الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 1288 ) فصل : ولا بأس بالتطوع نازلا وسائرا على الراحلة ; لما روى ابن عمر ، { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يسبح على ظهر راحلته حيث كان وجهه يومئ برأسه . } وكان ابن عمر يفعله . وروي نحو ذلك عن جابر ، وأنس . متفق عليهن . وروت أم هانئ بنت أبي طالب ، { أن النبي صلى الله عليه وسلم يوم فتح مكة اغتسل في بيتها ، فصلى ثماني ركعات } . متفق عليه . وعن علي رضي الله عنه { أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يتطوع في السفر . } رواه سعيد . ويصلي ركعتي الفجر والوتر ; لأن ابن عمر روى أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يوتر على بعيره ولما نام النبي صلى الله عليه وسلم عن صلاة الفجر حتى طلعت الشمس ، صلى ركعتي الفجر قبلها . متفق عليهما .

                                                                                                                                            فأما سائر السنن والتطوعات قبل الفرائض وبعدها ، فقال أحمد : أرجو أن لا يكون بالتطوع في السفر بأس .

                                                                                                                                            وروي عن الحسن ، قال : كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يسافرون ، فيتطوعون قبل المكتوبة وبعدها . وروي ذلك عن عمر ، وعلي ، وابن مسعود ، وجابر ، وأنس ، وابن عباس ، وأبي ذر ، وجماعة من التابعين كثير ، وهو [ ص: 69 ] قول مالك ، والشافعي ، وإسحاق ، وأبي ثور ، وابن المنذر .

                                                                                                                                            وكان ابن عمر لا يتطوع مع الفريضة قبلها ولا بعدها ، إلا من جوف الليل ، ونقل ذلك عن سعيد بن المسيب ، وسعيد بن جبير ، وعلي بن الحسين ; لما روي أن ابن عمر رأى قوما يسبحون بعد الصلاة . فقال : لو كنت مسبحا لأتممت صلاتي ، يا ابن أخي : { صحبت رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يزد على ركعتين حتى قبضه الله ، وصحبت أبا بكر فلم يزد على ركعتين حتى قبضه الله . وذكر عمر ، وعثمان ، وقال : { لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة } } متفق عليه .

                                                                                                                                            ووجه الأول ما روي عن ابن عباس ، قال : { فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الحضر ، فكنا نصلي قبلها وبعدها ، وكنا نصلي في السفر قبلها وبعدها . } رواه ابن ماجه . وعن أبي بصرة الغفاري ، عن البراء بن عازب ، قال : { صحبت رسول الله صلى الله عليه وسلم ثمانية عشر سفرا ، فما رأيته ترك ركعتين إذا زاغت الشمس قبل الظهر } . رواه أبو داود .

                                                                                                                                            وحديث الحسن عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قد ذكرناه . فهذا يدل على أنه لا بأس بفعلها ، وحديث ابن عمر يدل على أنه لا بأس بتركها ، فيجمع بين الأحاديث ، والله أعلم .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية