الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
6819 - حدثنا محمد بن عثمان ، حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=15801خالد بن مخلد ، عن nindex.php?page=showalam&ids=16036سليمان ، حدثني nindex.php?page=showalam&ids=16430عبد الله بن دينار ، عن nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر - رضي الله عنهما - قال : nindex.php?page=hadith&LINKID=656320أتي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بيهودي ويهودية قد أحدثا جميعا ، فقال لهم :" ما تجدون في كتابكم ؟" . قالوا : إن أحبارنا أحدثوا تحميم الوجه والتجبية . قال nindex.php?page=showalam&ids=106عبد الله بن سلام : ادعهم يا رسول الله بالتوراة . فأتي بها فوضع أحدهم يده على آية الرجم ، وجعل يقرأ ما قبلها وما بعدها ، فقال له ابن سلام : ارفع يدك . فإذا آية الرجم ، تحت يده ، فأمر بهما رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فرجما . قال nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر : فرجما عند البلاط ، فرأيت اليهودي أجنأ عليها . [ انظر : 1329 - مسلم : 1699 - فتح 12 \ 128 ] .
ذكر فيه حديث nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر - رضي الله عنهما - قال : nindex.php?page=hadith&LINKID=656320أتي النبي - صلى الله عليه وسلم - بيهودي ويهودية قد أحدثا جميعا ، فقال لهم :" ما تجدون في كتابكم ؟" . قالوا : إن أحبارنا أحدثوا تحميم الوجه والتجبية . فقال nindex.php?page=showalam&ids=106عبد الله بن سلام : ادعهم يا رسول الله بالتوراة . فأتي بها فوضع أحدهم يده على آية الرجم ، وجعل يقرأ ما قبلها وما بعدها ، فقال له ابن سلام : ارفع يدك . فإذا آية الرجم تحت يده ، فأمر بهما رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فرجما . قال nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر - رضي الله عنهما - : فرجما عند البلاط ، فرأيت اليهودي جنى عليها .
هذا الحديث سلف شرحه في المناقب في باب قول الله تعالى : nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=146يعرفونه [ البقرة : 146 ] وذكره هناك من طريق nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك ، عن نافع ، عن nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر - رضي الله عنهما - ، وذكره هنا من طريق nindex.php?page=showalam&ids=16036سليمان : وهو ابن بلال ، عن nindex.php?page=showalam&ids=16430عبد الله بن دينار ، عن nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر ، ويرد ذلك على أبي نعيم حيث جمع أحاديث nindex.php?page=showalam&ids=16430عبد الله بن دينار وأغفل هذا .
[ ص: 171 ] وفي nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري وغيره عنه عدة أحاديث .
والتجبية - بمثناة فوق ، ثم جيم ، ثم موحدة ، ثم مثناة تحت ، ثم هاء - : أن تحمم وجوه الزانيين ، ويحملا على بعير أو حمار ، ويخالف بين وجوههما ، وأصلها أن يحمل اثنان على دابة ويجعل قفا أحدهما إلى قفا الآخر .
قال ابن التين : ورويناه بفتح الباء ، وليس ببين ، وإنما هو مصدر جبب تجبيبا مثل : كلم تكليما ، والباء ساكنة والهاء من أصل الفعل ، وذكرت ( هناك ) عن " شرحي للعمدة " أن في ( يحني ) سبع روايات كلها راجعة إلى الوقاية عنها ، منها الحاء المهملة ، يقال : أحنى يحني إحناء ، أي : يميل عليها ليقيها الحجارة ، وفيه لغة أخرى : جنى يجني ، وأصل الجنأ : ميل في الظهر ، وقيل : في العنق .
وفي المهملة يقال : حنا عليه يحنو ( حفوا ) وأحنى يحني أي : يعطف ويشفق ويكب عليها .
ومعنى ( أحدثا ) : زنيا . و ( تحميم الوجه ) تسخيمه بالفحم . وفي رواية nindex.php?page=showalam&ids=12070للبخاري : ( تسخم وجوههما ) . وفي أكثر نسخ مسلم : يحملهما . بالحاء واللام ، وروي بالجيم .
قال nindex.php?page=showalam&ids=12074أبو عبيد : يرويه أهل الحديث : يجني ، وإنما هو : يجنأ مهموز . قال الجوهري : جنى الرجل على الشيء يجنو جنوءا إذا انكب ،
[ ص: 172 ] فإن كان ذلك من خلفه قيل : حنى ، ومنه قيل للترس إذا صنع معيبا محنيا .
قال ابن التين : ورويناه هنا ( أجنأ ) مهموز بالجيم رباعي ، وهو في " الصحاح " ثلاثي ، وعند الهروي مثل ما رويناه .
قال : يقال أجنى عليه يجنو جنأ إذا انكب عليه يقيه شيئا .
فصل :
تبويبه بما ذكر ؛ لأجل ما ذكر في الحديث ، وهو بفتح الباء وكسرها .
قال أبو عبد الله الحموي ياقوت : هو موضع مبلط بالحجارة بين مسجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والسوق - وقول الشاعر فيما أنشده أبو عبيد البكري :
لولا رجاؤك ما زرنا البلاط وما كان البلاط لنا أهلا ولا وطنا
هو غير البلاط ، وهو قرية بالغوطة ، [ وبلاط ] عوسجة حصن من أعمال شنتبرية بالأندلس ، بلاط : كانت قصبة ( الجوار ) من نواحي حلب ، وبلاط : موضع بالقسطنطينية كان مجلسا للأسرى أيام سيف الدولة بن حمدان .
