مسألة : قال
الشافعي ، رضي الله عنه : " وأصل
nindex.php?page=treesubj&link=25608_25293الأبوال وما خرج من مخرج حي مما يؤكل لحمه ، أو لا تؤكل لحمه فكل ذلك نجس إلا ما دلت عليه السنة من
nindex.php?page=treesubj&link=540الرش على بول الصبي ما لم يأكل الطعام ولا يتبين لي فرق بينه وبين
nindex.php?page=treesubj&link=539بول الصبية ولو غسل كان أحب إلي " .
قال
الماوردي : وهذا كما قال ، أما
nindex.php?page=treesubj&link=538بول الآدميين فنجس إجماعا صغيرا كان ، أو كبيرا ، ذكرا كان أو أنثى ، لرواية
الأعمش ، عن
أبي صالح ، عن
أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=921493أكثر عذاب القبر من البول ولولا أنه نجس يلزمه اجتنابه ما استحق عذاب القبر عليه .
وروى
الشافعي ، عن
سفيان بن عيينة ، عن
الزهري ، عن
سعيد بن المسيب ، عن
أبي هريرة :
nindex.php?page=hadith&LINKID=921504أن أعرابيا دخل المسجد ، فقال : اللهم ارحمني ، ومحمدا ولا ترحم معنا أحدا ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " لقد تحجرت واسعا فما لبث أن بال فعجل الناس عليه ، فنهاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقال : يسروا ، ولا تعسروا ، صبوا عليه ذنوبا من ماء فإذا ثبت نجاسة بول الآدميين بما ذكرناه من السنة ، والإجماع فالواجب غسله بالماء إلا بول الصبي قبل الطعام ، فإنه يطهر برش الماء عليه ، فأما بول الصبية فلا يطهر إلا بالغسل قبل أكل الطعام وبعده .
وقال
مالك ،
وأبو حنيفة : لا يطهر بولهما جميعا إلا بالغسل .
وقال
الأوزاعي : يطهر بولهما جميعا بالرش ، والدلالة على الفريقين في جواز الرش
[ ص: 249 ] على بول الغلام ، ووجوب
nindex.php?page=treesubj&link=539غسل بول الجارية رواية
علي بن أبي طالب عليه السلام أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=921505يغسل بول الجارية وينضح على بول الغلام ما لم يأكل الطعام .
وهذا نص ذكره
ابن المنذر .
وروت
nindex.php?page=showalam&ids=11696لبابة بنت الحارث nindex.php?page=hadith&LINKID=921506أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جلس الحسن في حجره فبال عليه ، فقالت : قلت له : لو أخذت ثوبا ، وأعطيتني إزارك لأغسله ، فقال صلى الله عليه وسلم : إنما يغسل من بول الأنثى ، وينضح على بول الذكر وهذا نص أيضا ذكره
أبو داود .
وروي عن
أم قيس بنت محصن nindex.php?page=hadith&LINKID=921507أنها جاءت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بطفل لها ليحنكه فبال في حجره فنضح عليه الماء فثبتت سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم قولا ، وفعلا بصحة ما ذكرناه من جواز الرش على بول الصبي ما لم يأكل الطعام ، وغسل بول الصبية قبل الطعام ، وبعده ، ثم الفرق بينهما في المعنى من وجهين :
أحدهما : أن بول الجارية أحر من بول الغلام ، ومني الغلام أحر من مني المرأة على ما تعارفه الناس في غالب العادة ، فمن هذا الوجه خف الحكم في بول الغلام ، وغلظ في بول الجارية .
والثاني : أنه لما جاز بلوغ الغلام بمائع طاهر ، وهو المني ، وبلوغ الجارية بمائع نجس وهو الحيض جاز أن يفترقا في حكم طهارة البول على أن الغلام كثيرا ما يتداوله الناس ، فكان حكم بوله أخف ، فإن قيل : فما معنى قول
الشافعي : " ولا يبين لي فرق بينه وبين الصبية " ، وقد فرقتم بينهما ، قيل : يحتمل أمرين :
أحدهما : أن السنة قد فرقت بينهما ، ولا يبين لي معنى الفرق بينهما من طريق السنة .
