[ ص: 286 ] باب الوتر بعد الفجر

249 - ذكر فيه مالك عن ابن عباس ، وعبادة بن الصامت ، وعبد الله بن عامر بن ربيعة ، والقاسم بن محمد أنهم أوتروا بعد الفجر .

250 - وعن ابن مسعود أنه قال : ما أبالي لو أقيمت الصلاة وأنا أوتر .

251 - وعن عبادة بن الصامت أنه أسكت المؤذن بالإقامة لصلاة الصبح حتى أوتر .

6826 - وقال مالك بأثر ذلك : إنما يوتر بعد الفجر من نام عن الوتر ولا ينبغي لأحد أن يتعمد ذلك حتى يضع وتره بعد الفجر .

التالي السابق

الشرح

6827 - قَالَ أَبُو عُمَرَ : اخْتَلَفَ السَّلَفُ مِنَ الْعُلَمَاءِ وَالْخَلَفُ بَعْدَهُمْ فِي آخِرِ وَقْتِ [ ص: 287 ] الْوِتْرِ بَعْدَ إِجْمَاعِهِمْ عَلَى أَنَّ أَوَّلَ وَقْتِهِ بَعْدَ صَلَاةِ الْعِشَاءِ ، وَأَنَّ اللَّيْلَ كُلَّهُ حَتَّى يَنْفَجِرَ الصُّبْحُ وَقْتٌ لَهُ إِذْ هُوَ آخِرُ صَلَاةِ اللَّيْلِ .

6828 - فَقَالَ مِنْهُمْ قَائِلُونَ : لَا يُصَلَّى الْوِتْرُ بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ ، وَإِنَّمَا وَقْتُهَا مِنْ صَلَاةِ الْعِشَاءِ إِلَى طُلُوعِ الْفَجْرِ فَإِذَا طَلَعَ الْفَجْرُ فَلَا وِتْرَ .

6829 - وَمِمَّنْ قَالَ هَذَا سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ ، وَمَكْحُولٌ ، وَعَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ .

6830 - وَهُوَ قَوْلُ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ ، وَأَبِي يُوسُفَ ، وَمُحَمَّدٍ .

6831 - وَحُجَّتُهُمْ حَدِيثُ خَارِجَةَ بْنِ حُذَافَةَ الْعَدَوِيِّ ، قَالَ : خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ : " إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَدْ أَمَدَّكُمْ بِصَلَاةٍ هِيَ خَيْرٌ لَكُمْ مِنْ حُمُرِ النَّعَمِ هِيَ الْوِتْرُ ، جَعَلَهَا اللَّهُ لَكُمْ مَا بَيْنَ صَلَاةِ الْعِشَاءِ وَطُلُوعِ الْفَجْرِ " .

6832 - وَذَكَرَ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ هُشَيْمٍ ، عَنْ أَبِي هَارُونَ ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ ، قَالَ : نَادَى مُنَادِي رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : أَلَا لَا وِتْرَ بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ .

6833 - وَأَبُو هَارُونَ الْعَبْدِيُّ لَيْسَ مِمَّنْ يُحْتَجُّ بِهِ .

6834 - وَقَالَ آخَرُونَ : يُصَلِّي الْوِتْرَ مَا لَمْ يُصَلِّ الصُّبْحَ فَمَنْ صَلَّى الصُّبْحَ فَلَا يُصَلِّي الْوِتْرَ .

6835 - رُوِيَ هَذَا الْقَوْلُ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ ، وَابْنِ عَبَّاسٍ ، وَعُبَادَةَ [ ص: 288 ] بْنِ الصَّامِتِ ، وَأَبِي الدَّرْدَاءِ ، وَحُذَيْفَةَ ، وَعَائِشَةَ .

6836 - وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ ، وَالشَّافِعِيُّ ، وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ ، وَأَبُو ثَوْرٍ ، وَإِسْحَاقُ ، وَجَمَاعَةٌ .

