مسألة : قال
الشافعي رضي الله عنه : " وإذا أصاب المحرم امرأته المحرمة ، فغيب الحشفة ما بين أن يحرم إلى أن يرمي الجمرة فقد أفسد حجه " .
قال
الماوردي : وهذا كما قال ، المحرم فهو ممنوع من الوطء في إحرامه سواء كان حاجا أو معتمرا أو قارنا : لقوله سبحانه :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=197فمن فرض فيهن الحج فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج [ البقرة : 197 ] ، والرفث الجماع ، بدليل قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=187أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم [ البقرة : 187 ] ، ولأن الإحرام لما منع من دواعي الوطء كالنكاح والطيب ، كان بمنع الوطء أولى .
فإذا تقرر هذا فالمحرم بحج أو عمرة أو قران ممنوع من الوطء في قبل أو دبر ، من آدمي أو بهيمة ، فأما
nindex.php?page=treesubj&link=23450المحرم بالحج إذا وطئ في إحرامه فعلى ضربين : عامد وناسي ، فأما الناسي فسيأتي .
وأما العامد فعلى ضربين :
أحدهما : في الفرج .
والثاني : دون الفرج ، فإن كان دون الفرج فسيأتي ، وإن كان في الفرج فعلى ثلاثة أقسام :
فالقسم الأول : أن يطأ قبل الوقوف
بعرفة فإذا وطئ تعلق بوطئه أربعة أحكام :
أحدها : فساد الحج .
والثاني : وجوب الإتمام .
والثالث : وجوب القضاء .
والرابع : وجوب الكفارة .
فأما الحكم الأول وهو فساد الحج فهو إجماع ليس يعرف فيه خلاف ، أنه إذا
nindex.php?page=treesubj&link=23450وطئ قبل الوقوف بعرفة فقد أفسد حجه لأمرين :
أحدهما : ما تقدم من نهيه عنه والنهي يقتضي فساد المنهي عنه .
والثاني : أن أصول الشرع مقدرة ، وأن العبادة إذا حرم فيها الوطء وغيره ، اختص الوطء بتغليظ حكم بان به ما حرم معه ، ألا ترى أن الصوم لما حرم الوطء وغيره واستوى حكم
[ ص: 216 ] الجميع في إفساد الصوم اختص الوطء بإيجاب الكفارة ، ولما كان الوطء وغيره من محظورات الإحرام سواء في وجوب الكفارة ، وجب أن يختص الوطء بإفساد الحج ، فيكون تغليظ الوطء في الصوم اختصاصه بوجوب الكفارة ، وتغليظه في الحج اختصاصه بوجوب القضاء .
مَسْأَلَةٌ : قَالَ
الشَّافِعِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : " وَإِذَا أَصَابَ الْمُحْرِمُ امْرَأَتَهُ الْمُحْرِمَةَ ، فَغَيَّبَ الْحَشَفَةَ مَا بَيْنَ أَنْ يُحْرِمَ إِلَى أَنْ يَرْمِيَ الْجَمْرَةَ فَقَدْ أَفْسَدَ حَجَّهُ " .
قَالَ
الْمَاوَرْدِيُّ : وَهَذَا كَمَا قَالَ ، الْمُحْرِمُ فَهُوَ مَمْنُوعٌ مِنَ الْوَطْءِ فِي إِحْرَامِهِ سَوَاءٌ كَانَ حَاجًّا أَوْ مُعْتَمِرًا أَوْ قَارِنًا : لِقَوْلِهِ سُبْحَانَهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=197فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ [ الْبَقَرَةِ : 197 ] ، وَالرَّفَثُ الْجِمَاعُ ، بِدَلِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=187أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ [ الْبَقَرَةِ : 187 ] ، وَلِأَنَّ الْإِحْرَامَ لَمَّا مَنَعَ مِنْ دَوَاعِي الْوَطْءِ كَالنِّكَاحِ وَالطِّيبِ ، كَانَ بِمَنْعِ الْوَطْءِ أَوْلَى .
