الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                              6405 [ ص: 54 ] 11 - باب: إقامة الحدود على الشريف والوضيع

                                                                                                                                                                                                                              6787 - حدثنا أبو الوليد ، حدثنا الليث ، عن ابن شهاب ، عن عروة ، عن عائشة ، أن أسامة كلم النبي - صلى الله عليه وسلم - في امرأة ، فقال :" إنما هلك من كان قبلكم أنهم كانوا يقيمون الحد على الوضيع ، ويتركون الشريف ، والذي نفسي بيده لو فاطمة فعلت ذلك لقطعت يدها " . [ انظر : 2648 - مسلم : 1688 - فتح 12 \ 86 ] .

                                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                              ذكر فيه حديث عائشة ،- رضي الله عنها - : أن أسامة كلم النبي - صلى الله عليه وسلم - في امرأة ، فقال :" إنما هلك من كان قبلكم أنهم كانوا يقيمون الحد على الوضيع ، ويتركون الشريف ، والذي نفسي بيده لو أن فاطمة فعلت ذلك لقطعت يدها " .

                                                                                                                                                                                                                              قال المهلب : هذا يدل أن حدود الله لا يحل للأئمة ترك إقامتها على القريب والشريف ، وأن من ترك ذلك من الأئمة فقد خالف سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ورغب عن اتباع سبيله ، وفيه أن إنفاذ الحكم على الضعيف ومحاباة الشريف بما أهلك الله به الأمم .

                                                                                                                                                                                                                              ألا ترى أنه - عليه السلام - وصف أن بني إسرائيل هلكوا بإقامة الحد على الوضيع وتركهم الشريف ، وقد وصفهم الله بالكفر والفسوق لمخالفتهم أمر الله ، فقال تعالى ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون [ المائدة : 44 ] الظالمون ، الفاسقون .

                                                                                                                                                                                                                              فصل :

                                                                                                                                                                                                                              وقوله :" لو أن فاطمة " إلى آخره ، كذا هو ثابت في الأصول ، وأورده ابن التين بحذف " أن " ثم قال : تقديره : لو فعلت ذلك ؛ لأن ( لو ) يليها الفعل دون الاسم ، وهذا من معنى قوله كونوا قوامين بالقسط شهداء لله ولو على أنفسكم أو الوالدين والأقربين [ النساء : 135 ]

                                                                                                                                                                                                                              [ ص: 55 ] فامتثل - عليه السلام - أمر ربه في ذلك ، وامتثله بعده الأئمة الراشدون في تقويم أهليهم فيما دون الحدود .

                                                                                                                                                                                                                              وذكر عبد الرزاق عن معمر ، عن الزهري ، عن سالم ، عن أبيه قال : كان عمر بن الخطاب إذا نهى الناس عن شيء جمع أهله ، فقال : إني نهيت الناس عن كذا وكذا ، والناس ينظرون إليكم نظر الطير إلى اللحم ، فإن وقعتم وقعوا ، وإن هبتم هابوا ، وإني والله لا أؤتى برجل منكم وقع في شيء بما نهيته عنه إلا أضعفت عليه العقوبة لمكانه مني ، فمن شاء فليتقدم ومن شاء فليتأخر .

                                                                                                                                                                                                                              وضرب عمر أخاه الوليد بن عقبة في الخمر ، وضرب عمر ابنه عبد الرحمن في الخمر ، وضرب فيها قدامة بن مظعون وكان بدريا ، وكان خال بنيه عبد الله وحفصة وعبيد الله ، ولما أمر بضربه ، وكان أنكر شربها وأكثر عليه الجارود ، وكان فيمن شهد ، فقال له عمر : أراك خصما ، وتواعده عبد الله ، فقال له الجارود : اشرب جاروانها ، أما والله لتعجزن خالدا ولتعجزن أبوك ، فقال قدامة حين أمر بضربه وكان فيما قيل لم يكن علي شيء : قال تعالى إذا ما اتقوا [ المائدة : 93 ] ، وظن ذلك فيما يستقبل ، وإنما أنزل ذلك حين حرمت ، فلم يدر ما يقولون فيمن شربها قبل [ أن ] تحرم فنزلت ، قال عمر : وأيضا تأول كتاب الله على غير تأويله فضربه ثمانين للشرب ( وخمسين ) لتأويله .

                                                                                                                                                                                                                              [ ص: 56 ] وكان عبيد الله بن أبي رافع على بيت المال ، وكان في بيت المال جوهرة نفيسة فأعطاها عبيد الله أم كلثوم بنت علي وفاطمة - رضي الله عنه - تزين وتردها ، فرآها علي ، فقال : أسرقتها والله لأقطعنك ، قال له عبد الله : أنا أعطيتها إياها تزين بها وتردها ، فمن أين كان تصل إليها ؟ فبكت .




                                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية