الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
1229 1185 - مالك ، عن nindex.php?page=showalam&ids=17314يحيى بن سعيد ، عن رجل من الأنصار ; أن [ ص: 42 ] امرأته سألته الطلاق . فقال لها ، إذا حضت فآذنيني . فلما حاضت آذنته . فقال : إذا طهرت فآذنيني . فلما طهرت آذنته . فطلقها .
26755 - قال أبو عمر : هذا هو الطلاق للعدة الذي يسميه العلماء طلاق السنة ، لم يختلفوا فيه إذا طلقها واحدة .
[ ص: 43 ] [ ص: 44 ] 26756 - قال مالك ، وأصحابه : nindex.php?page=treesubj&link=11744طلاق السنة أن يطلقها في طهر - لم يمسها فيه - تطليقة واحدة .
26757 - وكذلك قال nindex.php?page=showalam&ids=15136عبد العزيز بن أبي سلمة ، nindex.php?page=showalam&ids=15124والليث بن سعد ، وابن حي ، nindex.php?page=showalam&ids=13760والأوزاعي ، إلا أن بعضهم يقول : طلاق السنة .
[ ص: 45 ] 26758 - وبعضهم يقول : الطلاق للعدة .
26759 - وقول مالك ، ومن تابعه في ذلك إجماع من العلماء ; لأن من خالفهم في وجوه طلاق السنة جامعهم في ذلك .
26760 - وقال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : طلاق السنة الذي أمر الله به للعدة هو أن يطلقها طاهرا لم يمسها في ذلك الطهر ، ولا حائضا ، ولا نفساء ، وسواء طلقها واحدة ، أو اثنتين ، أو ثلاثا ، فإذا طلقها في طهر لم يمسها فيه ، فهو مطلق للسنة .
26761 - قال المزني عنه : nindex.php?page=treesubj&link=11744من قال لامرأته : أنت طالق ثلاثا للسنة ، وهي طاهر من غير جماع طلقت ثلاثا معا للسنة .
26762 - قال مالك : وإن كانت مجامعة ، أو حائضا ، أو نفساء ، وقال لها : أنت طالق للسنة وقع الطلاق عليها حين تطهر من الحيض أو النفاس ، وحين تطهر من المجامعة من أول الحيض بعد قوله .
26763 - ومن حجة nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي أن الطلاق مباح ، وأن من له أن يوقع واحدة كان له أن يوقع ثلاثا .
[ ص: 46 ] 26764 - وقد مضى القول عليه ، وله في أول كتاب الطلاق من هذا الكتاب .
26765 - وقد احتج بعض أصحابنا بما رواه nindex.php?page=showalam&ids=16004الثوري ، عن أبي إسحاق ، عن أبي الأحوص ، عن nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود ، قال : " الطلاق السنة أن يطلقها طاهرا من غير جماع " ولم يقل : واحدة ، أو أكثر .
26766 - وهذا الحديث قد رواه شعبة عن أبي إسحاق ، عن أبي الأحوص ، عن عبد الله ، فقال فيه : أو يراجعها - إن شاء .
26767 - فدل على أن ذلك طلاق يملك فيه الرجعة .
26768 - وهذا يحتمل أن يكون أراد : ومن طلق دون الثلاث ، فله الرجعة .
26769 - nindex.php?page=showalam&ids=16004والثوري عندهم أحفظ من شعبة ، وقد قال : الطلاق للسنة أن يطلقها طاهرا من غير جماع .
26770 - ولم يشترط واحدة ، ولا أكثر جماعة من أهل العلم منهم : الحسن ، nindex.php?page=showalam&ids=16972وابن سيرين ، nindex.php?page=showalam&ids=11867وجابر بن زيد ، وعكرمة ، ومجاهد ، وإبراهيم .
[ ص: 47 ] 26771 - وقال أبو حنيفة ، وأصحابه : أحسن الطلاق أن يطلقها إذا طهرت قبل الجماع طلقة واحدة ، ثم يتركها حتى تنقضي عدتها .
26772 - وإن أراد أن يطلقها ثلاثا طلقها عند كل طهر ، واحدة قبل الجماع .
وهو قول nindex.php?page=showalam&ids=16004الثوري .
26773 - قال أبو عمر : كلا هذين الوجهين عند أبي حنيفة ، وأصحابه ، nindex.php?page=showalam&ids=16004والثوري طلاق سنة ، إلا أن الأول أحسن عندهم .