فَإِذَا تَقَرَّرَ هَذَا فَالْمُحْرِمُ بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ أَوْ قِرَانٍ مَمْنُوعٌ مِنَ الْوَطْءِ فِي قُبُلٍ أَوْ دُبُرٍ ، مِنْ آدَمِيٍّ أَوْ بَهِيمَةٍ ، فَأَمَّا
nindex.php?page=treesubj&link=23450الْمُحْرِمُ بِالْحَجِّ إِذَا وَطِئَ فِي إِحْرَامِهِ فَعَلَى ضَرْبَيْنِ : عَامِدٌ وَنَاسِي ، فَأَمَّا النَّاسِي فَسَيَأْتِي .
وَأَمَّا الْعَامِدُ فَعَلَى ضَرْبَيْنِ :
أَحَدُهُمَا : فِي الْفَرْجِ .
وَالثَّانِي : دُونَ الْفَرْجِ ، فَإِنْ كَانَ دُونَ الْفَرْجِ فَسَيَأْتِي ، وَإِنْ كَانَ فِي الْفَرْجِ فَعَلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ :
فَالْقِسْمُ الْأَوَّلُ : أَنْ يَطَأَ قَبْلَ الْوُقُوفِ
بِعَرَفَةَ فَإِذَا وَطِئَ تَعَلَّقَ بِوَطْئِهِ أَرْبَعَةُ أَحْكَامٍ :
أَحَدُهَا : فَسَادُ الْحَجِّ .
وَالثَّانِي : وُجُوبُ الْإِتْمَامِ .
وَالثَّالِثُ : وُجُوبُ الْقَضَاءِ .
وَالرَّابِعُ : وُجُوبُ الْكَفَّارَةِ .
فَأَمَّا الْحُكْمُ الْأَوَّلُ وَهُوَ فَسَادُ الْحَجِّ فَهُوَ إِجْمَاعٌ لَيْسَ يُعْرَفُ فِيهِ خِلَافٌ ، أَنَّهُ إِذَا
nindex.php?page=treesubj&link=23450وَطِئَ قَبْلَ الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ فَقَدْ أَفْسَدَ حَجَّهَ لِأَمْرَيْنِ :
أَحَدُهُمَا : مَا تَقَدَّمَ مِنْ نَهْيِهِ عَنْهُ وَالنَّهْيُ يَقْتَضِي فَسَادَ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ .
وَالثَّانِي : أَنَّ أُصُولَ الشَّرْعِ مُقَدَّرَةٌ ، وَأَنَّ الْعِبَادَةَ إِذَا حُرِّمَ فِيهَا الْوَطْءُ وَغَيْرُهُ ، اخْتُصَّ الْوَطْءُ بِتَغْلِيظِ حُكْمٍ بَانَ بِهِ مَا حَرُمَ مَعَهُ ، أَلَا تَرَى أَنَّ الصَّوْمَ لَمَّا حَرَّمَ الْوَطْءَ وَغَيْرَهُ وَاسْتَوَى حُكْمُ
[ ص: 216 ] الْجَمِيعِ فِي إِفْسَادِ الصَّوْمِ اخْتَصَّ الْوَطْءُ بِإِيجَابِ الْكَفَّارَةِ ، وَلَمَّا كَانَ الْوَطْءُ وَغَيْرُهُ مِنْ مَحْظُورَاتِ الْإِحْرَامِ سَوَاءٌ فِي وُجُوبِ الْكَفَّارَةِ ، وَجَبَ أَنْ يُخْتَصَّ الْوَطْءُ بِإِفْسَادِ الْحَجِّ ، فَيَكُونَ تَغْلِيظُ الْوَطْءِ فِي الصَّوْمِ اخْتِصَاصَهُ بِوُجُوبِ الْكَفَّارَةِ ، وَتَغْلِيظُهُ فِي الْحَجِّ اخْتِصَاصَهُ بِوُجُوبِ الْقَضَاءِ .