الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                      صفحة جزء
                                                      [ شروط المتواتر التي ترجع إلى السامعين ] وأما ما يرجع إلى السامعين فأمور : أحدها : أن يكون السامع له من أهل العلم ، إذ يستحيل حصول العلم من غير متأهل له ، فلذلك لا يكون مجنونا ولا غافلا . ثانيها : أن يكون غير عالم بمدلوله ضرورة ، وإلا يلزم تحصيل الحاصل ، فلو أخبروا بأن النفي والإثبات لا يجتمعان لم يفد علما . قال ابن الحاجب : وهذا إنما نشرطه على القول بأن العلم غير نظري . فإن قلنا : ضروري فلا يشترط ، ونازع الجزري الإمام فخر الدين في تمثيله بأن النفي والإثبات لا يجتمعان ، وقال : ليس هذا من باب ما ثبت بالخبر ، وهو عجيب فإن مقصود الإمام أنه لما علمه السامع ، صار معلوما له بالضرورة بإخبار المخبرين ، كإخبار المخبرين بأن النفي والإثبات لا يجتمعان ، وهو معلوم بالضرورة . ثالثها : أن يكون السامع منفكا عن اعتقاد ما يخالف الخبر إذن ; لشبهة دليل أو تقليد إمام . ذكره الشريف المرتضى ، وتبعه البيضاوي ، وأما إذا كان عنده شبهة مشكلة في صدق الخبر لم يفد العلم .

                                                      ومراد الشريف [ ص: 103 ] بذلك إثبات إمامة علي - رضي الله عنه - بالتواتر ، وإنما لم يحصل العلم لنا لاعتقاد متابعي النص لأجل الشبه المانعة لنا عنه ، وهذا فاسد ; لأن الشبهة لا تقوى على دفع العلوم الضرورية ، وبناه على أن حصول العلم عقب التواتر بالعادة لا بطريق التولد ، فجاز إخلافه بحسب اختلاف السامعين ، فيحصل للسامع إذا لم يكن قد اعتقد نقيض ذلك الحكم قبل ذلك ، ولا يحصل له إذا اعتقد نقيضه .

                                                      قال القرطبي : وهو باطل بآية الاستواء والمجيء ، فإنه قد استوى في العلم بتواترها من اعتقد ظاهرها ، ومن لم يعتقد ، وقال الهندي : هذا وإن بناه على أصله الفاسد ، ولكن لا بأس به ، وقيل : يلزم عليه أن يجوز صدق من أخبرنا بأنه لم يعلم وجود الكبار ، والحوادث العظيمة بالأخبار المتواترة ; لأجل شبهة اعتقدها في نفي تلك الأشياء وهو باطل .

                                                      التالي السابق


                                                      الخدمات العلمية