الفصل الثاني : في أحكامها ، وهي أربعة : الحكم الأول :
nindex.php?page=treesubj&link=16577تقديمها قبل الحنث . قال في ( الكتاب ) : استحب
مالك تأخيرها بعد الحنث ، فإن تقدمها أجزأه .
قاعدة : اليمين عندنا ، وعند
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ،
nindex.php?page=showalam&ids=12251وابن حنبل لا يغير حكم المحلوف عليه في إباحة ، ولا منع . قال ( ح ) : يغير . حتى قال : من حلف لا يصلي حرمت الصلاة عليه ، أو ليفسقن وجب الفسوق عليه ، ويصير ذلك كالصلاة في الدار المغصوبة واجبا من وجه ، حراما من وجه ; لأن مخالفة اليمين عنده حرام ، وقد تقدم مدركه ، وجوابه ، وبنى على ذلك منع التكفير قبل الحنث ، وأن من حرم طعاما أو غيره وجبت عليه الكفارة ; لأنه التزم تحريمه باليمين ، ولأن غير الواجب لا يجزئ عن الواجب ، وقبل الحنث لا تجب الكفارة إجماعا ، وقياسا على كفارة فطر رمضان وقتل الصيد والظهار .
لنا : أن موضوع الحلف لغة تأكيد المحلوف عليه ، والتأكيد لا يغير الأصل ، وقال ( ش ) : يجوز
nindex.php?page=treesubj&link=16577تقديم التكفير بالمال لتقديم الزكاة على الحول دون الصوم كامتناع تقديم رمضان على رؤية الهلال ، ووافقنا
nindex.php?page=showalam&ids=12251ابن حنبل .
لنا : ما في
مسلم قال ، عليه السلام : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=10349190إذا حلف أحدكم على اليمين ، فرأى غيرها خيرا منها فليكفر وليأت الذي هو خير ) ويروى : فليأت الذي هو خير وليكفر ، ويروى : ثم يكفر .
قواعد : إذا تقدم سبب الحكم دون شرطه جاز تقديمه عليه كالعفو عن
[ ص: 67 ] القصاص قبل زهوق الروح لتقدم السبب الذي هو الجراحة ، وتقديم الزكاة على الحول لتقدم ملك النصاب على الخلاف ، واليمين هاهنا هو السبب ، والحنث شرط ، فجاز تقديم الكفارة قبل الشرط بعد السبب ، ولا يجزئ قبل السبب اتفاقا . حكاه في ( الإكمال ) لتقدم العفو على الجراحة وإسقاط الشفعة قبل البيع . وفي ( الجواهر ) : هل الحنث شرط ، أو ركن ؟ قولان ، وخرج الخلاف عليه ، وبهذا يظهر الجواب عن قول
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي في الصوم ، فإن الصوم قبل الهلال تقديم على السبب ، وعلى قول ( ح ) في القياس في تلك الصورة ; لأنه يلزم التقديم على السبب بخلاف صورة النزاع ، وعن قوله : ما ليس بواجب لا يجزئ عن الواجب بتقديم الزكاة .
الثانية : الواو لا تقتضي الترتيب على الصحيح ، والفاء تقتضيه ، فملاحظة الواو في قوله - عليه السلام - : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=10349191فليأت الذي هو خير وليكفر ) لا تقتضي تأخير الكفارة عن الحنث أو تقتضيه ; لأنها للترتيب عند
الكوفيين وبعض الفقهاء ، وبتقدير تسليمه ، فالجواب عنه أن الفاء في قوله - صلى الله عليه وسلم - : ( فليكفر ) تقتضي التعقيب لرؤية ما هو خير من المحلوف عليه ، فلا يتقدم عليه الحنث ، فيكون تعقيبها في هذه الرواية معارضا لترتيب الواو في الرواية الأخرى ، وينعكس هذا التقدير بعينه ، فيقال : الفاء في قوله - عليه السلام - : ( فليأت ) يقتضي تعقب الحنث لرؤية ما هو خير .
