مسألة : قال الشافعي رضي الله عنه : " وإن هلك زوجها خرجت فاعتدت ثم بنت " .
قال الماوردي : أما ، لما يملك من الاستمتاع بها ، فإن اعتكفت بغير إذنه كان له منعها ، المرأة فليس لها أن تعتكف إلا بإذن زوجها جاز له ، وإن كان الأولى تمكينها من إتمامه ، ولم يجز له ذلك إن كان اعتكافها [ ص: 504 ] متتابعا ، فإذا ولو أذن لها في الاعتكاف ثم أراد منعها قبل تمام ذلك ، لزمها الخروج إلى منزلها لتقضي فيه عدتها ، وقال اعتكفت المرأة ثم وجب عليها العدة بطلاق زوجها أو وفاته مالك تكمل اعتكافها ثم تخرج لقضاء عدتها ، وهذا خطأ ؛ لأن الحقين إذا وجبا قدم أقواهما والعدة أقوى من الاعتكاف من وجهين :
أحدهما : أن العدة وجبت ابتداء من قبل الله تعالى والاعتكاف وجب عليها بإيجابها .
والثاني : أن العدة لا يجوز تبعيضها والخروج منها قبل إتمامها والاعتكاف يجوز تبعيضه والخروج منه قبل إتمامه لعارض أو حاجة ، فلهذين ما وجب تقديم العدة على الاعتكاف ، فإذا قضت عدتها عادت إلى اعتكافها فبنت عليه ، لأنها خرجت اضطرارا لا اختيارا ، فإن قيل : فهلا استوى حكم الخروج للعدة والخروج للشهادة في بطلان الاعتكاف في الموضعين ، أو جواز البناء على الاعتكاف في الموضعين قيل : قد كان أبو العباس بن سريج يخرج في العدة قولا من الشهادة وفي الشهادة قولا من العدة ، فيجعلها على قولين والصحيح الفرق بين المسألتين والفرق بينهما من وجهين :
أحدهما : أن المقصود من الشهادة هو الأداء ، فإذا تحملها مختارا كان خروجه لأدائها مختارا ، وليس المقصود من النكاح الفرقة الموجبة للعدة ، وإنما يقصد به الألفة فلم يكن اختيارها للنكاح اختيارا لوجوب العدة .
والثاني : أن بالمرأة إلى النكاح ضرورة ؛ لأنه كسبها وبه تستفيد المهر والنفقة ، وليست الشهادة كسبا للشاهد ، فلم يكن به إلى تحملها ضرورة ، ومثال العدة من الشهادة ، فهذا إذا أخرج للأداء لم يبطل اعتكافه ، ومثال الشهادة من العدة أن يجعل إليها طلاقها ، فتختار الطلاق ، فإذا خرجت للعدة بطل اعتكافها والله أعلم . أن يضطر إلى تحمل الشهادة ، وتتعين عليه لعدم غيره