والثاني : أن فرق المشاهدة بينهما في كون بول الصبي أبيض غير متغير ، وبول الصبية بضده لا يبين لي المعنى فيه ، فأما
nindex.php?page=treesubj&link=542أبوال ما عدا الآدميين ، وأرواثها فقد اختلف الفقهاء فيها على أربعة مذاهب :
أحدها : وهو مذهب
الشافعي أن أبوال جميعها ، وأرواثها نجسة بكل حال ، وبه قال من الصحابة
ابن عمر ، ومن التابعين
الحسن ، ومن الفقهاء
أبو ثور .
[ ص: 250 ] والثاني : وهو مذهب
النخعي : أن أبوالها وأرواثها كلها طاهرة .
والثالث : وهو مذهب
عطاء ،
ومالك ،
وسفيان الثوري ، أن بول ما يؤكل لحمه وروثه طاهر ، وبول ما لا يؤكل لحمه وروثه نجس .
والرابع : وهو مذهب
أبي حنيفة أن أبوال جميعها ، وأرواثها نجسة إلا ما لا يمكن الاحتراز منه من ذرق الخفاش ، والطير ، وغيره ، فأما ما يمكن الاحتراز منه ، فإن كان غير مأكول اللحم فهو كالعذرة يعفى عن قدر الدرهم منه في الصلاة ، وإن كان مأكول اللحم فذرقه كالعذرة أيضا يعفى عن قدر الدرهم منه .
وقوله : يعتبر فيه التفاحش ، وقدر التفاحش ربع الثوب ، ففرق بين بوله وروثه ، وسوى
أبو يوسف ،
ومحمد بين بوله وروثه في اعتبار التفاحش فيهما جميعا ، وقدر ذلك الربع ، واستدلوا في الجملة على طهارة ذلك مع اختلاف مذاهبهم برواية
البراء بن عازب : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
ما أكل لحمه فلا بأس ببوله وبرواية
حميد ، عن
أنس :
nindex.php?page=hadith&LINKID=921508أن قوما من عرنة قدموا على النبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة ، فاستوخموا المدينة ، فانتفخت أجوافهم ، فبعثهم إلى لقاح الصدقة ليشربوا من أبوالها .
قالوا : ولأن
nindex.php?page=treesubj&link=33020_25310النبي صلى الله عليه وسلم طاف بالبيت راكبا على راحلته يومين إلى البيت بمحجنه ، ومعلوم من حال الراحلة أنها لا تخلو من البول ، والروث ، فلو كان نجسا لامتنع من تنجيس المسجد به قالوا : ولأنه إجماع أهل الحرمين لا يمتنعون من
nindex.php?page=treesubj&link=588الصلاة على ذرق الحمام مع كثرته ، فدل هذا الفعل على طهارته .
قالوا : ولأن عسل النحل من المخرج ، وليس بنجس ، ولأن الإنفحة كرش ، وهي طاهرة .
والدلالة على تنجيسه قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=66وإن لكم في الأنعام لعبرة نسقيكم مما في بطونه من بين فرث ودم لبنا خالصا سائغا للشاربين [ النحل : 66 ] . فامتن الله سبحانه علينا بإخراج اللبن من بين فرث ودم .
وفائدة الامتنان إخراج طاهر من بين نجسين .
وروى
ابن عباس nindex.php?page=hadith&LINKID=921510أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر بقبرين ، فقال إنهما ليعذبان ، وما يعذبان في كبير ، أما أحدهما يسعى بالنميمة ، وأما الآخر فكان لا يتنزه من البول .
[ ص: 251 ] فكان على عمومه في جميع الأبوال ، ولأنه نجس من الآدمي فكان نجسا من البهائم .
أصله : الدم ولأنه حيوان دمه نجس فوجب أن يكون بوله نجسا كالآدمي ، فأما استدلالهم بحديث
البراء بن عازب ، فراويه
أبو جهم ، وهو مجهول لا يعرف على أن قوله صلى الله عليه وسلم : " لا بأس به " يدل على طهارته ، بل فيه تنبيه على نجاسته ، وأنه أخف حالا من غيره .