الثالثة : ترتيب الحكم على الوصف يدل على سببية ذلك الوصف لذلك الحكم نحو اقتلوا الكافر ، واقطعوا السارق .
وقوله تعالى :
[ ص: 68 ] (
ذلك كفارة أيمانكم إذا حلفتم ) ( المائدة : 89 ) ولم يقل : إذا حنثتم . يقتضي أن السبب إنما هو الحلف ، فهذه القواعد هي مدارك العلماء في هذه المسألة .
تفريع : قال
اللخمي :
nindex.php?page=treesubj&link=16477_16478الحالف إن كان على بر ، فأربعة أقوال : كراهية التكفير لمالك ، والإجزاء له ، والمنع أيضا له ، ويخصص الجواز بكفارة اليمين دون الطلاق والعتق والصدقة والمشي ، ما لم تكن آخر طلقة ، أو عبد معينا ، وإن كان على حنث فالإجزاء لمالك ، وإن ضرب أجلا ، فثلاثة أقوال : عدم الإجزاء في ( الكتاب )
لابن القاسم ، والإجزاء له في كتاب
محمد ، والتفرقة بين اليمين بالله فيجزئ ، وغيره فلا يجزئ .
الحكم الثاني :
nindex.php?page=treesubj&link=16552لا يجوز أن يطعم جملة الطعام لمسكين واحد ، وقاله ( ش )
nindex.php?page=showalam&ids=12251وابن حنبل ، وقال ( ح ) : يجوز . محتجا بأنه سد عشر خلات في محل ، فهو كسد عشر خلات في محال ; لأن المطلوب سد الخلة لا محلها ، وجوابه : أن النص صرح بالعدد فيجب امتثاله ، ولأن الوصي لو صرح بالعدد لم تجز مخالفته اتفاقا ، فالله تعالى أولى بذلك ، ولأنه يتوقع في العدد ولي تستجاب دعوته ويتعين أن تحفظ بنيته ما لا يتوقع في الشخص الواحد ، فهذه المصالح هي الموجبة لتصريح الشرع بالعدد ، فلا يهمل تصريحه .
الحكم الثالث : تلفيقها . قال
اللخمي : اختلف قول
ابن القاسم لو
nindex.php?page=treesubj&link=16579أطعم خمسة وكسا خمسة ، ففي ( الكتاب ) : المنع ; لأن الله تعالى خير بين الأنواع دون أجزائها ، وقاله
nindex.php?page=showalam&ids=12251ابن حنبل ، و ( ح ) ، وفي كتاب
محمد الإجزاء . قال : وهو أحسن ، وقاله
الحنفي ; لأن كل واحد من النوعين سد مسد الآخر . قال
محمد : من عليه ثلاث كفارات فأعتق وكسا وأطعم وأشرك في الجميع بطل العتق ، ويعتد من الإطعام بثلاثة ، ويكمل عليها سبعة ، وكذلك الكسوة ، ويكفر عن يمين بما أحب
[ ص: 69 ] فإن أحب أن يكسو عما بقي عليه أو يطعم سبعة عشر ; لأن الذي يحصل له ثلاثة . قال : وهذا غلط ، بل يحتسب بثمانية عشر على القول بجواز التلفيق ، وعلى المشهور يحتسب بتسعة ; لأنه أطعم عشرة عن ثلاثة أيمان يجزيه منها ثلاثة عن كل يمين ، ويبطل مسكين واحد للشركة فيه ، وكذلك
nindex.php?page=treesubj&link=16579الكسوة . فعلى الأول : يجزيه اثنا عشر ، وعن الثاني : يخير بين إطعام أحد وعشرين أو كسوتهم ، وفي ( الكتاب ) : من
nindex.php?page=treesubj&link=16579كسا وأطعم وأعتق عن ثلاثة أيمان ، ولم يعين أحدهما لأحدهما أجزأه ; لأن النية لا تحتاج إلا عند الاختلاف ; لأنها شرعت لتمييز مراتب العبادات عن العادات ، أو مراتب العبادات في أنفسها ، وأسباب الكفارات مستوية ، ولا يجوز إخراج قيمة الكسوة لدلالة النص عليها كما في الزكاة .
الحكم الرابع :
nindex.php?page=treesubj&link=28382إجزاء التكفير عن الغير ، ففي ( الكتاب ) : المكفر عن غيره بغير إذنه أو بغير أمره ، أجزأه كالتكفير على الميت ، وقال ( ش ) : يجزئه بإذنه دون عدم إذنه ; لأن إذنه ينزل منزلة الوكالة في التمليك والتكفير ، وقال ( ح ) : إن لم يذكر البدل لم يجزئه ، ووافقنا في الإطعام والكسوة .
لنا على الفريقين ، أنه قام عنه بواجب ، فوجب خروجه عن العهدة كرد الوديعة والمغصوب عنه ، ولأنه إحسان ، فيكون مأمورا به لقوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=90إن الله يأمر بالعدل والإحسان ) ( النحل : 90 ) ، وإذا كان مأمورا به يجزئ ، وإلا لعري الأمر عن المصلحة ، وهو خلاف الأصل .
الْفَصْلُ الثَّانِي : فِي أَحْكَامِهَا ، وَهِيَ أَرْبَعَةٌ : الْحُكْمُ الْأَوَّلُ :
nindex.php?page=treesubj&link=16577تَقْدِيمُهَا قَبْلَ الْحِنْثِ . قَالَ فِي ( الْكِتَابِ ) : اسْتَحَبَّ
مَالِكٌ تَأْخِيرَهَا بَعْدَ الْحِنْثِ ، فَإِنْ تَقَدَّمَهَا أَجْزَأَهُ .
قَاعِدَةٌ : الْيَمِينُ عِنْدَنَا ، وَعِنْدَ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيِّ ،
nindex.php?page=showalam&ids=12251وَابْنِ حَنْبَلٍ لَا يُغَيِّرُ حُكْمَ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ فِي إِبَاحَةٍ ، وَلَا مَنْعٍ . قَالَ ( ح ) : يُغَيِّرُ . حَتَّى قَالَ : مَنْ حَلَفَ لَا يُصَلِّي حُرِّمَتِ الصَّلَاةُ عَلَيْهِ ، أَوْ لَيَفْسُقَنَّ وَجَبَ الْفُسُوقُ عَلَيْهِ ، وَيَصِيرُ ذَلِكَ كَالصَّلَاةِ فِي الدَّارِ الْمَغْصُوبَةِ وَاجِبًا مِنْ وَجْهٍ ، حَرَامًا مِنْ وَجْهٍ ; لِأَنَّ مُخَالَفَةَ الْيَمِينِ عِنْدَهُ حَرَامٌ ، وَقَدْ تَقَدَّمَ مَدْرَكُهُ ، وَجَوَابُهُ ، وَبَنَى عَلَى ذَلِكَ مَنْعَ التَّكْفِيرِ قَبْلَ الْحِنْثِ ، وَأَنَّ مَنْ حَرَّمَ طَعَامًا أَوْ غَيْرَهُ وَجَبَتْ عَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ ; لِأَنَّهُ الْتَزَمَ تَحْرِيمَهُ بِالْيَمِينِ ، وَلِأَنَّ غَيْرَ الْوَاجِبِ لَا يُجْزِئُ عَنِ الْوَاجِبِ ، وَقَبْلَ الْحِنْثِ لَا تَجِبُ الْكَفَّارَةُ إِجْمَاعًا ، وَقِيَاسًا عَلَى كَفَّارَةِ فِطْرِ رَمَضَانَ وَقَتْلِ الصَّيْدِ وَالظِّهَارِ .
