[ ص: 175 ] القسم السادس
من أقسام الأخذ ووجوه النقل : ، أو روايته ، مقتصرا على ذلك ، من غير أن يقول : ( اروه عني ، أو أذنت لك في روايته ) ونحو ذلك . إعلام الراوي للطالب بأن هذا الحديث ، أو هذا الكتاب سماعه من فلان
فهذا عند كثيرين طريق مجوز لرواية ذلك عنه ونقله . حكي ذلك عن ، وطوائف من المحدثين ، والفقهاء ، والأصليين والظاهريين ، وبه قطع ابن جريج من الشافعيين ، واختاره ونصره أبو نصر بن الصباغ أبو العباس الوليد بن بكر الغمري المالكي في كتاب ( الوجازة في تجويز الإجازة ) .
وحكى القاضي صاحب كتاب ( الفاصل بين الراوي والواعي ) عن بعض أهل الظاهر أنه ذهب إلى ذلك ، واحتج له ، وزاد فقال : " لو قال له : هذه روايتي ، لكن لا تروها عني ، كان له أن يرويها عنه ، كما لو سمع منه حديثا ، ثم قال له : لا تروه عني ، ولا أجيزه لك ، لم يضره ذلك " . أبو محمد بن خلاد الرامهرمزي
ووجه مذهب هؤلاء اعتبار ذلك بالقراءة على الشيخ ، فإنه إذا قرأ عليه شيئا من حديثه ، وأقر بأنه روايته عن فلان بن فلان ، جاز [ ص: 176 ] له أن يرويه عنه ، وإن لم يسمعه من لفظه ، ولم يقل له : " اروه عني ، أو أذنت لك في روايته عني " ، والله أعلم .
والمختار ما ذكر عن غير واحد من المحدثين وغيرهم من : أنه لا تجوز الرواية بذلك ، وبه قطع الشيخ من الشافعيين ، ولم يذكر غير ذلك ، وهذا لأنه قد يكون ذلك مسموعه وروايته ، ثم لا يأذن له في روايته عنه ، لكونه لا يجوز روايته لخلل يعرفه فيه ، ولم يوجد منه التلفظ به ، ولا ما يتنزل منزلة تلفظه به ، وهو تلفظ القارئ عليه وهو يسمع ويقر به حتى يكون قول الراوي عنه السامع ذلك ( حدثنا ، وأخبرنا ) صدقا ، وإن لم يأذن له فيه . أبو حامد الطوسي
وإنما هذا كالشاهد ، إذا ذكر في غير مجلس الحكم شهادته بشيء فليس لمن سمعه أن يشهد على شهادته ، إذا لم يأذن له ، ولم يشهده على شهادته .
وذلك مما تساوت فيه الشهادة ، والرواية ; لأن المعنى يجمع بينهما في ذلك ، وإن افترقا في غيره .
ثم إنه يجب عليه العمل بما ذكره له إذا صح إسناده ، وإن لم [ ص: 177 ] تجز له روايته عنه ; لأن ذلك يكفي فيه صحته في نفسه ، والله أعلم .