وأما nindex.php?page=showalam&ids=12997ابن بطال قال : تبويبه بذلك لا يقتضي معنى ، والبلاط وغيره من الأمكنة سواء ، وإنما ترجم به ؛ لأنه مذكور في الحديث .
[ ص: 173 ] قال nindex.php?page=showalam&ids=13721الأصمعي : البلاط : الأرض الملساء . وقال nindex.php?page=showalam&ids=13417ابن فارس : كل شيء فرشت به الدار من حجر وغيره .
زاد ابن التين : لعل فائدة التبويب أنها أرض لا يحفر فيها ، وأغفلا ما قدمناه أولا .
فصل :
ذكر nindex.php?page=showalam&ids=12563ابن إسحاق ، عن nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري ، عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة أن هذا الحديث كان حين قدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى المدينة .
فصل :
جاء في nindex.php?page=showalam&ids=11998أبي داود أنه - عليه السلام - راح إلى بيت المدراس ، وسأل اليهود عن حكم الزانيين ، ويحتمل أحد معنيين :
وفي الحديث حجة nindex.php?page=showalam&ids=16867لمالك جواز nindex.php?page=treesubj&link=25567_26215تحاكم أهل الكتاب إذا تحاكموا إلينا ، أنه جائز أن يترجم عنهم مترجم واحد كما ترجم nindex.php?page=showalam&ids=106عبد الله بن سلام عن التوراة وحده ، وسيأتي في كتاب الأحكام ما للعلماء في ذلك .
فصل :
وفي قوله : ( فرأيت اليهودي أحنى عليها ) دليل أنه لا يحفر للمرجوم ولا للمرجومة ؛ لأنه لو كان حفر ما استطاع أن يحني عليها ، وبه استدل nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك ، وقد سلفت المسألة في الباب قبله ، ووقع في كلام ابن التين أنه ثبت أنه لم يحفر لماعز وحفر للعامدية ، وكانت ( معروفة ) ، ثم ذكر رواية nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم في الحفر لماعز ، وفي قصة الجهينية أنه شد عليها ثيابها ، ثم أمر برجمها من غير ذكر حفر .
وفيه حجة nindex.php?page=showalam&ids=16004للثوري أن nindex.php?page=treesubj&link=10401المحدود لا يقعد ويضرب قائما ، والمرأة قاعدة ، والحديث يدل له ، فإنه كان يجنأ عليها ، وقال nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك : الرجل والمرأة في الحدود كلها سواء لا يقام واحد منهما ويضربان قاعدين ، ويجرد الرجل ويترك على المرأة ما يسترها ولا يقيها الضرب . وقال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي nindex.php?page=showalam&ids=15124والليث nindex.php?page=showalam&ids=11990وأبو حنيفة : الضرب في الحدود كلها قائما مجردا غير ممدود إلا حد القذف فإنه يضرب وعليه من ثيابه ما لا يقيه الضرب .
واحتج به أصحاب nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة على جواز شهادة الكفار بعضهم على بعض ؛ لأنه رجمهما بقولهم ، وأجاب المخالفون بالمنع ، وأن nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي روى فيه أنه - عليه السلام - سألهما فأقرا ، فكان الرجم بالإقرار .
قال ابن الطلاع : أو يجوز أن يكون بوحي أو بشهادة مسلمين .
فصل :
قد روينا ما نزل عقب رجمه من طريق nindex.php?page=showalam&ids=11998أبي داود عن nindex.php?page=showalam&ids=48البراء ، وعن nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري قال : سمعت رجلا من مزينة ممن سمع العلم - ونحن عند nindex.php?page=showalam&ids=15990ابن المسيب - يحدث عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة قال : nindex.php?page=hadith&LINKID=675784زنى رجل من اليهود وامرأة حين قدم - عليه السلام - المدينة فخير في ذلك بقوله : nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=42فإن جاءوك فاحكم بينهم [ المائدة : 42 ] الحديث ، وفي آخره قول nindex.php?page=showalam&ids=12300ابن شهاب السالف قبيل هذه الفصول : فبلغنا أن هذه الآية نزلت فيهم : nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=44إنا أنزلنا التوراة الآية [ المائدة : 44 ] ، nindex.php?page=showalam&ids=12563ولابن إسحاق أنهم قالوا : إن حكم فيهم بالتجبية فاتبعوه ( فإنه ملك ) وصدقوه ، وإن ( هو ) حكم بالرجم فإنه نبي فاحذروه ( قال : ما في أيديكم أن تسألوه ) .
[ ص: 176 ] وفيه : nindex.php?page=hadith&LINKID=3504210فجاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بابن صوريا وكان غلاما شابا ، فلما ناشده ، قال : اللهم نعم ، أما والله يا أبا القاسم إنهم ليعرفون أنك نبي مرسل ، ولكنهم يحسدونك . وأخرجه nindex.php?page=showalam&ids=11998أبو داود من حديث nindex.php?page=showalam&ids=36جابر nindex.php?page=showalam&ids=14577والشعبي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - . وأصل حديث nindex.php?page=showalam&ids=36جابر في nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم ، وروى القصة أيضا عبد الله بن الحارث بن جزء الزبيدي ، أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=16472ابن وهب ، وجابر بن سمرة أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=13948الترمذي ، وقال : حسن غريب . nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس أخرجه أبو قرة .
فصل :
قال nindex.php?page=showalam&ids=13064أبو محمد بن حزم : جاء عن علي - رضي الله عنه - أنه قال : لا حد على أهل الذمة في الزنا . وعن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : لا حد عليهم في السرقة .
وقال nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة : لا حد على أهل الذمة في الزنا ولا في شرب الخمر ، وعليهم الحد في القذف والسرقة إلا لمعاهد ، لكن ( يضمنها ) . وقال nindex.php?page=showalam&ids=16908محمد بن الحسن : لا أمنع الذمي من الزنا ولا من شرب الخمر ، وأمنعه من الغناء .