لَنَا : أَنَّ مَوْضُوعَ الْحَلِفِ لُغَةً تَأْكِيدُ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ ، وَالتَّأْكِيدُ لَا يُغَيِّرُ الْأَصْلَ ، وَقَالَ ( ش ) : يَجُوزُ
nindex.php?page=treesubj&link=16577تَقْدِيمُ التَّكْفِيرِ بِالْمَالِ لِتَقْدِيمِ الزَّكَاةِ عَلَى الْحَوْلِ دُونَ الصَّوْمِ كَامْتِنَاعِ تَقْدِيمِ رَمَضَانَ عَلَى رُؤْيَةِ الْهِلَالِ ، وَوَافَقَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=12251ابْنُ حَنْبَلٍ .
لَنَا : مَا فِي
مُسْلِمٍ قَالَ ، عَلَيْهِ السَّلَامُ : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=10349190إِذَا حَلَفَ أَحَدُكُمْ عَلَى الْيَمِينِ ، فَرَأَى غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا فَلْيُكَفِّرْ وَلْيَأْتِ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ ) وَيُرْوَى : فَلْيَأْتِ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ وَلْيُكَفِّرْ ، وَيُرْوَى : ثُمَّ يُكَفِّرْ .
قَوَاعِدُ : إِذَا تَقَدَّمَ سَبَبُ الْحُكْمِ دُونَ شَرْطِهِ جَازَ تَقْدِيمُهُ عَلَيْهِ كَالْعَفْوِ عَنْ
[ ص: 67 ] الْقِصَاصِ قَبْلَ زُهُوقِ الرُّوحِ لِتَقَدُّمِ السَّبَبِ الَّذِي هُوَ الْجِرَاحَةُ ، وَتَقْدِيمُ الزَّكَاةِ عَلَى الْحَوْلِ لِتَقَدُّمِ مِلْكِ النَّصَّابِ عَلَى الْخِلَافِ ، وَالْيَمِينُ هَاهُنَا هُوَ السَّبَبُ ، وَالْحِنْثُ شَرْطٌ ، فَجَازَ تَقْدِيمُ الْكَفَّارَةِ قَبْلَ الشَّرْطِ بَعْدَ السَّبَبِ ، وَلَا يُجْزِئُ قَبْلَ السَّبَبِ اتِّفَاقًا . حَكَاهُ فِي ( الْإِكْمَالِ ) لِتَقَدُّمِ الْعَفْوِ عَلَى الْجِرَاحَةِ وَإِسْقَاطِ الشُّفْعَةِ قَبْلَ الْبَيْعِ . وَفِي ( الْجَوَاهِرِ ) : هَلِ الْحِنْثُ شَرْطٌ ، أَوْ رُكْنٌ ؟ قَوْلَانِ ، وَخَرَّجَ الْخِلَافَ عَلَيْهِ ، وَبِهَذَا يَظْهَرُ الْجَوَابُ عَنْ قَوْلِ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيِّ فِي الصَّوْمِ ، فَإِنَّ الصَّوْمَ قَبْلَ الْهِلَالِ تَقْدِيمٌ عَلَى السَّبَبِ ، وَعَلَى قَوْلِ ( ح ) فِي الْقِيَاسِ فِي تِلْكَ الصُّورَةِ ; لِأَنَّهُ يَلْزَمُ التَّقْدِيمُ عَلَى السَّبَبِ بِخِلَافِ صُورَةِ النِّزَاعِ ، وَعَنْ قَوْلِهِ : مَا لَيْسَ بِوَاجِبٍ لَا يُجْزِئُ عَنِ الْوَاجِبِ بِتَقْدِيمِ الزَّكَاةِ .
الثَّانِيَةُ : الْوَاوُ لَا تَقْتَضِي التَّرْتِيبَ عَلَى الصَّحِيحِ ، وَالْفَاءُ تَقْتَضِيهِ ، فَمُلَاحَظَةُ الْوَاوِ فِي قَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=10349191فَلْيَأْتِ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ وَلِيُكَفِّرْ ) لَا تَقْتَضِي تَأْخِيرَ الْكَفَّارَةِ عَنِ الْحِنْثِ أَوْ تَقْتَضِيهِ ; لِأَنَّهَا لِلتَّرْتِيبِ عِنْدَ
الْكُوفِيِّينَ وَبَعْضِ الْفُقَهَاءِ ، وَبِتَقْدِيرِ تَسْلِيمِهِ ، فَالْجَوَابُ عَنْهُ أَنَّ الْفَاءَ فِي قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : ( فَلْيُكَفِّرْ ) تَقْتَضِي التَّعْقِيبَ لِرُؤْيَةِ مَا هُوَ خَيْرٌ مِنَ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ ، فَلَا يَتَقَدَّمُ عَلَيْهِ الْحِنْثُ ، فَيَكُونُ تَعْقِيبُهَا فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ مُعَارِضًا لِتَرْتِيبِ الْوَاوِ فِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى ، وَيَنْعَكِسُ هَذَا التَّقْدِيرُ بِعَيْنِهِ ، فَيُقَالُ : الْفَاءُ فِي قَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - : ( فَلْيَأْتِ ) يَقْتَضِي تَعَقُّبَ الْحِنْثِ لِرُؤْيَةِ مَا هُوَ خَيْرٌ .
الثَّالِثَةُ : تَرْتِيبُ الْحُكْمِ عَلَى الْوَصْفِ يَدُلُّ عَلَى سَبَبِيَّةِ ذَلِكَ الْوَصْفِ لِذَلِكَ الْحُكْمِ نَحْوَ اقْتُلُوا الْكَافِرَ ، وَاقْطَعُوا السَّارِقَ .
وَقَوْلُهُ تَعَالَى :
[ ص: 68 ] (
ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ ) ( الْمَائِدَةِ : 89 ) وَلَمْ يَقُلْ : إِذَا حَنِثْتُمْ . يَقْتَضِي أَنَّ السَّبَبَ إِنَّمَا هُوَ الْحَلِفُ ، فَهَذِهِ الْقَوَاعِدُ هِيَ مَدَارِكُ الْعُلَمَاءِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ .
تَفْرِيعٌ : قَالَ
اللَّخْمِيُّ :
nindex.php?page=treesubj&link=16477_16478الْحَالِفُ إِنْ كَانَ عَلَى بِرٍّ ، فَأَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ : كَرَاهِيَةُ التَّكْفِيرِ لِمَالِكٍ ، وَالْإِجْزَاءُ لَهُ ، وَالْمَنْعُ أَيْضًا لَهُ ، وَيُخَصَّصُ الْجَوَازُ بِكَفَّارَةِ الْيَمِينِ دُونَ الطَّلَاقِ وَالْعِتْقِ وَالصَّدَقَةِ وَالْمَشْيِ ، مَا لَمْ تَكُنْ آخِرَ طَلْقَةٍ ، أَوْ عَبْدٌ مُعَيَّنًا ، وَإِنْ كَانَ عَلَى حِنْثٍ فَالْإِجْزَاءُ لِمَالِكٍ ، وَإِنْ ضَرَبَ أَجَلًا ، فَثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ : عَدَمُ الْإِجْزَاءِ فِي ( الْكِتَابِ )
لِابْنِ الْقَاسِمِ ، وَالْإِجْزَاءُ لَهُ فِي كِتَابِ
مُحَمَّدٍ ، وَالتَّفْرِقَةُ بَيْنَ الْيَمِينِ بِاللَّهِ فَيُجْزِئُ ، وَغَيْرِهِ فَلَا يُجْزِئُ .