6837 - وَهُوَ الصَّوَابُ عِنْدِي لِأَنِّي لَا أَعْلَمُ لِهَؤُلَاءِ الصَّحَابَةِ مُخَالِفًا مِنَ الصَّحَابَةِ .

6838 - فَدَلَّ إِجْمَاعُهُمْ عَلَى أَنَّ مَعْنَى الْحَدِيثِ فِي مُرَاعَاةِ طُلُوعِ الْفَجْرِ أُرِيدَ مَا لَمْ تُصَلَّ صَلَاةُ الْفَجْرِ .

6839 - وَيَحْتَمِلُ أَيْضًا أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ لِمَنْ قَصَدَهُ وَاعْتَمَدَهُ ، وَأَمَّا مَنْ نَامَ عَنْهُ وَغَلَبَتْهُ عَيْنُهُ حَتَّى انْفَجَرَ الصُّبْحُ ، وَأَمْكَنَهُ أَنْ يُصَلِّيَهُ مَعَ الصُّبْحِ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ مِمَّا أُرِيدَ بِذَلِكَ الْخِطَابِ ، وَاللَّهُ الْمُوَفِّقُ لِلصَّوَابِ ، وَإِلَى هَذَا الْمَعْنَى أَشَارَ مَالِكٌ رَحِمَهُ اللَّهُ .

6840 - وَأَمَّا مَنْ أَوْجَبَ قَضَاءَ الْوِتْرِ بَعْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ فَقَدْ شَذَّ عَنِ الْجُمْهُورِ وَحَكَمَ لِلْوِتْرِ بِحُكْمِ الْفَرِيضَةِ .

6841 - وَقَدْ أَوْضَحْنَا خَطَأَ قَوْلِهِ فِيمَا مَضَى مِنْ هَذَا الْكِتَابِ .

6842 - رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ طَائِفَةٍ مِنَ التَّابِعِينَ مِنْهُمْ طَاوُسٌ .

6843 - وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ ، وَخَالَفَهُ صَاحِبَاهُ .

6844 - إِلَّا أَنَّ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ مَنِ اسْتَحَبَّ وَرَأَى إِعَادَةَ الْوِتْرِ بَعْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ .

6845 - وَقَالَ الثَّوْرِيُّ : إِذَا طَلَعَتِ الشَّمْسُ فَإِنْ شَاءَ قَضَاهُ وَإِنْ شَاءَ لَمْ يَقْضِهِ .

[ ص: 289 ] 6846 - وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ : يَقْضِيهِ مَتَى مَا ذَكَرَهُ مِنْ يَوْمِهِ حَتَّى يُصَلِّيَ الْعِشَاءَ الْآخِرَةَ ، فَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ حَتَّى صَلَاةَ الْعِشَاءِ لَمْ يَقْضِهِ بَعْدُ ، فَإِنْ فَعَلَ شَفَعَ وِتْرَهُ .

6847 - قَالَ اللَّيْثُ : يَقْضِيهِ بَعْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ .

6848 - وَقَالَ مَالِكٌ ، وَالشَّافِعِيُّ : لَا يَقْضِيهِ .

6849 - وَاخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا وَغَيْرُهُمْ فِيمَنْ ذَكَرَ الْوِتْرَ فِي صَلَاةِ الصُّبْحِ .

6850 - وَاخْتَلَفَ فِي ذَلِكَ أَيْضًا قَوْلُ مَالِكٍ عَلَى قَوْلَيْنِ .

6851 - فَقَالَ مَرَّةً : يَقْطَعُ وَيُصَلِّي الْوِتْرَ .

6852 - وَاخْتَارَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ فَضَارَعَ فِي ذَلِكَ قَوْلَ أَبِي حَنِيفَةَ فِي إِيجَابِ الْوِتْرِ .

6853 - وَمَرَّةً قَالَ مَالِكٌ : لَا يَقْطَعُ وَيَتَمَادَى فِي صَلَاةِ الصُّبْحِ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَلَا يُعِيدُ الْوِتْرَ .