وقال nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك : لا حد على أهل الذمة في الزنا ولا في شرب الخمر ، وعليهم الحد في القذف والسرقة ، وقال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي وأبو سليمان وأصحابهما : عليهم الحد في كل ذلك ، قال الله تعالى : nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=49وأن احكم [ ص: 177 ] بينهم بما أنزل الله ولا تتبع أهواءهم واحذرهم أن يفتنوك [ المائدة : 49 ] وقال : nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=50أفحكم الجاهلية يبغون ومن أحسن من الله حكما لقوم يوقنون [ المائدة : 50 ] فإن ذكروا ما روينا عن nindex.php?page=showalam&ids=16004الثوري ، عن nindex.php?page=showalam&ids=16052سماك بن حرب ، عن قابوس بن المخارق ، عن أبيه قال : كتب محمد بن أبي بكر إلى nindex.php?page=showalam&ids=8علي بن أبي طالب في مسلم زنى بنصرانية ، فكتب إليه : أقم على المسلم الحد ، وادفع النصرانية إلى أهل دينها . ومن حديث nindex.php?page=showalam&ids=16360عبد الرزاق عن nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج ، وعن nindex.php?page=showalam&ids=16004سفيان بن سعيد ؛ كلاهما عن nindex.php?page=showalam&ids=16666عمرو بن دينار ، عن nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد أن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس كان لا يرى على أهل الذمة حدا ، وعن ربيعة أنه قال في اليهودي والنصراني : لا أرى عليهما في الزنا حدا . وقد كان لهم من الوفاء بالذمة أن يخلى بينهم وبين دينهم .
قال nindex.php?page=showalam&ids=13064ابن حزم : وما نعلم لمن قال بهذا حجة غير ما ذكرناه ، ولا حجة للحنفيين والمالكيين فيه ؛ لأن الآية الكريمة عامة لا خاصة ، وهم قد خصوا ، والرواية عن علي لا تصح ؛ لأن سماكا ضعيف وقابوس مجهول .
قلت : قد ذكرته أنت - أعني : قابوسا - في الصحابة الذين رووا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ستة أحاديث ، وذكر ابن يونس في " تاريخ الغرباء " قابوس بن المخارق ، ويقال : ابن أبي المخارق سليم الشيباني الكوفي ، قدم مصر ( مع ) محمد بن أبي بكر في خلافة علي قد ذكر وحكي عنه .
[ ص: 178 ] وقال nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي : ليس به بأس ، وذكره nindex.php?page=showalam&ids=13053ابن حبان في " ثقاته " ولما ذكر nindex.php?page=showalam&ids=13332ابن عبد البر هذا الأثر سماه : قابوس بن أبي ظبيان عن أبيه . وهو عجيب ، فقابوس حديثه في " صحيح nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري " ، وأثنى عليه غير واحد ، ثم قال nindex.php?page=showalam&ids=13064ابن حزم : والرواية عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : لا حد على ذمي . هم بأنفسهم خالفوا ذلك فأوجبوا عليه الحد في السرقة والقذف ، فإن تعلقوا بقوله تعالى : nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=42فإن جاءوك فاحكم بينهم [ المائدة : 42 ] فلا تعلق لهم فيها ؛ لأنها منسوخة ولو صح أنها محكمة لما كان لهم فيها تعلق ؛ لأنه إنما فيها التخيير بينهم لا في الحكم عليهم جملة ، وإقامة الحدود عليهم ليس حكما بينهم ، وأما عهود من عاهدهم على الحكم بأحكامهم فليس ذلك عهد الله ، بل هو عهد باطل ، ولا يعرف المسلمون عهدا إلا ما أمر الله به ورسوله ، فإن قالوا فقد قال تعالى : nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=256لا إكراه في الدين [ البقرة : 256 ] قلنا : نعم لا نكرههم على الإسلام ولا على فروض الإسلام .
وقال nindex.php?page=showalam&ids=13332ابن عبد البر : إذا ارتفع أهل الكتاب إلينا راضين بحكمنا فيهم ، وكانت شريعتنا موافقة في ذلك الحكم لشريعتهم جاز لنا أن نستظهر عليهم بكتابهم حجة عليهم ، كما في هذا ( الحديث ) ، فإن لم تكن الشريعة في ذلك الحكم موافقة لشريعتهم حكمنا بينهم بما أنزل الله في كتابنا ، ويحتمل أن يكون ذلك خصوصا للشارع ؛ للإجماع على أن ذلك لم يعمل به أحد بعده ، ولقول الله تعالى nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=51أولم يكفهم أنا أنزلنا [ ص: 179 ] عليك الكتاب يتلى عليهم [ العنكبوت : 51 ] ، قال : واختلف العلماء في الحكم بينهم إذا ترافعوا إلينا ، أواجب ذلك علينا أم نحن مخيرون به ؟ فقال جماعة من فقهاء الحجاز والعراق : إن الإمام أو الحاكم مخير إن شاء حكم بينهم إذا ترافعوا إليه بحكم الإسلام ، وإن شاء أعرض عنهم .