وفائدته جواز الانتفاع به عند الحاجة فرقا بينه وبين الخمر ، وإنما نص على ما يؤكل لحمه ، لأنه أنفع في التداوي من بول غير المأكول ، فأما حديث العرنيين فلا حجة فيه ، لأنه يدل على جواز شربه عند الحاجة إليه ، فإن قيل : جواز شربه دليل على طهارته . قيل : باطل بالميتة ، وأما طواف النبي صلى الله عليه وسلم بالبيت على راحلته فلا دليل فيه ، لأنه لم يتحقق منها النجاسة ، وما لا يتحقق منه النجاسة فلا بأس بفعله ، ألا ترى أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يحمل
أمامة بنت العاص في الصلاة . والطفل أسوأ حالا من البهيمة في إرسال النجاسة على أن عادة الإبل أنها لا ترسل النجاسة في سيرها ، وأما إجماع أهل الحرمين فلا دليل فيه من وجهين :
أحدهما : أن هذا ليس فعل جميعهم فيصح الاحتجاج به .
والثاني : أنه لو كان فعل جميعهم لم يلزم ، لأنهم ليسوا كل الأمة ، ولو كانوا كل الأمة لم يكن إجماعا ، لأن
ابن عمر ،
والحسن يخالفان في المسألة ، وأما العسل فخارج من فم النحل لا من دبرها على أن النحل حيوان لا يؤكل لحمه ، وما لا يؤكل لحمه فبوله وروثه نجس بإجماعنا ، وإياهم ، وأما الإنفحة فلبن جامد ، ولذلك حل أكله وساغت طهارته ، ومن أصحابنا من قال : هو نجس ، لأنه كرش ، فأما جرة البعير التي يخرجها من جوفه ، ثم يجترها فلا يختلف أصحابنا في نجاستها كالقيء سواء .
مَسْأَلَةٌ : قَالَ
الشَّافِعِيُّ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : " وَأَصْلُ
nindex.php?page=treesubj&link=25608_25293الْأَبْوَالَ وَمَا خَرَجَ مِنْ مَخْرَجِ حَيٍّ مِمَّا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ ، أَوْ لَا تُؤْكَلُ لَحْمُهُ فَكُلُّ ذَلِكَ نَجِسٌ إِلَّا مَا دَلَّتْ عَلَيْهِ السُّنَّةُ مِنَ
nindex.php?page=treesubj&link=540الرَّشِّ عَلَى بَوْلِ الصَّبِيِّ مَا لَمْ يَأْكُلِ الطَّعَامَ وَلَا يَتَبَيَّنُ لِي فَرْقٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ
nindex.php?page=treesubj&link=539بَوْلِ الصَّبِيَّةِ وَلَوْ غُسِلَ كَانَ أَحَبَّ إِلَيَّ " .
قَالَ
الْمَاوَرْدِيُّ : وَهَذَا كَمَا قَالَ ، أَمَّا
nindex.php?page=treesubj&link=538بَوْلُ الْآدَمِيِّينَ فَنَجِسٌّ إِجْمَاعًا صَغِيرًا كَانَ ، أَوْ كَبِيرًا ، ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى ، لِرِوَايَةِ
الْأَعْمَشِ ، عَنْ
أَبِي صَالِحٍ ، عَنْ
أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=921493أَكْثَرُ عَذَابِ الْقَبْرِ مِنَ الْبَوْلِ وَلَوْلَا أَنَّهُ نَجِسٌ يَلْزَمُهُ اجْتِنَابُهُ مَا اسْتَحَقَّ عَذَابَ الْقَبْرِ عَلَيْهِ .
وَرَوَى
الشَّافِعِيُّ ، عَنْ
سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ ، عَنِ
الزُّهْرِيِّ ، عَنْ
سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ ، عَنْ
أَبِي هُرَيْرَةَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=921504أَنَّ أَعْرَابِيًّا دَخَلَ الْمَسْجِدَ ، فَقَالَ : اللَّهُمَّ ارْحَمْنِي ، وَمُحَمَّدًا وَلَا تَرْحَمْ مَعَنَا أَحَدًا ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " لَقَدْ تَحَجَّرْتَ وَاسِعًا فَمَا لَبِثَ أَنْ بَالَ فَعَجِلَ النَّاسُ عَلَيْهِ ، فَنَهَاهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَقَالَ : يَسِّرُوا ، وَلَا تُعَسِّرُوا ، صُبُّوا عَلَيْهِ ذَنُوبًا مِنْ مَاءٍ فَإِذَا ثَبَتَ نَجَاسَةُ بَوْلِ الْآدَمِيِّينَ بِمَا ذَكَرْنَاهُ مِنَ السُّنَّةِ ، وَالْإِجْمَاعِ فَالْوَاجِبُ غَسْلُهُ بِالْمَاءِ إِلَّا بَوْلَ الصَّبِيِّ قَبْلَ الطَّعَامِ ، فَإِنَّهُ يُطَهَّرُ بِرَشِّ الْمَاءِ عَلَيْهِ ، فَأَمَّا بَوْلُ الصَّبِيَّةِ فَلَا يَطْهُرُ إِلَّا بِالْغَسْلِ قَبْلَ أَكْلِ الطَّعَامِ وَبَعْدَهُ .