6854 - وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَالْجُمْهُورِ مِنَ الْعُلَمَاءِ .

6855 - وَهُوَ الصَّوَابُ ; لِأَنَّ الْقَطْعَ لِمَنْ ذَكَرَ الصَّلَاةَ وَهُوَ فِي صَلَاةٍ لَمْ يَكُنْ مِنْ أَجْلِ شَيْءٍ غَيْرَ التَّرْتِيبِ فِي صَلَاةِ الْيَوْمِ .

6856 - وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ لَا رُتْبَةَ بَيْنَ الْوِتْرِ وَصَلَاةِ الصُّبْحِ ، لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ جِنْسِهَا ، وَإِنَّمَا الرُّتْبَةُ فِي الْمَكْتُوبَاتِ لَا فِي النَّوَافِلِ مِنَ الصَّلَوَاتِ .

6857 - وَمَا أَعْلَمُ أَحَدًا قَالَ : يَقْطَعُ صَلَاةَ الصُّبْحِ لِمَنْ ذَكَرَ فِيهَا أَنَّهُ لَمْ يُوتِرْ إِلَّا أَبَا حَنِيفَةَ ، وَابْنَ الْقَاسِمِ .

6858 - وَأَمَّا مَالِكٌ فَالصَّحِيحُ عَنْهُ أَنَّهُ لَا يَقْطَعُ .

6859 - وَقَدْ قَالَ أَبُو ثَوْرٍ وَمُحَمَّدٌ : لَا يَقْطَعُ .

6860 - وَهُوَ قَوْلُ جُمْهُورِ أَصْحَابِنَا وَتَحْصِيلُ مَذْهَبِنَا .

6861 - وَلَوْلَا إِيجَابُ أَبِي حَنِيفَةَ الْوِتْرَ مَا رَأَى الْقَطْعَ ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

6862 - فَإِنْ قِيلَ : إِنَّمَا أَمَرَ بِقَطْعِ صَلَاةِ الصُّبْحِ لِلْوِتْرِ ; لِأَنَّ الْوِتْرَ ، لَا يُقْضَى [ ص: 290 ] وَلَا يُصَلَّى بَعْدَ صَلَاةِ الصُّبْحِ ، وَإِنَّمَا وَقْتُهُ قَبْلَ الْفَجْرِ وَقَبْلَ صَلَاةِ الصُّبْحِ عِنْدَنَا ، وَهُوَ مِنَ السُّنَنِ الْمُؤَكَّدَةِ ، فَمَنْ نَسِيَهُ ثُمَّ ذَكَرَهُ وَهُوَ فِي صَلَاةِ الصُّبْحِ قَطَعَهَا إِذَا كَانَ فِي سَعَةٍ مِنْ وَقْتِهَا وَصَلَّى الْوِتْرَ ثُمَّ صَلَّى الصُّبْحَ ، فَيَكُونُ قَدْ أَتَى بِالسُّنَّةِ وَالْفَرِيضَةِ فِي وَقْتِهَا .

6863 - قِيلَ : لَيْسَ لِهَذَا أَصْلٌ فِي الشَّرْعِ الْمُجْتَمَعِ عَلَيْهِ ، بَلِ الْأَصْلُ أَنْ لَا يُبْطِلُ الْإِنْسَانُ عَمَلَهُ وَلَا يَخْرُجُ مِنْ فَرْضِهِ قَبْلَ أَنْ يُتِمَّهُ لِغَيْرِ وَاجِبٍ عَلَيْهِ .

6864 - وَمَعْلُومٌ أَنَّ إِتْمَامَ مَا وَجَبَ إِتْمَامُهُ فَرْضٌ وَالْوِتْرَ سُنَّةٌ ، فَكَيْفَ يُقْطَعُ فَرْضٌ لِسُنَّةٍ .