وقالوا : إن قوله : nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=42فإن جاءوك [ المائدة : 42 ] محكمة لم ينسخها شيء ، وممن قال ذلك nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك بن أنس nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي في أحد قوليه ، وهو قول nindex.php?page=showalam&ids=16568عطاء nindex.php?page=showalam&ids=14577والشعبي nindex.php?page=showalam&ids=12354والنخعي ، وروي ذلك عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس في قوله nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=42فإن جاءوك فاحكم [ المائدة : 42 ] قال : نزلت في بني قريظة وهي محكمة ، وقال nindex.php?page=showalam&ids=14577عامر ( الشعبي ) : إن شاء حكم وإن شاء لم يحكم ، وعن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس أنهما إذا رضيا فلا يحكم بينهما إلا برضاء من أساقفتهما ، فإن كره ذلك أساقفتهم فلا يحكم بينهم ، وكذلك إن رضي الأساقفة ولم يرض الخصمان أو أحدهما لم يحكم بينهم .
وقال nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري : مضت السنة أن يرد أهل الذمة في حقوقهم ومعاملاتهم ومواريثهم إلى أهل دينهم إلا أن يأتونا راغبين في حكمنا فيحكم بينهم بكتاب الله .
وقال آخرون : واجب على الحاكم أن يحكم بينهم إذا تحاكموا إليه بحكم الله تعالى ، وزعموا أن قوله تعالى : nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=49وأن احكم بينهم بما أنزل الله [ المائدة : 49 ] ناسخ للحكم بينهم في الآية الأولى ، روي ذلك عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس من حديث nindex.php?page=showalam&ids=16006سفيان بن حسين nindex.php?page=showalam&ids=14152والحكم ، عن nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد ، ومنهم
[ ص: 180 ] من يرويه عن سفيان nindex.php?page=showalam&ids=14152والحكم ، عن nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد ، قوله ، وهو صحيح عن nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد وعكرمة ، وبه قال nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري nindex.php?page=showalam&ids=16673وعمر بن عبد العزيز nindex.php?page=showalam&ids=14468والسدي ، وإليه ذهب nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة وأصحابه ، وهو أحد قولي nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي إلا أن nindex.php?page=showalam&ids=11990أبا حنيفة قال : جاءت المرأة والزوج فعليه أن يحكم بينهما بالعدل ، وإن جاءت المرأة وحدها ولم يرض الزوج لم يحكم ، وقال صاحباه : يحكم ، وكذا اختلف أصحاب nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك ، وقال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : ليس الحاكم بالخيار في أحد من المعاهدين الذين يجري عليهم أحكام الإسلام إذا جاءوه في حد لله ، فعليه أن يقيمه ؛ لقوله تعالى : nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=37وهم صاغرون [ النمل : 37 ] واختاره المزني وقال في كتاب الحدود : لا يحدون إذا جاءوا إلينا في حد لله ، ويردهم الحاكم إلى أهل دينهم .
قال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : وما كانوا يدينون به فلا يحكم عليهم بإبطاله إذا لم يرتفعوا إلينا ، لكن ليكشفوا عما استحلوا ما لم يكن ضررا على مسلم أو مستأمن أو معاهد .
قال : وإن جاءته امرأة تستعديه بأن زوجها طلقها وشبه ذلك ، حكمنا عليه حكم المسلمين .
[ ص: 181 ] إلا بإجماع لا تنازع فيه ، أو بسنة لا مدفع لها ، أو يكون التدافع في الآيتين غير ممكن فيهما استعمالهما ، ولا استعمال أحدهما إلا بدفع الأخرى ، فيعلم أنها ناسخة لها .
وكذا قال ابن القصار : لو صح عندي النقل بذلك عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس لقلت بالنسخ في الآية ، ولكن لا أعلم فيه نقلا يعتمد ، وإنما هو نسخ بالتأويل ، كذا قال ، وسندها عند nindex.php?page=showalam&ids=13332ابن عبد البر غير صحيح .
وقال النحاس : الرواية عنه في هذا مستقيمة . ولا فرق عندي بين قوله في الآية التي زعموا أنها منسوخة : nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=42وإن حكمت فاحكم بينهم بالقسط ، وبين قوله في الآية الناسخة nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=49وأن احكم بينهم بما أنزل الله [ المائدة : 49 ] ، والتخيير المتقدم قبل الآية الأولى نازل على هذه ، وهذه الآية الثانية أيضا على حكم التخيير الأول ، وهذا مبني على أجل ، وذلك أن من صالحنا من أهل الذمة لا يخلو أن يشترطوا علينا عدم الحكم أو وجوده بحكمهم أو بحكمنا ، أولا يقع شرط ، فما كان من شرط وجب الوفاء به ، وقد شرط كفار قريش على الشارع أمورا عظيمة فالتزمها لهم ، ووفى لهم حتى غدروا ، فأما ما لم يكن بشرط وترافعوا إلينا ، فالإمام مخير بين الحكم بما أنزل الله أو الصرف .
فصل :
وقد أسلفنا اختلاف العلماء أيضا في nindex.php?page=treesubj&link=25567_26215أهل الذمة إذا زنوا هل يرجمون إذا رفعوا إلينا ؟ فقال nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك : إذا زنوا أو شربوا ، فلا يعرض لهم الإمام إلا أن يظهروا ذلك في ديار المسلمين فيدخلوا عليهم الضرر ، فيمنعهم
[ ص: 182 ] السلطان من الإضرار بالمسلمين . قال nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك : وإنما رجم الشارع اليهوديين ؛ لأنه لم يكن لليهود يومئذ ذمة وتحاكموا إليه . ( ونقل ابن الطلاع في " أقضيته " أنهم أهل ذمة ) . وقال nindex.php?page=showalam&ids=14416الزجاج في " معانيه " : كانا من أهل خيبر .