الْحُكْمُ الثَّانِي :
nindex.php?page=treesubj&link=16552لَا يَجُوزُ أَنْ يُطْعِمَ جُمْلَةَ الطَّعَامِ لِمِسْكِينٍ وَاحِدٍ ، وَقَالَهُ ( ش )
nindex.php?page=showalam&ids=12251وَابْنُ حَنْبَلٍ ، وَقَالَ ( ح ) : يَجُوزُ . مُحْتَجًّا بِأَنَّهُ سَدَّ عَشْرَ خَلَّاتٍ فِي مَحَلٍّ ، فَهُوَ كَسَدِّ عَشْرِ خَلَّاتٍ فِي مَحَالٍّ ; لِأَنَّ الْمَطْلُوبَ سَدُّ الْخَلَّةِ لَا مَحَلُّهَا ، وَجَوَابُهُ : أَنَّ النَّصَّ صَرَّحَ بِالْعَدَدِ فَيَجِبُ امْتِثَالُهُ ، وَلِأَنَّ الْوَصِيَّ لَوْ صَرَّحَ بِالْعَدَدِ لَمْ تَجُزْ مُخَالَفَتُهُ اتِّفَاقًا ، فَاللَّهُ تَعَالَى أَوْلَى بِذَلِكَ ، وَلِأَنَّهُ يُتَوَقَّعُ فِي الْعَدَدِ وَلِيٌّ تُسْتَجَابُ دَعْوَتُهُ وَيَتَعَيَّنُ أَنْ تُحْفَظَ بِنْيَتُهُ مَا لَا يُتَوَقَّعُ فِي الشَّخْصِ الْوَاحِدِ ، فَهَذِهِ الْمَصَالِحُ هِيَ الْمُوجِبَةُ لِتَصْرِيحِ الشَّرْعِ بِالْعَدَدِ ، فَلَا يُهْمَلُ تَصْرِيحُهُ .
الْحُكْمُ الثَّالِثُ : تَلْفِيقُهَا . قَالَ
اللَّخْمِيُّ : اخْتَلَفَ قَوْلُ
ابْنِ الْقَاسِمِ لَوْ
nindex.php?page=treesubj&link=16579أَطْعَمَ خَمْسَةً وَكَسَا خَمْسَةً ، فَفِي ( الْكِتَابِ ) : الْمَنْعُ ; لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى خَيَّرَ بَيْنَ الْأَنْوَاعِ دُونَ أَجْزَائِهَا ، وَقَالَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=12251ابْنُ حَنْبَلٍ ، وَ ( ح ) ، وَفِي كِتَابِ
مُحَمَّدٍ الْإِجْزَاءُ . قَالَ : وَهُوَ أَحْسَنُ ، وَقَالَهُ
الْحَنَفِيُّ ; لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنَ النَّوْعَيْنِ سَدَّ مَسَدَّ الْآخَرِ . قَالَ
مُحَمَّدٌ : مَنْ عَلَيْهِ ثَلَاثُ كَفَّارَاتٍ فَأَعْتَقَ وَكَسَا وَأَطْعَمَ وَأَشْرَكَ فِي الْجَمِيعِ بَطَلَ الْعِتْقُ ، وَيُعْتَدُّ مِنَ الْإِطْعَامِ بِثَلَاثَةٍ ، وَيُكْمِلُ عَلَيْهَا سَبْعَةً ، وَكَذَلِكَ الْكِسْوَةُ ، وَيُكَفِّرُ عَنْ يَمِينٍ بِمَا أَحَبَّ