وَقَالَ
مَالِكٌ ،
وَأَبُو حَنِيفَةَ : لَا يَطْهُرُ بَوْلُهُمَا جَمِيعًا إِلَّا بِالْغَسْلِ .
وَقَالَ
الْأَوْزَاعِيُّ : يُطَهَّرُ بَوْلُهُمَا جَمِيعًا بِالرَّشِّ ، وَالدَّلَالَةُ عَلَى الْفَرِيقَيْنِ فِي جَوَازِ الرَّشِّ
[ ص: 249 ] عَلَى بَوْلِ الْغُلَامِ ، وَوُجُوبِ
nindex.php?page=treesubj&link=539غَسْلِ بَوْلِ الْجَارِيَةِ رِوَايَةُ
عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=921505يُغْسَلُ بَوْلُ الْجَارِيَةِ وَيُنْضَحُ عَلَى بَوْلِ الْغُلَامِ مَا لَمْ يَأْكُلِ الطَّعَامَ .
وَهَذَا نَصٌّ ذَكَرَهُ
ابْنُ الْمُنْذِرِ .
وَرَوَتْ
nindex.php?page=showalam&ids=11696لُبَابَةُ بِنْتُ الْحَارِثِ nindex.php?page=hadith&LINKID=921506أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَلَسَ الْحَسَنُ فِي حِجْرِهِ فَبَالَ عَلَيْهِ ، فَقَالَتْ : قُلْتُ لَهُ : لَوْ أَخَذْتَ ثَوْبًا ، وَأَعْطَيْتَنِي إِزَارَكَ لِأَغْسِلَهُ ، فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إِنَّمَا يُغْسَلُ مِنْ بَوْلِ الْأُنْثَى ، وَيُنْضَحُ عَلَى بَوْلِ الذَّكَرِ وَهَذَا نَصٌّ أَيْضًا ذَكَرَهُ
أَبُو دَاوُدَ .
وَرُوِيَ عَنْ
أُمِّ قَيْسٍ بِنْتِ مِحْصَنٍ nindex.php?page=hadith&LINKID=921507أَنَّهَا جَاءَتْ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِطِفْلٍ لَهَا لِيُحَنِّكَهُ فَبَالَ فِي حِجْرِهِ فَنَضَحَ عَلَيْهِ الْمَاءَ فَثَبَتَتْ سُنَّةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَوْلًا ، وَفِعْلًا بِصِحَّةِ مَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ جَوَازِ الرَّشِّ عَلَى بَوْلِ الصَّبِيِّ مَا لَمْ يَأْكُلِ الطَّعَامَ ، وَغَسْلِ بَوْلِ الصَّبِيَّةِ قَبْلَ الطَّعَامِ ، وَبَعْدَهُ ، ثُمَّ الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا فِي الْمَعْنَى مِنْ وَجْهَيْنِ :
أَحَدُهُمَا : أَنَّ بَوْلَ الْجَارِيَةِ أَحَرُّ مِنْ بَوْلِ الْغُلَامِ ، وَمَنِيَّ الْغُلَامِ أَحَرُّ مِنْ مَنِيِّ الْمَرْأَةِ عَلَى مَا تَعَارَفَهُ النَّاسُ فِي غَالِبِ الْعَادَةِ ، فَمِنْ هَذَا الْوَجْهِ خَفَّ الْحُكْمُ فِي بَوْلِ الْغُلَامِ ، وَغَلُظَ فِي بَوْلِ الْجَارِيَةِ .