وقال nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة وأصحابه : يحدون إذا زنوا كحد المسلم ، وهو أحد قولي nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ، ولما ذكر nindex.php?page=showalam&ids=14695الطحاوي قول nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك : لم يكن لهم ذمة ، قال : لو لم يكن واجبا عليهم لما أقامه - عليه السلام - ، قال : وإذا كان من لا ذمة له قد حد في الزنا ، فمن له ذمة أحرى بذلك . قال : ولم يختلفوا أن nindex.php?page=treesubj&link=24376_26215الذمي يقطع في السرقة ، قال nindex.php?page=showalam&ids=13332ابن عبد البر : وقال بعض من رأى أن آية التخيير في الحكم بين أهل الذمة منسوخة بقوله تعالى : nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=49وأن احكم بينهم [ المائدة : 49 ] على الإمام إذا علم من أهل الذمة حدا من حدود الله أن يقيمه عليهم وإن لم يتحاكموا إليه ؛ لأن الله يقول : nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=49وأن احكم بينهم بما أنزل الله [ المائدة : 49 ] ولم يقل : إذا تحاكموا إليك ، قالوا : والسنة تبين ذلك . يعني قول nindex.php?page=showalam&ids=48البراء : nindex.php?page=hadith&LINKID=67338مر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بيهودي محمم فدعاهم ، الحديث . كما ساقه nindex.php?page=showalam&ids=11998أبو داود . وفيه : أنه حكم بينهم ، ولم يتحاكموا إليه ، لكن في حديث nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر - رضي الله عنهما - أن اليهود أتوه ، وليس فيه أنهما رضيا بحكمه ، وقد رجمهما ، وسيكون لنا عودة إلى ذلك في بابه - إن شاء الله تعالى - حيث ذكره nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري .
ذكر فيه حديث nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر - رضي الله عنهما - قال : nindex.php?page=hadith&LINKID=656320أتي النبي - صلى الله عليه وسلم - بيهودي ويهودية قد أحدثا جميعا ، فقال لهم :" ما تجدون في كتابكم ؟" . قالوا : إن أحبارنا أحدثوا تحميم الوجه والتجبية . فقال nindex.php?page=showalam&ids=106عبد الله بن سلام : ادعهم يا رسول الله بالتوراة . فأتي بها فوضع أحدهم يده على آية الرجم ، وجعل يقرأ ما قبلها وما بعدها ، فقال له ابن سلام : ارفع يدك . فإذا آية الرجم تحت يده ، فأمر بهما رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فرجما . قال nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر - رضي الله عنهما - : فرجما عند البلاط ، فرأيت اليهودي جنى عليها .
هذا الحديث سلف شرحه في المناقب في باب قول الله تعالى : nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=146يعرفونه [ البقرة : 146 ] وذكره هناك من طريق nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك ، عن نافع ، عن nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر - رضي الله عنهما - ، وذكره هنا من طريق nindex.php?page=showalam&ids=16036سليمان : وهو ابن بلال ، عن nindex.php?page=showalam&ids=16430عبد الله بن دينار ، عن nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر ، ويرد ذلك على أبي نعيم حيث جمع أحاديث nindex.php?page=showalam&ids=16430عبد الله بن دينار وأغفل هذا .
[ ص: 171 ] وفي nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري وغيره عنه عدة أحاديث .
والتجبية - بمثناة فوق ، ثم جيم ، ثم موحدة ، ثم مثناة تحت ، ثم هاء - : أن تحمم وجوه الزانيين ، ويحملا على بعير أو حمار ، ويخالف بين وجوههما ، وأصلها أن يحمل اثنان على دابة ويجعل قفا أحدهما إلى قفا الآخر .
قال ابن التين : ورويناه بفتح الباء ، وليس ببين ، وإنما هو مصدر جبب تجبيبا مثل : كلم تكليما ، والباء ساكنة والهاء من أصل الفعل ، وذكرت ( هناك ) عن " شرحي للعمدة " أن في ( يحني ) سبع روايات كلها راجعة إلى الوقاية عنها ، منها الحاء المهملة ، يقال : أحنى يحني إحناء ، أي : يميل عليها ليقيها الحجارة ، وفيه لغة أخرى : جنى يجني ، وأصل الجنأ : ميل في الظهر ، وقيل : في العنق .
وفي المهملة يقال : حنا عليه يحنو ( حفوا ) وأحنى يحني أي : يعطف ويشفق ويكب عليها .
ومعنى ( أحدثا ) : زنيا . و ( تحميم الوجه ) تسخيمه بالفحم . وفي رواية nindex.php?page=showalam&ids=12070للبخاري : ( تسخم وجوههما ) . وفي أكثر نسخ مسلم : يحملهما . بالحاء واللام ، وروي بالجيم .
قال nindex.php?page=showalam&ids=12074أبو عبيد : يرويه أهل الحديث : يجني ، وإنما هو : يجنأ مهموز . قال الجوهري : جنى الرجل على الشيء يجنو جنوءا إذا انكب ،
[ ص: 172 ] فإن كان ذلك من خلفه قيل : حنى ، ومنه قيل للترس إذا صنع معيبا محنيا .
قال ابن التين : ورويناه هنا ( أجنأ ) مهموز بالجيم رباعي ، وهو في " الصحاح " ثلاثي ، وعند الهروي مثل ما رويناه .
قال : يقال أجنى عليه يجنو جنأ إذا انكب عليه يقيه شيئا .
فصل :
تبويبه بما ذكر ؛ لأجل ما ذكر في الحديث ، وهو بفتح الباء وكسرها .
قال أبو عبد الله الحموي ياقوت : هو موضع مبلط بالحجارة بين مسجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والسوق - وقول الشاعر فيما أنشده أبو عبيد البكري :
لولا رجاؤك ما زرنا البلاط وما كان البلاط لنا أهلا ولا وطنا
هو غير البلاط ، وهو قرية بالغوطة ، [ وبلاط ] عوسجة حصن من أعمال شنتبرية بالأندلس ، بلاط : كانت قصبة ( الجوار ) من نواحي حلب ، وبلاط : موضع بالقسطنطينية كان مجلسا للأسرى أيام سيف الدولة بن حمدان .