[ ص: 69 ] فَإِنْ أَحَبَّ أَنْ يَكْسُوَ عَمَّا بَقِيَ عَلَيْهِ أَوْ يُطْعِمَ سَبْعَةَ عَشَرَ ; لِأَنَّ الَّذِي يَحْصُلُ لَهُ ثَلَاثَةٌ . قَالَ : وَهَذَا غَلَطٌ ، بَلْ يُحْتَسَبُ بِثَمَانِيَةَ عَشَرَ عَلَى الْقَوْلِ بِجَوَازِ التَّلْفِيقِ ، وَعَلَى الْمَشْهُورِ يُحْتَسَبُ بِتِسْعَةٍ ; لِأَنَّهُ أَطْعَمَ عَشَرَةً عَنْ ثَلَاثَةِ أَيْمَانٍ يُجْزِيهِ مِنْهَا ثَلَاثَةٌ عَنْ كُلِّ يَمِينٍ ، وَيَبْطُلُ مِسْكِينٌ وَاحِدٌ لِلشَّرِكَةِ فِيهِ ، وَكَذَلِكَ
nindex.php?page=treesubj&link=16579الْكِسْوَةُ . فَعَلَى الْأَوَّلِ : يَجْزِيهِ اثْنَا عَشَرَ ، وَعَنِ الثَّانِي : يُخَيَّرُ بَيْنَ إِطْعَامِ أَحَدٍ وَعِشْرِينَ أَوْ كِسْوَتِهِمْ ، وَفِي ( الْكِتَابِ ) : مَنْ
nindex.php?page=treesubj&link=16579كَسَا وَأَطْعَمَ وَأَعْتَقَ عَنْ ثَلَاثَةِ أَيْمَانٍ ، وَلَمْ يُعَيِّنْ أَحَدَهُمَا لِأَحَدِهِمَا أَجْزَأَهُ ; لِأَنَّ النِّيَّةَ لَا تُحْتَاجُ إِلَّا عِنْدَ الِاخْتِلَافِ ; لِأَنَّهَا شُرِعَتْ لِتَمْيِيزِ مَرَاتِبِ الْعِبَادَاتِ عَنِ الْعَادَاتِ ، أَوْ مَرَاتِبِ الْعِبَادَاتِ فِي أَنْفُسِهَا ، وَأَسْبَابُ الْكَفَّارَاتِ مُسْتَوِيَةٌ ، وَلَا يَجُوزُ إِخْرَاجُ قِيمَةِ الْكِسْوَةِ لِدَلَالَةِ النَّصِّ عَلَيْهَا كَمَا فِي الزَّكَاةِ .
الْحُكْمُ الرَّابِعُ :
nindex.php?page=treesubj&link=28382إِجْزَاءُ التَّكْفِيرِ عَنِ الْغَيْرِ ، فَفِي ( الْكِتَابِ ) : الْمُكَفِّرُ عَنْ غَيْرِهِ بِغَيْرِ إِذْنِهِ أَوْ بِغَيْرِ أَمْرِهِ ، أَجْزَأَهُ كَالتَّكْفِيرِ عَلَى الْمَيِّتِ ، وَقَالَ ( ش ) : يُجْزِئُهُ بِإِذْنِهِ دُونَ عَدَمِ إِذْنِهِ ; لِأَنَّ إِذْنَهُ يَنْزِلُ مَنْزِلَةَ الْوَكَالَةِ فِي التَّمْلِيكِ وَالتَّكْفِيرِ ، وَقَالَ ( ح ) : إِنْ لَمْ يَذْكُرِ الْبَدَلَ لَمْ يُجْزِئْهُ ، وَوَافَقَنَا فِي الْإِطْعَامِ وَالْكِسْوَةِ .
لَنَا عَلَى الْفَرِيقَيْنِ ، أَنَّهُ قَامَ عَنْهُ بِوَاجِبٍ ، فَوَجَبَ خُرُوجُهُ عَنِ الْعُهْدَةِ كَرَدِّ الْوَدِيعَةِ وَالْمَغْصُوبِ عَنْهُ ، وَلِأَنَّهُ إِحْسَانٌ ، فَيَكُونُ مَأْمُورًا بِهِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=90إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ ) ( النَّحْلِ : 90 ) ، وَإِذَا كَانَ مَأْمُورًا بِهِ يُجْزِئُ ، وَإِلَّا لَعَرِيَ الْأَمْرُ عَنِ الْمَصْلَحَةِ ، وَهُوَ خِلَافُ الْأَصْلِ .