وَالثَّانِي : أَنَّهُ لَمَّا جَازَ بُلُوغُ الْغُلَامِ بِمَائِعٍ طَاهِرٍ ، وَهُوَ الْمَنِيُّ ، وَبُلُوغُ الْجَارِيَةِ بِمَائِعٍ نَجِسٍ وَهُوَ الْحَيْضُ جَازَ أَنْ يَفْتَرِقَا فِي حُكْمِ طَهَارَةِ الْبَوْلِ عَلَى أَنَّ الْغُلَامَ كَثِيرًا مَا يَتَدَاوَلُهُ النَّاسُ ، فَكَانَ حُكْمُ بِوْلِهِ أَخَفَّ ، فَإِنْ قِيلَ : فَمَا مَعْنَى قَوْلِ
الشَّافِعِيِّ : " وَلَا يَبِينُ لِي فَرْقٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الصَّبِيَّةِ " ، وَقَدْ فَرَّقْتُمْ بَيْنَهُمَا ، قِيلَ : يَحْتَمِلُ أَمْرَيْنِ :
أَحَدُهُمَا : أَنَّ السُّنَّةَ قَدْ فَرَّقَتْ بَيْنَهُمَا ، وَلَا يَبِينُ لِي مَعْنَى الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا مِنْ طَرِيقِ السُّنَّةِ .
وَالثَّانِي : أَنَّ فَرْقَ الْمُشَاهَدَةِ بَيْنَهُمَا فِي كَوْنِ بَوْلِ الصَّبِيِّ أَبْيَضَ غَيْرَ مُتَغَيِّرٍ ، وَبَوْلِ الصَّبِيَّةِ بِضِدِّهِ لَا يَبِينُ لِي الْمَعْنَى فِيهِ ، فَأَمَّا
nindex.php?page=treesubj&link=542أَبْوَالُ مَا عَدَا الْآدَمِيِّينَ ، وَأَرْوَاثُهَا فَقَدِ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِيهَا عَلَى أَرْبَعَةِ مَذَاهِبَ :
أَحَدُهَا : وَهُوَ مَذْهَبُ
الشَّافِعِيِّ أَنَّ أَبْوَالَ جَمِيعِهَا ، وَأَرْوَاثَهَا نَجِسَةٌ بِكُلِّ حَالٍ ، وَبِهِ قَالَ مِنَ الصَّحَابَةِ
ابْنُ عُمَرَ ، وَمِنَ التَّابِعِينَ
الْحَسَنُ ، وَمِنَ الْفُقَهَاءِ
أَبُو ثَوْرٍ .
[ ص: 250 ] وَالثَّانِي : وَهُوَ مَذْهَبُ
النَّخَعِيِّ : أَنَّ أَبْوَالَهَا وَأَرْوَاثَهَا كُلَّهَا طَاهِرَةٌ .
وَالثَّالِثُ : وَهُوَ مَذْهَبُ
عَطَاءٍ ،
وَمَالِكٍ ،
وَسُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ ، أَنَّ بَوْلَ مَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ وَرَوْثَهُ طَاهِرٌ ، وَبَوْلَ مَا لَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ وَرَوْثَهُ نَجِسٌ .
وَالرَّابِعُ : وَهُوَ مَذْهَبُ
أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ أَبْوَالَ جَمِيعِهَا ، وَأَرْوَاثَهَا نَجِسَةٌ إِلَّا مَا لَا يُمْكِنُ الِاحْتِرَازُ مِنْهُ مِنْ ذَرْقِ الْخُفَّاشِ ، وَالطَّيْرِ ، وَغَيْرِهِ ، فَأَمَّا مَا يُمْكِنُ الِاحْتِرَازُ مِنْهُ ، فَإِنْ كَانَ غَيْرَ مَأْكُولِ اللَّحْمِ فَهُوَ كَالْعَذِرَةِ يُعْفَى عَنْ قَدْرِ الدِّرْهَمِ مِنْهُ فِي الصَّلَاةِ ، وَإِنْ كَانَ مَأْكُولَ اللَّحْمِ فَذَرَقَهُ كَالْعَذِرَةِ أَيْضًا يُعْفَى عَنْ قَدْرِ الدِّرْهَمِ مِنه .
