فصل  
فإذا نظرت في كلية شرعية فتأملها تجدها حاملة على التوسط ،   فإن رأيت ميلا إلى جهة طرف من الأطراف ، فذلك في مقابلة واقع أو متوقع في الطرف الآخر .  
فطرف التشديد - وعامة ما يكون في التخويف والترهيب والزجر - يؤتى به في مقابلة من غلب عليه الانحلال في الدين .  
وطرف التخفيف - وعامة ما يكون في الترجية والترغيب والترخيص - يؤتى به في مقابلة من غلب عليه الحرج في التشديد ، فإذا لم يكن هذا ولا ذاك رأيت التوسط لائحا ، ومسلك الاعتدال واضحا ، وهو الأصل الذي يرجع إليه والمعقل الذي يلجأ إليه .  
وعلى هذا إذا رأيت في النقل من المعتبرين في الدين من مال عن التوسط ; فاعلم أن ذلك مراعاة منه لطرف واقع أو متوقع في الجهة الأخرى ،      [ ص: 287 ] وعليه يجري النظر في الورع والزهد وأشباههما ، وما قابلها . والتوسط يعرف بالشرع ، وقد يعرف بالعوائد وما يشهد به معظم العقلاء ; كما في الإسراف والإقتار في النفقات .  
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					