باب 
بيان النجاسات والماء النجس 
الأعيان : جماد ، وحيوان ، فالجماد : ما ليس بحيوان ، ولا كان حيوانا ، ولا جزءا من حيوان ، ولا خرج من حيوان ، فكله طاهر ، إلا الخمر ، وكل نبيذ مسكر . وفي النبيذ  وجه شاذ مذكور في ( البيان ) أنه طاهر . لاختلاف العلماء في إباحته . وفي الخمر المحترمة وجه شاذ ، وكذا في باطن العنقود المستحيل خمرا وجه أنه طاهر . 
وأما الحيوانات ، فطاهرة ، إلا الكلب  ، والخنزير  ، وما تولد من أحدهما . ولنا وجه شاذ ، أن الدود المتولد من الميتة نجس العين ، كولد الكلب ، وهذا الوجه غلط ، والصواب : الجزم بطهارته . 
وأما الميتات ، فكلها نجسة ، إلا السمك والجراد  ، فإنهما طاهران بالإجماع ، وإلا الآدمي  ، فإنه طاهر على الأظهر ، وإلا الجنين الذي يوجد ميتا بعد ذكاة أمه ، والصيد الذي لا تدرك ذكاته ، فإنهما طاهران بلا خلاف . 
 [ ص: 14 ] وأما الميتة التي لا نفس لها سائلة  ، كالذباب وغيره . فهل تنجس الماء وغيره من المائعات إذا ماتت فيها ؟ فيه قولان . الأظهر لا تنجسه ، وهذا في حيوان أجنبي من المائع ، أما ما منشؤه فيه ، فلا ينجسه بلا خلاف . فلو أخرج منه وطرح في غيره ، أو رد إليه ، عاد القولان . فإن قلنا : تنجس المائع ، فهي نجسة ، وإن قلنا : لا تنجسه ، فهي أيضا نجسة على قول الجمهور ، وهو المذهب . وقال  القفال     : ليست بنجسة . 
ثم لا فرق في الحكم بنجاسة هذا الحيوان بين ما تولد من الطعام ، كدود الخل ، والتفاح ، وما يتولد منه ، كالذباب ، والخنفساء ، لكن يختلفان في تنجيس ما ماتا فيه ، وفي جواز أكله ، فإن غير المتولد ، لا يحل أكله ، وفي المتولد أوجه . الأصح : يحل أكله مع ما تولد منه ، ولا يحل منفردا . والثاني : يحل مطلقا . والثالث : يحرم مطلقا . والأوجه جارية ، سواء قلنا بطهارة هذا الحيوان على قول  القفال  ، أو بنجاسته على قول الجمهور . 
 [ ص: 15 ] قلت : ولو كثرت الميتة التي لا نفس لها سائلة ، فغيرت الماء أو المائع  ، وقلنا : لا تنجسه من غير تغير ، فوجهان مشهوران . الأصح تنجسه ، لأنه متغير بالنجاسة . والثاني : لا تنجسه ، ويكون الماء طاهرا غير مطهر ، كالمتغير بالزعفران . وقال   إمام الحرمين     : هو كالمتغير بورق الشجر . والله أعلم . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					