وَقَوْلُهُ : يُعْتَبَرُ فِيهِ التَّفَاحُشُ ، وَقَدْرُ التَّفَاحُشِ رُبْعُ الثَّوْبِ ، فَفَرَّقَ بَيْنَ بَوْلِهِ وَرَوْثِهِ ، وَسَوَّى
أَبُو يُوسُفَ ،
وَمُحَمَّدٌ بَيْنَ بَوْلِهِ وَرَوْثِهِ فِي اعْتِبَارِ التَّفَاحُشِ فِيهِمَا جَمِيعًا ، وَقَدْرُ ذَلِكَ الرُّبْعُ ، وَاسْتَدَلُّوا فِي الْجُمْلَةِ عَلَى طَهَارَةِ ذَلِكَ مَعَ اخْتِلَافِ مَذَاهِبِهِمْ بِرِوَايَةِ
الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :
مَا أُكِلَ لَحْمُهُ فَلَا بَأْسَ بِبَوْلِهِ وَبِرِوَايَةِ
حُمَيْدٍ ، عَنْ
أَنَسٍ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=921508أَنَّ قَوْمًا مِنْ عُرَنَةَ قَدِمُوا عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْمَدِينَةِ ، فَاسْتَوْخَمُوا الْمَدِينَةَ ، فَانْتَفَخَتْ أَجْوَافُهُمْ ، فَبَعَثَهُمْ إِلَى لِقَاحِ الصَّدَقَةِ لِيَشْرَبُوا مِنْ أَبْوَالِهَا .
قَالُوا : وَلِأَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=33020_25310النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طَافَ بِالْبَيْتِ رَاكِبًا عَلَى رَاحِلَتِهِ يَوْمَيْنِ إِلَى الْبَيْتِ بِمِحْجَنِهِ ، وَمَعْلُومٌ مِنْ حَالِ الرَّاحِلَةِ أَنَّهَا لَا تَخْلُو مِنَ الْبَوْلِ ، وَالرَّوْثِ ، فَلَوْ كَانَ نَجِسًا لَامْتَنَعَ مِنْ تَنْجِيسِ الْمَسْجِدِ بِهِ قَالُوا : وَلِأَنَّهُ إِجْمَاعُ أَهْلِ الْحَرَمَيْنِ لَا يَمْتَنِعُونَ مِنَ
nindex.php?page=treesubj&link=588الصَّلَاةِ عَلَى ذَرْقِ الْحَمَامِ مَعَ كَثْرَتِهِ ، فَدَلَّ هَذَا الْفِعْلُ عَلَى طَهَارَتِهِ .
قَالُوا : وَلِأَنَّ عَسَلَ النَّحْلِ مِنَ الْمَخْرَجِ ، وَلَيْسَ بِنَجِسٍ ، وَلِأَنَّ الْإِنْفَحَةَ كَرِشٌ ، وَهِيَ طَاهِرَةٌ .
وَالدَّلَالَةُ عَلَى تَنْجِيسِهِ قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=66وَإِنَّ لَكُمْ فِي الْأَنْعَامِ لَعِبْرَةٌ نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِهِ مِنْ بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ لَبَنًا خَالِصًا سَائِغًا لِلشَّارِبِينَ [ النَّحْلِ : 66 ] . فَامْتَنَّ اللَّهُ سُبْحَانَهُ عَلَيْنَا بِإِخْرَاجِ اللَّبَنِ مِنْ بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ .
وَفَائِدَةُ الِامْتِنَانِ إِخْرَاجُ طَاهِرٍ مِنْ بَيْنِ نَجِسَيْنِ .
وَرَوَى
ابْنُ عَبَّاسٍ nindex.php?page=hadith&LINKID=921510أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّ بِقَبْرَيْنِ ، فَقَالَ إِنَّهُمَا لَيُعَذَّبَانِ ، وَمَا يُعَذَّبَانِ فِي كَبِيرٍ ، أَمَّا أَحَدُهُمَا يَسْعَى بِالنَّمِيمَةِ ، وَأَمَّا الْآخَرُ فَكَانَ لَا يَتَنَزَّهُ مِنَ الْبَوْلِ .
[ ص: 251 ] فَكَانَ عَلَى عُمُومِهِ فِي جَمِيعِ الْأَبْوَالِ ، وَلِأَنَّهُ نَجِسٌ مِنَ الْآدَمِيِّ فَكَانَ نَجِسًا مِنَ الْبَهَائِمِ .
أَصْلُهُ : الدَّمُ وَلِأَنَّهُ حَيَوَانٌ دَمُهُ نَجِسٌ فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ بَوْلُهُ نَجِسًا كَالْآدَمِيِّ ، فَأَمَّا اسْتِدْلَالُهُمْ بِحَدِيثِ
الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ ، فَرَاوِيهِ
أَبُو جَهْمٍ ، وَهُوَ مَجْهُولٌ لَا يُعْرَفُ عَلَى أَنَّ قَوْلَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " لَا بَأْسَ بِهِ " يَدُلُّ عَلَى طَهَارَتِهِ ، بَلْ فِيهِ تَنْبِيهٌ عَلَى نَجَاسَتِهِ ، وَأَنَّهُ أَخَفُّ حَالًا مِنْ غَيْرِهِ .