26774 - وقال أشهب في ذلك كقولهم ، قال : nindex.php?page=treesubj&link=11744من طلق امرأته في طهر لم يمسها فيه طلقة واحدة ، ثم إذا حاضت ، وطهرت طلقها أخرى ، ثم إذا طهرت طلقها ثالثة ، فهو مطلق للسنة .
26775 - قال أبو عمر : ليس هو عند مالك ، وسائر أصحابه مطلقا للسنة ، وكيف يكون مطلقا للسنة ، والطلقة الثانية لا يعتد منها إلا بقرأين ، والطلقة الثالثة لا يعتد منها إلا بقرء واحد ؟ .
26776 - وهذا خلاف السنة في العدة .
26777 - ومن طلق للسنة كما قال مالك ، ومن تابعه شهد له الجميع ; لأنه طلق للسنة .
[ ص: 48 ] 26778 - وقال أبو حنيفة ، وأصحابه عن إبراهيم ، عن أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنهم كانوا يستحبون ألا يزيدوا في الطلاق على واحدة حتى تنقضي العدة ، وأن هذا هو الأفضل عندهم من أن يطلقها ثلاثا عند كل طهر واحدة .
26779 - وكذلك قال nindex.php?page=showalam&ids=14117الحسن بن حي : لأن يطلقها واحدة ، ويتركها أحب إلي من أن يطلقها ثلاثا في ثلاثة أطهار .
26780 - وقال nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد بن حنبل : طلاق السنة أن يطلقها طاهرا من غير جماع واحدة ، ويدعها حتى تنقضي عدتها .
26781 - وهذا قول مالك .
26782 - قال : ولو طلقها ثلاثا في طهر لم يمسها فيه كان أيضا مطلقا للسنة . وإن كان تاركا للاختيار .
26783 - وهذا نحو قول nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي .
26784 - وبه قال nindex.php?page=showalam&ids=11956أبو ثور ، وداود بن علي .
26785 - واتفق nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ، وأحمد ، nindex.php?page=showalam&ids=11956وأبو ثور ، وداود أنه ليس في عدد الطلاق سنة ، ولا بدعة .
[ ص: 49 ] 26786 - وإنما السنة في وقت الطلاق ، وموضعه فمن طلق امرأته في طهر لم يصبها فيه ما شاء من الطلاق ، فهو مطلق للسنة .
26787 - قال أبو عمر : روى nindex.php?page=showalam&ids=13726الأعمش ، عن أبي إسحاق ، عن أبي الأحوص ، عن nindex.php?page=showalam&ids=10عبد الله بن مسعود أنه قال : طلاق السنة أن يطلقها تطليقة ، وهي طاهر من غير جماع .
26788 - فإذا حاضت ، وطهرت طلقها أخرى ، فإذا حاضت وطهرت طلقها أخرى ، فإذا حاضت وطهرت طلقها أخرى ، ثم تعتد بعد ذلك بحيضة واحدة .
26789 - قال nindex.php?page=showalam&ids=13726الأعمش : وهو قول إبراهيم .
26790 - روى هذا الحديث nindex.php?page=showalam&ids=13726الأعمش عن علي .
26791 - وخالفه جماعة من أصحاب أبي إسحاق ، منهم : شعبة ، nindex.php?page=showalam&ids=16004والثوري ، nindex.php?page=showalam&ids=15932وزهير بن معاوية ، فرووه عن أبي إسحاق ، عن أبي الأحوص ، عن عبد الله في قوله تعالى : 4 nindex.php?page=tafseer&surano=65&ayano=1فطلقوهن لعدتهن [ الطلاق : 1 ] . أن يطلقها طاهرا من غير جماع ، ثم يدعها حتى تنقضي عدتها ، أو يراجعها إن شاء ، ولم يذكروا الطلاق عند كل طهر .
[ ص: 50 ] 26792 - وهؤلاء مقدمون في حفظ حديث أبي إسحاق عن nindex.php?page=showalam&ids=13726الأعمش ، وغيره عند أهل العلم بالحديث ، وليست عندهم رواية nindex.php?page=showalam&ids=13726الأعمش عن المتأخرين كروايته عن المتقدمين .
26793 - وقد روي عن علي - رضي الله عنه - في طلاق السنة ما هو الاختيار عند جماعة الأمة ، قال : ما طلق أحد طلاق السنة فندم .
26794 - قيل له : وما nindex.php?page=treesubj&link=11744طلاق السنة ؟ ما هو ؟ .
26795 - قال : أن يطلقها طاهرا ، ولم يجامعها في قبل عدتها حين تطهر ، فإن بدا له أن يراجعها راجعها ، وإلا شاء خلى سبيلها حتى تنقضي عدتها ، أو يطلقها حاملا ، قد تبين حملها .