[ ص: 194 ] فصل
الصلاة المنهي عنها في هذه الأوقات يستثنى منها زمان ومكان ؛ أما الزمان فعند الاستواء يوم الجمعة ، ولا يلحق به باقي الأوقات يوم الجمعة على الأصح .
فإن ألحقنا جاز لكل أحد . وإن قلنا بالأصح ، التنفل يوم الجمعة في الأوقات الخمسة وجهان : فهل يجوز التنفل لكل أحد عند الاستواء ؟
أصحهما : نعم . والثاني ، لا يجوز لمن ليس في الجامع . وأما من في الجامع ، ففيه وجهان :
أحدهما : يجوز مطلقا ، والثاني : يجوز بشرط أن يبكر ثم يغلبه النعاس . وقيل : يكفي النعاس بلا تبكير .
وأما المكان فمكة - زادها الله شرفا - لا تكره الصلاة فيها في شيء في هذه الأوقات سواء صلاة الطواف وغيرها .
وقيل : إنما يباح ركعتا الطواف . والصواب ، الأول . والمراد بمكة ، جميع الحرم . وقيل : إنما يستثنى نفس المسجد الحرام . والصواب المعروف هو الأول .
فرع :
متى ثبتت الكراهة فتحرم بالصلاة المكروهة لم تنعقد على الأصح . كصوم العيد ، وتنعقد على الثاني كالصلاة في الحمام ، ولو نذر أن يصلي في هذه الأوقات ، فإن قلنا : تنعقد الصلاة صح نذره وإلا فلا .
وإذا صح نذره ، فالأولى أن يصلي في وقت آخر ، كمن نذر أن يضحي بشاة يذبحها بسكين مغصوب يصح نذره ، ويذبحها بغير مغصوب .
ولو فله فعلها في هذه الأوقات قطعا ، فإن لها سببا . نذر صلاة مطلقة
[ ص: 195 ] قلت : النهي عن الصلاة في هذه الأوقات حيث أثبتناه مكروها ، كراهة تحريم على الأصح . وبه قطع الماوردي في ( الإقناع ) وصاحب ( الذخائر ) وآخرون : وهو مقتضى النهي في الأحاديث الصحيحة .
والثاني : كراهة تنزيه وبه قطع أبو علي البندنيجي . والله أعلم .
وقول بعض المتأخرين : أنه لا يحرم شاذ متروك ، علته [ أنه ] مخالف لما صرح به كثيرون واقتضاه كلام الباقين .