باب
مسح الخف
وهو جائز بشرطين :
أحدهما : . فلو غسل رجلا فلبس خفها ، ثم غسل الأخرى ، لم يجز المسح ، فلو نزع الأولى ثم لبسها ، كفاه ، وجاز المسح بعده على الصحيح . وعلى الثاني : لا بد من نزعهما . ولو أدخل الرجلين ساقي الخفين بلا غسل ، ثم غسلهما ، ثم أدخلهما قرار الخف ، صح لبسه ، وجاز المسح . ولو لبس متطهرا ، ثم أحدث قبل وصول الرجل قدم الخف ، أو مسح بشرطه ، ثم أزال القدم من مقرها ولم يظهر من محل الفرض شيء ، ففي الصورتين ثلاثة أوجه . الصحيح : جواز المسح في الثانية ، ومنعه في الأولى . والثاني : يجوز [ ص: 125 ] فيهما . والثالث : لا يجوز فيهما . ولو لبست المستحاضة على وضوئها ، ثم أحدثت بغير الاستحاضة ، فوجهان . أحدهما : لا يصح مسحها لضعف طهارة لبسها . والصحيح : المنصوص جوازه . فعلى هذا لو انقطع دمها ، وشفيت قبل المسح ، لم يجز المسح على المذهب ، وقيل : فيه الوجهان . وحيث جوزنا ، فإنما يستبيح بلبسها المسح لما شاءت من النوافل ، ولفريضة إن لم تكن صلت بوضوء اللبس فريضة ، بأن أحدثت بعد وضوئها ولبسها قبل أن تصلي تلك الفريضة ولا غيرها من الفرائض ، فإن أحدثت بعد فعل الفريضة ، مسحت ، واستباحت النوافل ، ولا تستبيح فريضة مقضية ، ولا مؤداة تحضر . فإن أرادت فريضة ، وجب نزع الخف ، واستئناف اللبس بطهارة . ولنا وجه شاذ أنها تستوفي مدة المسح يوما وليلة حضرا ، وثلاثة سفرا ، ولكن تعيد الوضوء والمسح لكل فريضة . وفي معنى طهارة المستحاضة ، طهارة سلس البول ، وكل من به حدث دائم ، وكذا الوضوء المضموم إليه التيمم لجراحة أو كسر ، فحكمهم حكمها بلا فرق . وأما من محض التيمم بلا وضوء ، فإن كان بسبب غير إعواز الماء ، فهو كالمستحاضة . وإن كان للإعواز ، فقال لبسه على طهارة كاملة ابن سريج : هو كهي . والصحيح : أنه لا يستبيح المسح أصلا .
الشرط الثاني : ، وصلاحيته بأمور : أن يكون الملبوس صالحا للمسح
الأول : ، فلو قصر عن محل الفرض ، لم يجز قطعا ، وفي المخروق قولان . القديم : جواز أن يستر محل فرض غسل الرجلين ما لم يتفاحش الخرق ، بأن لا يتماسك في الرجل ، ولا يتأتى المشي عليه ، وقيل : التفاحش : أن يبطل اسم الخف . والجديد : الأظهر لا يجوز إذا ظهر شيء من محل الفرض وإن قل . ولو تخرقت البطانة أو الظهارة ، جاز المسح إن كان الباقي صفيقا ، وإلا فلا على الصحيح . ويقاس على هذا ما إذا تخرق من الظهارة موضع ، ومن البطانة موضع آخر لا يحاذيه . أما المسح إذا شد محل الشق بالشرج ، فإن ظهر [ ص: 126 ] شيء مع الشد ، لم يجز المسح . وإلا جاز على الصحيح المنصوص . فلو فتح الشرج ، بطل المسح في الحال وإن لم يظهر شيء . الخف المشقوق القدم
الأمر الثاني : بقدر ما يحتاج إليه المسافر في حوائجه عند الحط والترحال ، فلا يجوز أن يكون قويا ، بحيث يمكن متابعة المشي عليه ، وكذا الجوارب المتخذة من الجلد الذي يلبس مع المكعب ، وهي جوارب الصوفية ، لا يجوز المسح عليها حتى يكون بحيث يمكن متابعة المشي عليها ، ويمنع نفوذ الماء إن شرطناه ، إما لصفاقتها ، وإما لتجليد القدمين والنعل على الأسفل ، أو الإلصاق على المكعب . وقيل : في اشتراط تجليد القدم مع صفاقتها قولان . ولو تعذر المشي فيه لسعته المفرطة ، أو ضيقه ، لم يجز المسح على الأصح . ولو تعذر لغلظه ، أو ثقله ، كالخشب والحديد ، أو لتحديد رأسه بحيث لا يستقر على الأرض ، لم يجز . ولو اتخذ لطيفا من خشب ، أو حديد يتأتى المشي فيه ، جاز قطعا . ولو لم يقع عليه اسم الخف ، بأن لف على رجله قطعة أدم وشدها ، لم يجز المسح . المسح على اللفائف والجوارب المتخذة من صوف ولبد
الأمر الثالث : - في أوصاف مختلف فيها - فالخف على الأصح . المغصوب ، والمسروق ، وخف الذهب أو الفضة ، يصح المسح عليه قطعا ، لا لمس مصحف ولا لغيره . ولو وجدت في الخف شرائطه ، إلا أنه لا يمنع نفوذ الماء ، لم يجز المسح على الأصح . والخف من جلد كلب أو ميتة قبل الدباغ لا يجوز المسح عليه
واختار إمام الحرمين الجواز . والغزالي
قلت : ولو على الصحيح . ويجوز على لبس واسع الرأس يرى من رأسه القدم ، جاز المسح عليه قطعا إذا أمكن متابعة المشي عليه . والله أعلم . خف زجاج