6865 - وَقَدْ أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ أَنَّهُ لَا تُقْطَعُ صَلَاةُ فَرِيضَةٍ لِصَلَاةٍ مَسْنُونَةٍ فِيمَا عَدَا الْوِتْرَ ، وَاخْتَلَفُوا فِي قَطْعِهَا لِلْوِتْرِ ، فَالْوَاجِبُ رَدُّ مَا اخْتَلَفُوا فِيهِ إِلَى مَا أَجْمَعُوا عَلَيْهِ .

6866 - وَكَذَلِكَ أَجْمَعَ فُقَهَاءُ الْأَمْصَارِ أَنَّهُ لَا يَقْطَعُ صَلَاةَ الصُّبْحِ لِلْوِتْرِ إِنْ كَانَ خَلْفَ إِمَامٍ ، فَكَذَلِكَ الْمُنْفَرِدُ قِيَاسًا وَنَظَرًا وَعَلَيْهِ جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ ، وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ .

6867 - وَلَمْ يَخْتَلِفْ قَوْلُ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ فِيمَنْ أَحْرَمَ بِالتَّيَمُّمِ فَطَرَأَ عَلَيْهِ الْمَاءُ وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ أَنَّهُ يَتَمَادَى وَلَا يَقْطَعُ . وَهَذَا كَانَ أُولَى مِنَ الْقَطْعِ لِلْوِتْرِ .

6868 - وَقَدْ أَوْضَحْنَا ذَلِكَ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ .

6827 - قال أبو عمر : اختلف السلف من العلماء والخلف بعدهم في آخر وقت [ ص: 287 ] الوتر بعد إجماعهم على أن أول وقته بعد صلاة العشاء ، وأن الليل كله حتى ينفجر الصبح وقت له إذ هو آخر صلاة الليل .

6828 - فقال منهم قائلون : لا يصلى الوتر بعد طلوع الفجر ، وإنما وقتها من صلاة العشاء إلى طلوع الفجر فإذا طلع الفجر فلا وتر .

6829 - وممن قال هذا سعيد بن جبير ، ومكحول ، وعطاء بن أبي رباح .

6830 - وهو قول سفيان الثوري ، وأبي يوسف ، ومحمد .

6831 - وحجتهم حديث خارجة بن حذافة العدوي ، قال : خرج علينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال : " إن الله تعالى قد أمدكم بصلاة هي خير لكم من حمر النعم هي الوتر ، جعلها الله لكم ما بين صلاة العشاء وطلوع الفجر " .

6832 - وذكر أبو بكر بن أبي شيبة عن هشيم ، عن أبي هارون ، عن أبي سعيد الخدري ، قال : نادى منادي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ألا لا وتر بعد طلوع الفجر .

6833 - وأبو هارون العبدي ليس ممن يحتج به .

6834 - وقال آخرون : يصلي الوتر ما لم يصل الصبح فمن صلى الصبح فلا يصلي الوتر .

6835 - روي هذا القول عن ابن مسعود ، وابن عباس ، وعبادة [ ص: 288 ] بن الصامت ، وأبي الدرداء ، وحذيفة ، وعائشة .

6836 - وبه قال مالك ، والشافعي ، وأحمد بن حنبل ، وأبو ثور ، وإسحاق ، وجماعة .

6837 - وهو الصواب عندي لأني لا أعلم لهؤلاء الصحابة مخالفا من الصحابة .

6838 - فدل إجماعهم على أن معنى الحديث في مراعاة طلوع الفجر أريد ما لم تصل صلاة الفجر .

6839 - ويحتمل أيضا أن يكون ذلك لمن قصده واعتمده ، وأما من نام عنه وغلبته عينه حتى انفجر الصبح ، وأمكنه أن يصليه مع الصبح قبل طلوع الشمس مما أريد بذلك الخطاب ، والله الموفق للصواب ، وإلى هذا المعنى أشار مالك رحمه الله .

6840 - وأما من أوجب قضاء الوتر بعد طلوع الشمس فقد شذ عن الجمهور وحكم للوتر بحكم الفريضة .

6841 - وقد أوضحنا خطأ قوله فيما مضى من هذا الكتاب .

