فصل في
أما كيفيته ، فهو سجدتان بينهما جلسة ، يسن في هيئتها الافتراش ، وبعدهما إلى أن يسلم ، يتورك . وكتب الأصحاب ساكتة عن الذكر فيهما ، وذلك يشعر بأن المحبوب فيها ، هو المحبوب في سجدات صلب الصلاة ، كسائر ما سكتوا عنه من واجبات السجود ومحبوباته . كيفية سجود السهو ومحله
وسمعت بعض الأئمة يحكي : أنه يستحب أن يقول فيهما : سبحان من لا ينام ولا يسهو . وهذا لائق بالحال . وفي محله ثلاثة أقوال أظهرها : قبل السلام . والثاني : إن سها بزيادة ، سجد بعد السلام ، وإن سها بنقص ، سجد قبله . والثالث : أنه يتخير ، إن شاء قبله ، وإن شاء بعده .
[ ص: 316 ] والأول : هو الجديد . والآخران : قديمان . ثم هذا الخلاف في الإجزاء على المذهب . وقيل : في الأفضل . ثم إذا قلنا : قبل السلام ، فسلم قبل أن يسجد ، نظر فإن سلم عامدا ، فوجهان . الأصح : أنه فوت السجود . والثاني : إن قصر الفصل سجد ، وإلا فلا . وإذا سجد ، فلا يكون عائدا إلى الصلاة بلا خلاف ، بخلاف ما إذا سلم ناسيا وسجد ، فإن فيه خلافا ، وإن سلم ناسيا وطال الزمان ، فقولان . الجديد الأظهر : لا يسجد . والقديم : يسجد ، وإن لم يطل ، وتذكر على قرب ، فإن بدا له أن لا يسجد ، فذاك ، والصلاة ماضية على الصحة ، وحصل التحلل بالسلام على الصحيح . وفي وجه : يسلم مرة أخرى . وذلك السلام غير معتد به ، وإن أراد أن يسجد ، فالصحيح المنصوص الذي قطع به الجمهور : أنه يسجد . والثاني : لا يسجد . وإذا قلنا بالصحيح هنا ، أو بالقديم عند طول الفصل ، فسجد ، فهل يكون عائدا إلى حكم الصلاة ؟ وجهان . أرجحهما عند صاحب ( التهذيب ) : لا يكون عائدا . وأرجحهما عند الأكثرين : يكون عائدا . وبه قال أبو زيد ، وصححه القفال ، ، وإمام الحرمين في ( الفتاوى ) والغزالي ، وغيرهم . ويتفرع على الوجهين مسائل . منها : لو تكلم عامدا ، أو أحدث في السجود ، بطلت صلاته على الوجه الثاني ، ولا تبطل على الأول . والروياني
ومنها : لو ، فاتت الجمعة على الوجه الثاني دون الأول . كان السهو في صلاة جمعة ، وخرج الوقت وهو في السجود
ومنها : لو ، لزمه الإتمام على الوجه الثاني ، دون الأول . كان مسافرا يقصر ونوى الإتمام في السجود
ومنها : هل يكبر للافتتاح ؟ وهل يتشهد ؟ إن قلنا بالوجه الثاني : لم يكبر ، ولم يتشهد ، وإن قلنا بالأول ، كبر ، وفي التشهد ، وجهان . أصحهما : لا يتشهد . وقال في ( التهذيب ) : والصحيح أنه يسلم ، سواء قلنا بتشهد ، أم لا . وأما حد طول الفصل ، ففيه الخلاف المتقدم فيمن ترك ركنا ناسيا ثم [ ص: 317 ] تذكر بعد السلام أو شك فيه . والأصح : الرجوع إلى العرف . وحاول ضبط العرف ، فقال : إذا مضى زمن يغلب على الظن أنه أضرب عن السجود قصدا ، أو نسيانا ، فهذا طويل ، وإلا فقصير . قال : وهذا إذا لم يفارق المجلس ، فإن فارق ثم تذكر على قرب الزمان ففيه