وأما nindex.php?page=showalam&ids=12997ابن بطال قال : تبويبه بذلك لا يقتضي معنى ، والبلاط وغيره من الأمكنة سواء ، وإنما ترجم به ؛ لأنه مذكور في الحديث .
[ ص: 173 ] قال nindex.php?page=showalam&ids=13721الأصمعي : البلاط : الأرض الملساء . وقال nindex.php?page=showalam&ids=13417ابن فارس : كل شيء فرشت به الدار من حجر وغيره .
زاد ابن التين : لعل فائدة التبويب أنها أرض لا يحفر فيها ، وأغفلا ما قدمناه أولا .
فصل :
ذكر nindex.php?page=showalam&ids=12563ابن إسحاق ، عن nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري ، عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة أن هذا الحديث كان حين قدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى المدينة .
فصل :
جاء في nindex.php?page=showalam&ids=11998أبي داود أنه - عليه السلام - راح إلى بيت المدراس ، وسأل اليهود عن حكم الزانيين ، ويحتمل أحد معنيين :
وفي الحديث حجة nindex.php?page=showalam&ids=16867لمالك جواز nindex.php?page=treesubj&link=25567_26215تحاكم أهل الكتاب إذا تحاكموا إلينا ، أنه جائز أن يترجم عنهم مترجم واحد كما ترجم nindex.php?page=showalam&ids=106عبد الله بن سلام عن التوراة وحده ، وسيأتي في كتاب الأحكام ما للعلماء في ذلك .
فصل :
وفي قوله : ( فرأيت اليهودي أحنى عليها ) دليل أنه لا يحفر للمرجوم ولا للمرجومة ؛ لأنه لو كان حفر ما استطاع أن يحني عليها ، وبه استدل nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك ، وقد سلفت المسألة في الباب قبله ، ووقع في كلام ابن التين أنه ثبت أنه لم يحفر لماعز وحفر للعامدية ، وكانت ( معروفة ) ، ثم ذكر رواية nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم في الحفر لماعز ، وفي قصة الجهينية أنه شد عليها ثيابها ، ثم أمر برجمها من غير ذكر حفر .
وفيه حجة nindex.php?page=showalam&ids=16004للثوري أن nindex.php?page=treesubj&link=10401المحدود لا يقعد ويضرب قائما ، والمرأة قاعدة ، والحديث يدل له ، فإنه كان يجنأ عليها ، وقال nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك : الرجل والمرأة في الحدود كلها سواء لا يقام واحد منهما ويضربان قاعدين ، ويجرد الرجل ويترك على المرأة ما يسترها ولا يقيها الضرب . وقال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي nindex.php?page=showalam&ids=15124والليث nindex.php?page=showalam&ids=11990وأبو حنيفة : الضرب في الحدود كلها قائما مجردا غير ممدود إلا حد القذف فإنه يضرب وعليه من ثيابه ما لا يقيه الضرب .
واحتج به أصحاب nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة على جواز شهادة الكفار بعضهم على بعض ؛ لأنه رجمهما بقولهم ، وأجاب المخالفون بالمنع ، وأن nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي روى فيه أنه - عليه السلام - سألهما فأقرا ، فكان الرجم بالإقرار .
قال ابن الطلاع : أو يجوز أن يكون بوحي أو بشهادة مسلمين .
فصل :
قد روينا ما نزل عقب رجمه من طريق nindex.php?page=showalam&ids=11998أبي داود عن nindex.php?page=showalam&ids=48البراء ، وعن nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري قال : سمعت رجلا من مزينة ممن سمع العلم - ونحن عند nindex.php?page=showalam&ids=15990ابن المسيب - يحدث عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة قال : nindex.php?page=hadith&LINKID=675784زنى رجل من اليهود وامرأة حين قدم - عليه السلام - المدينة فخير في ذلك بقوله : nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=42فإن جاءوك فاحكم بينهم [ المائدة : 42 ] الحديث ، وفي آخره قول nindex.php?page=showalam&ids=12300ابن شهاب السالف قبيل هذه الفصول : فبلغنا أن هذه الآية نزلت فيهم : nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=44إنا أنزلنا التوراة الآية [ المائدة : 44 ] ، nindex.php?page=showalam&ids=12563ولابن إسحاق أنهم قالوا : إن حكم فيهم بالتجبية فاتبعوه ( فإنه ملك ) وصدقوه ، وإن ( هو ) حكم بالرجم فإنه نبي فاحذروه ( قال : ما في أيديكم أن تسألوه ) .
[ ص: 176 ] وفيه : nindex.php?page=hadith&LINKID=3504210فجاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بابن صوريا وكان غلاما شابا ، فلما ناشده ، قال : اللهم نعم ، أما والله يا أبا القاسم إنهم ليعرفون أنك نبي مرسل ، ولكنهم يحسدونك . وأخرجه nindex.php?page=showalam&ids=11998أبو داود من حديث nindex.php?page=showalam&ids=36جابر nindex.php?page=showalam&ids=14577والشعبي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - . وأصل حديث nindex.php?page=showalam&ids=36جابر في nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم ، وروى القصة أيضا عبد الله بن الحارث بن جزء الزبيدي ، أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=16472ابن وهب ، وجابر بن سمرة أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=13948الترمذي ، وقال : حسن غريب . nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس أخرجه أبو قرة .
فصل :
قال nindex.php?page=showalam&ids=13064أبو محمد بن حزم : جاء عن علي - رضي الله عنه - أنه قال : لا حد على أهل الذمة في الزنا . وعن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : لا حد عليهم في السرقة .