6842 - روي ذلك عن طائفة من التابعين منهم طاوس .

6843 - وهو قول أبي حنيفة ، وخالفه صاحباه .

6844 - إلا أن من أهل العلم من استحب ورأى إعادة الوتر بعد طلوع الشمس .

6845 - وقال الثوري : إذا طلعت الشمس فإن شاء قضاه وإن شاء لم يقضه .

[ ص: 289 ] 6846 - وقال الأوزاعي : يقضيه متى ما ذكره من يومه حتى يصلي العشاء الآخرة ، فإن لم يذكر حتى صلاة العشاء لم يقضه بعد ، فإن فعل شفع وتره .

6847 - قال الليث : يقضيه بعد طلوع الشمس .

6848 - وقال مالك ، والشافعي : لا يقضيه .

6849 - واختلف أصحابنا وغيرهم فيمن ذكر الوتر في صلاة الصبح .

6850 - واختلف في ذلك أيضا قول مالك على قولين .

6851 - فقال مرة : يقطع ويصلي الوتر .

6852 - واختاره ابن القاسم فضارع في ذلك قول أبي حنيفة في إيجاب الوتر .

6853 - ومرة قال مالك : لا يقطع ويتمادى في صلاة الصبح ولا شيء عليه ولا يعيد الوتر .

6854 - وهو قول الشافعي والجمهور من العلماء .

6855 - وهو الصواب ; لأن القطع لمن ذكر الصلاة وهو في صلاة لم يكن من أجل شيء غير الترتيب في صلاة اليوم .

6856 - ومعلوم أنه لا رتبة بين الوتر وصلاة الصبح ، لأنه ليس من جنسها ، وإنما الرتبة في المكتوبات لا في النوافل من الصلوات .

6857 - وما أعلم أحدا قال : يقطع صلاة الصبح لمن ذكر فيها أنه لم يوتر إلا أبا حنيفة ، وابن القاسم .

6858 - وأما مالك فالصحيح عنه أنه لا يقطع .

6859 - وقد قال أبو ثور ومحمد : لا يقطع .

6860 - وهو قول جمهور أصحابنا وتحصيل مذهبنا .

6861 - ولولا إيجاب أبي حنيفة الوتر ما رأى القطع ، والله أعلم .

6862 - فإن قيل : إنما أمر بقطع صلاة الصبح للوتر ; لأن الوتر ، لا يقضى [ ص: 290 ] ولا يصلى بعد صلاة الصبح ، وإنما وقته قبل الفجر وقبل صلاة الصبح عندنا ، وهو من السنن المؤكدة ، فمن نسيه ثم ذكره وهو في صلاة الصبح قطعها إذا كان في سعة من وقتها وصلى الوتر ثم صلى الصبح ، فيكون قد أتى بالسنة والفريضة في وقتها .

6863 - قيل : ليس لهذا أصل في الشرع المجتمع عليه ، بل الأصل أن لا يبطل الإنسان عمله ولا يخرج من فرضه قبل أن يتمه لغير واجب عليه .

6864 - ومعلوم أن إتمام ما وجب إتمامه فرض والوتر سنة ، فكيف يقطع فرض لسنة .

6865 - وقد أجمع العلماء أنه لا تقطع صلاة فريضة لصلاة مسنونة فيما عدا الوتر ، واختلفوا في قطعها للوتر ، فالواجب رد ما اختلفوا فيه إلى ما أجمعوا عليه .

6866 - وكذلك أجمع فقهاء الأمصار أنه لا يقطع صلاة الصبح للوتر إن كان خلف إمام ، فكذلك المنفرد قياسا ونظرا وعليه جمهور العلماء ، وبالله التوفيق .

6867 - ولم يختلف قول مالك وأصحابه فيمن أحرم بالتيمم فطرأ عليه الماء وهو في الصلاة أنه يتمادى ولا يقطع . وهذا كان أولى من القطع للوتر .

6868 - وقد أوضحنا ذلك في غير هذا الموضع والحمد لله .