الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 409 ] القول في تأويل قوله جل ثناؤه : ( وما يضل به إلا الفاسقين ( 26 ) )

وتأويل ذلك ما :

568 - حدثني به موسى بن هارون ، قال : حدثنا عمرو ، قال : حدثنا أسباط ، عن السدي في خبر ذكره ، عن أبي مالك ، وعن أبي صالح ، عن ابن عباس ، وعن مرة ، عن ابن مسعود ، وعن ناس من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم : " وما يضل به إلا الفاسقين " هم المنافقون .

569 - وحدثنا بشر بن معاذ ، قال : حدثنا يزيد ، عن سعيد ، عن قتادة : " وما يضل به إلا الفاسقين " فسقوا فأضلهم الله على فسقهم .

570 - حدثني المثنى ، قال : حدثنا إسحاق ، قال : حدثنا ابن أبي جعفر ، عن أبيه ، عن الربيع بن أنس : " وما يضل به إلا الفاسقين " هم أهل النفاق .

قال أبو جعفر : وأصل الفسق في كلام العرب : الخروج عن الشيء . يقال منه : فسقت الرطبة إذا خرجت من قشرها . ومن ذلك سميت الفأرة فويسقة ، لخروجها عن جحرها ، فكذلك المنافق والكافر سميا فاسقين ، لخروجهما عن طاعة ربهما . ولذلك قال جل ذكره في صفة إبليس : ( إلا إبليس كان من الجن ففسق عن أمر ربه ) [ سورة الكهف : 50 ] ، يعني به خرج عن طاعته واتباع أمره .

571 - كما حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا سلمة ، قال : حدثني ابن إسحاق ، [ ص: 410 ] عن داود بن الحصين ، عن عكرمة مولى ابن عباس ، عن ابن عباس في قوله : ( بما كانوا يفسقون ) [ سورة البقرة : 59 ] أي بما بعدوا عن أمري . فمعنى قوله : " وما يضل به إلا الفاسقين " وما يضل الله بالمثل الذي يضربه لأهل الضلال والنفاق ، إلا الخارجين عن طاعته ، والتاركين اتباع أمره ، من أهل الكفر به من أهل الكتاب ، وأهل الضلال من أهل النفاق .

التالي السابق


الخدمات العلمية