وقال nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة : لا حد على أهل الذمة في الزنا ولا في شرب الخمر ، وعليهم الحد في القذف والسرقة إلا لمعاهد ، لكن ( يضمنها ) . وقال nindex.php?page=showalam&ids=16908محمد بن الحسن : لا أمنع الذمي من الزنا ولا من شرب الخمر ، وأمنعه من الغناء .
وقال nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك : لا حد على أهل الذمة في الزنا ولا في شرب الخمر ، وعليهم الحد في القذف والسرقة ، وقال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي وأبو سليمان وأصحابهما : عليهم الحد في كل ذلك ، قال الله تعالى : nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=49وأن احكم [ ص: 177 ] بينهم بما أنزل الله ولا تتبع أهواءهم واحذرهم أن يفتنوك [ المائدة : 49 ] وقال : nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=50أفحكم الجاهلية يبغون ومن أحسن من الله حكما لقوم يوقنون [ المائدة : 50 ] فإن ذكروا ما روينا عن nindex.php?page=showalam&ids=16004الثوري ، عن nindex.php?page=showalam&ids=16052سماك بن حرب ، عن قابوس بن المخارق ، عن أبيه قال : كتب محمد بن أبي بكر إلى nindex.php?page=showalam&ids=8علي بن أبي طالب في مسلم زنى بنصرانية ، فكتب إليه : أقم على المسلم الحد ، وادفع النصرانية إلى أهل دينها . ومن حديث nindex.php?page=showalam&ids=16360عبد الرزاق عن nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج ، وعن nindex.php?page=showalam&ids=16004سفيان بن سعيد ؛ كلاهما عن nindex.php?page=showalam&ids=16666عمرو بن دينار ، عن nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد أن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس كان لا يرى على أهل الذمة حدا ، وعن ربيعة أنه قال في اليهودي والنصراني : لا أرى عليهما في الزنا حدا . وقد كان لهم من الوفاء بالذمة أن يخلى بينهم وبين دينهم .
قال nindex.php?page=showalam&ids=13064ابن حزم : وما نعلم لمن قال بهذا حجة غير ما ذكرناه ، ولا حجة للحنفيين والمالكيين فيه ؛ لأن الآية الكريمة عامة لا خاصة ، وهم قد خصوا ، والرواية عن علي لا تصح ؛ لأن سماكا ضعيف وقابوس مجهول .
قلت : قد ذكرته أنت - أعني : قابوسا - في الصحابة الذين رووا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ستة أحاديث ، وذكر ابن يونس في " تاريخ الغرباء " قابوس بن المخارق ، ويقال : ابن أبي المخارق سليم الشيباني الكوفي ، قدم مصر ( مع ) محمد بن أبي بكر في خلافة علي قد ذكر وحكي عنه .
[ ص: 178 ] وقال nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي : ليس به بأس ، وذكره nindex.php?page=showalam&ids=13053ابن حبان في " ثقاته " ولما ذكر nindex.php?page=showalam&ids=13332ابن عبد البر هذا الأثر سماه : قابوس بن أبي ظبيان عن أبيه . وهو عجيب ، فقابوس حديثه في " صحيح nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري " ، وأثنى عليه غير واحد ، ثم قال nindex.php?page=showalam&ids=13064ابن حزم : والرواية عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : لا حد على ذمي . هم بأنفسهم خالفوا ذلك فأوجبوا عليه الحد في السرقة والقذف ، فإن تعلقوا بقوله تعالى : nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=42فإن جاءوك فاحكم بينهم [ المائدة : 42 ] فلا تعلق لهم فيها ؛ لأنها منسوخة ولو صح أنها محكمة لما كان لهم فيها تعلق ؛ لأنه إنما فيها التخيير بينهم لا في الحكم عليهم جملة ، وإقامة الحدود عليهم ليس حكما بينهم ، وأما عهود من عاهدهم على الحكم بأحكامهم فليس ذلك عهد الله ، بل هو عهد باطل ، ولا يعرف المسلمون عهدا إلا ما أمر الله به ورسوله ، فإن قالوا فقد قال تعالى : nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=256لا إكراه في الدين [ البقرة : 256 ] قلنا : نعم لا نكرههم على الإسلام ولا على فروض الإسلام .
وقال nindex.php?page=showalam&ids=13332ابن عبد البر : إذا ارتفع أهل الكتاب إلينا راضين بحكمنا فيهم ، وكانت شريعتنا موافقة في ذلك الحكم لشريعتهم جاز لنا أن نستظهر عليهم بكتابهم حجة عليهم ، كما في هذا ( الحديث ) ، فإن لم تكن الشريعة في ذلك الحكم موافقة لشريعتهم حكمنا بينهم بما أنزل الله في كتابنا ، ويحتمل أن يكون ذلك خصوصا للشارع ؛ للإجماع على أن ذلك لم يعمل به أحد بعده ، ولقول الله تعالى nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=51أولم يكفهم أنا أنزلنا [ ص: 179 ] عليك الكتاب يتلى عليهم [ العنكبوت : 51 ] ، قال : واختلف العلماء في الحكم بينهم إذا ترافعوا إلينا ، أواجب ذلك علينا أم نحن مخيرون به ؟ فقال جماعة من فقهاء الحجاز والعراق : إن الإمام أو الحاكم مخير إن شاء حكم بينهم إذا ترافعوا إليه بحكم الإسلام ، وإن شاء أعرض عنهم .
