاتبة .
والمختار : قول من يقول فيها : ( كتب إلي فلان : قال : حدثنا فلان بكذا وكذا ) ، وهذا هو الصحيح اللائق بمذاهب أهل التحري ، والنزاهة . وهكذا لو قال : ( أخبرني به مكاتبة ، أو كتابة ) ونحو ذلك من العبارات ، ( والله أعلم ) .
أما فهي في الصحة ، والقوة شبيهة بالمناولة المقرونة بالإجازة ، والله أعلم . المكاتبة المقرونة بلفظ الإجازة