احتمال عندي لأن الزمان قريب لكن مفارقته المجلس تغلب على الظن الإضراب عن السجود قال : ولو سلم وأحدث ثم انغمس في ماء على قرب الزمان ، فالظاهر أن الحدث فاصل وإن لم يطل الزمان ، وقد نقل قول إمام الحرمين - رحمه الله : أن الاعتبار في الفصل بالمجلس . فإن لم يفارقه ، سجد وإن طال الزمان . وإن فارقه ، لم يسجد وإن قرب الزمان . لكن هذا القول شاذ . والذي اعتمده الأصحاب ، العرف . قالوا : ولا تضر مفارقة المجلس ، واستدبار القبلة . للشافعي
هذا كله تفريع على قولنا : سجود السهو قبل السلام . أما إذا قلنا : بعده . فينبغي أن يسجد على قرب ، فإن طال الفصل ، عاد الخلاف . وإذا سجد ، فلا يحكم بالعود إلى الصلاة بلا خلاف . هل يتحرم للسجدتين ، ويتشهد ، ويسلم ؟ قال : حكمه حكم سجود التلاوة . ثم إذا رأينا التشهد ، فوجهان . وقيل : قولان الصحيح المشهور : أنه يتشهد بعد السجدتين كسجود التلاوة . والثاني : يتشهد قبلهما ، ليليهما السلام . إمام الحرمين
قلت : هذه مسائل منثورة من الباب . منها أن ، كالفرض على المذهب . وقيل : طريقان . الجديد كذلك ، وفي القديم قولان . أحدهما : كذلك . والثاني : لا يسجد ، حكاه السهو في الصلاة النفل ، وصاحبا ( الشامل ) و ( المهذب ) . ولو سلم من الصلاة وأحرم بأخرى ، ثم تيقن أنه ترك ركنا من الأولى ، لم تنعقد الثانية . وأما الأولى ، فإن قصر الفصل بني عليها . وإن طال ، وجب استئنافها . ولو جلس للتشهد في الرباعية ، وشك : هل هو التشهد الأول ، [ ص: 318 ] أم الثاني ، فتشهد شاكا ، ثم قام ، فبان الحال ، سجد للسهو ، سواء بان أنه الأول ، أو الآخر ، لأنه وإن بان الأول ، فقد قام شاكا في زيادة هذا القيام . وإن بان الحال وهو بعد في التشهد الأول ، فلا سجود . ولو القاضي أبو الطيب ، حصلت له الركعتان ، ويسجد للسهو ، وقد تمت صلاته ، فيسلم ، ولا يلزمه الإتمام ، لأنه لم ينوه . وكذا لو نوى المسافر القصر ، وصلى أربع ركعات ناسيا ، ونسي في كل ركعة سجدة ، سجد للسهو ، وسلم . ولو صلى الجمعة أربعا ناسيا ، ونسي من كل ركعة سجدة ، سجد هنا قبله على الأصح . وبه قطع سها سهوين ، أحدهما بزيادة ، والآخر بنقص ، وقلنا : يسجد للزيادة بعد السلام ، وللنقص قبله المتولي . والثاني . بعده . وبه قطع البندنيجي قال : وكذا الزيادة المتوهمة ، كمن شك في عدد الركعات . ولو أراد القنوت في غير الصبح لنازلة - والعياذ بالله - وقلنا به ، فنسيه لم يسجد للسهو على الأصح .
ذكره في ( البحر ) . ولو ، فإن علم بعد فراغه من الصلاة الثانية ، لم يفسد الأولى ، وتمت بالثانية . وإن علم قبل فراغ الثانية ، عاد إلى الأولى ، فأكملها ، وسجد للسهو في الحالين . نقله في ( البحر ) عن نص دخل في صلاة ثم ظن أنه ما كبر للإحرام ، فاستأنف التكبير والصلاة ، ثم علم أنه كان كبر أولا وغيره . والله أعلم . الشافعي