وَفَائِدَتُهُ جَوَازُ الِانْتِفَاعِ بِهِ عِنْدَ الْحَاجَةِ فَرْقًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْخَمْرِ ، وَإِنَّمَا نَصَّ عَلَى مَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ ، لِأَنَّهُ أَنْفَعُ فِي التَّدَاوِي مِنْ بَوْلِ غَيْرِ الْمَأْكُولِ ، فَأَمَّا حَدِيثُ الْعُرَنِيِّينَ فَلَا حُجَّةَ فِيهِ ، لِأَنَّهُ يَدُلُّ عَلَى جَوَازِ شُرْبِهِ عِنْدَ الْحَاجَةِ إِلَيْهِ ، فَإِنْ قِيلَ : جَوَازُ شُرْبِهِ دَلِيلٌ عَلَى طَهَارَتِهِ . قِيلَ : بَاطِلٌ بِالْمَيِّتَةِ ، وَأَمَّا طَوَافُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْبَيْتِ عَلَى رَاحِلَتِهِ فَلَا دَلِيلَ فِيهِ ، لِأَنَّهُ لَمْ يَتَحَقَّقْ مِنْهَا النَّجَاسَةُ ، وَمَا لَا يَتَحَقَّقُ مِنْهُ النَّجَاسَةُ فَلَا بَأْسَ بِفِعْلِهِ ، أَلَا تَرَى أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَحْمِلُ
أُمَامَةَ بِنْتَ الْعَاصِ فِي الصَّلَاةِ . وَالطِّفْلُ أَسْوَأُ حَالًا مِنَ الْبَهِيمَةِ فِي إِرْسَالِ النَّجَاسَةِ عَلَى أَنَّ عَادَةَ الْإِبِلِ أَنَّهَا لَا تُرْسِلُ النَّجَاسَةَ فِي سَيْرِهَا ، وَأَمَّا إِجْمَاعُ أَهْلِ الْحَرَمَيْنِ فَلَا دَلِيلَ فِيهِ مِنْ وَجْهَيْنِ :
أَحَدُهُمَا : أَنَّ هَذَا لَيْسَ فِعْلُ جَمِيعِهِمْ فَيَصِحُّ الِاحْتِجَاجُ بِهِ .
وَالثَّانِي : أَنَّهُ لَوْ كَانَ فِعْلُ جَمِيعِهِمْ لَمْ يَلْزَمْ ، لِأَنَّهُمْ لَيْسُوا كُلَّ الْأُمَّةِ ، وَلَوْ كَانُوا كُلَّ الْأُمَّةِ لَمْ يَكُنْ إِجْمَاعًا ، لِأَنَّ
ابْنَ عُمَرَ ،
وَالْحَسَنَ يُخَالِفَانِ فِي الْمَسْأَلَةِ ، وَأَمَّا الْعَسَلُ فَخَارِجٌ مِنْ فَمِ النَّحْلِ لَا مِنْ دُبُرِهَا عَلَى أَنَّ النَّحْلَ حَيَوَانٌ لَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ ، وَمَا لَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ فَبَوْلُهُ وَرَوْثُهُ نَجِسٌ بِإِجْمَاعِنَا ، وَإِيَّاهُمْ ، وَأَمَّا الْإِنْفَحَةُ فَلَبَنٌ جَامِدٌ ، وَلِذَلِكَ حَلَّ أَكْلُهُ وَسَاغَتْ طَهَارَتُهُ ، وَمِنْ أَصْحَابِنَا مَنْ قَالَ : هُوَ نَجِسٌ ، لِأَنَّهُ كَرِشٌ ، فَأَمَّا جَرَّةُ الْبَعِيرِ الَّتِي يُخْرِجُهَا مِنْ جَوْفِهِ ، ثُمَّ يَجْتَرُّهَا فَلَا يَخْتَلِفُ أَصْحَابُنَا فِي نَجَاسَتِهَا كَالْقَيْءِ سَوَاءً .