وقالوا : إن قوله : nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=42فإن جاءوك [ المائدة : 42 ] محكمة لم ينسخها شيء ، وممن قال ذلك nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك بن أنس nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي في أحد قوليه ، وهو قول nindex.php?page=showalam&ids=16568عطاء nindex.php?page=showalam&ids=14577والشعبي nindex.php?page=showalam&ids=12354والنخعي ، وروي ذلك عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس في قوله nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=42فإن جاءوك فاحكم [ المائدة : 42 ] قال : نزلت في بني قريظة وهي محكمة ، وقال nindex.php?page=showalam&ids=14577عامر ( الشعبي ) : إن شاء حكم وإن شاء لم يحكم ، وعن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس أنهما إذا رضيا فلا يحكم بينهما إلا برضاء من أساقفتهما ، فإن كره ذلك أساقفتهم فلا يحكم بينهم ، وكذلك إن رضي الأساقفة ولم يرض الخصمان أو أحدهما لم يحكم بينهم .
وقال nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري : مضت السنة أن يرد أهل الذمة في حقوقهم ومعاملاتهم ومواريثهم إلى أهل دينهم إلا أن يأتونا راغبين في حكمنا فيحكم بينهم بكتاب الله .
وقال آخرون : واجب على الحاكم أن يحكم بينهم إذا تحاكموا إليه بحكم الله تعالى ، وزعموا أن قوله تعالى : nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=49وأن احكم بينهم بما أنزل الله [ المائدة : 49 ] ناسخ للحكم بينهم في الآية الأولى ، روي ذلك عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس من حديث nindex.php?page=showalam&ids=16006سفيان بن حسين nindex.php?page=showalam&ids=14152والحكم ، عن nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد ، ومنهم
[ ص: 180 ] من يرويه عن سفيان nindex.php?page=showalam&ids=14152والحكم ، عن nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد ، قوله ، وهو صحيح عن nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد وعكرمة ، وبه قال nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري nindex.php?page=showalam&ids=16673وعمر بن عبد العزيز nindex.php?page=showalam&ids=14468والسدي ، وإليه ذهب nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة وأصحابه ، وهو أحد قولي nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي إلا أن nindex.php?page=showalam&ids=11990أبا حنيفة قال : جاءت المرأة والزوج فعليه أن يحكم بينهما بالعدل ، وإن جاءت المرأة وحدها ولم يرض الزوج لم يحكم ، وقال صاحباه : يحكم ، وكذا اختلف أصحاب nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك ، وقال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : ليس الحاكم بالخيار في أحد من المعاهدين الذين يجري عليهم أحكام الإسلام إذا جاءوه في حد لله ، فعليه أن يقيمه ؛ لقوله تعالى : nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=37وهم صاغرون [ النمل : 37 ] واختاره المزني وقال في كتاب الحدود : لا يحدون إذا جاءوا إلينا في حد لله ، ويردهم الحاكم إلى أهل دينهم .
قال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : وما كانوا يدينون به فلا يحكم عليهم بإبطاله إذا لم يرتفعوا إلينا ، لكن ليكشفوا عما استحلوا ما لم يكن ضررا على مسلم أو مستأمن أو معاهد .
قال : وإن جاءته امرأة تستعديه بأن زوجها طلقها وشبه ذلك ، حكمنا عليه حكم المسلمين .
[ ص: 181 ] إلا بإجماع لا تنازع فيه ، أو بسنة لا مدفع لها ، أو يكون التدافع في الآيتين غير ممكن فيهما استعمالهما ، ولا استعمال أحدهما إلا بدفع الأخرى ، فيعلم أنها ناسخة لها .
وكذا قال ابن القصار : لو صح عندي النقل بذلك عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس لقلت بالنسخ في الآية ، ولكن لا أعلم فيه نقلا يعتمد ، وإنما هو نسخ بالتأويل ، كذا قال ، وسندها عند nindex.php?page=showalam&ids=13332ابن عبد البر غير صحيح .
وقال النحاس : الرواية عنه في هذا مستقيمة . ولا فرق عندي بين قوله في الآية التي زعموا أنها منسوخة : nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=42وإن حكمت فاحكم بينهم بالقسط ، وبين قوله في الآية الناسخة nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=49وأن احكم بينهم بما أنزل الله [ المائدة : 49 ] ، والتخيير المتقدم قبل الآية الأولى نازل على هذه ، وهذه الآية الثانية أيضا على حكم التخيير الأول ، وهذا مبني على أجل ، وذلك أن من صالحنا من أهل الذمة لا يخلو أن يشترطوا علينا عدم الحكم أو وجوده بحكمهم أو بحكمنا ، أولا يقع شرط ، فما كان من شرط وجب الوفاء به ، وقد شرط كفار قريش على الشارع أمورا عظيمة فالتزمها لهم ، ووفى لهم حتى غدروا ، فأما ما لم يكن بشرط وترافعوا إلينا ، فالإمام مخير بين الحكم بما أنزل الله أو الصرف .
فصل :
وقد أسلفنا اختلاف العلماء أيضا في nindex.php?page=treesubj&link=25567_26215أهل الذمة إذا زنوا هل يرجمون إذا رفعوا إلينا ؟ فقال nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك : إذا زنوا أو شربوا ، فلا يعرض لهم الإمام إلا أن يظهروا ذلك في ديار المسلمين فيدخلوا عليهم الضرر ، فيمنعهم
[ ص: 182 ] السلطان من الإضرار بالمسلمين . قال nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك : وإنما رجم الشارع اليهوديين ؛ لأنه لم يكن لليهود يومئذ ذمة وتحاكموا إليه . ( ونقل ابن الطلاع في " أقضيته " أنهم أهل ذمة ) . وقال nindex.php?page=showalam&ids=14416الزجاج في " معانيه " : كانا من أهل خيبر .
وقال nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة وأصحابه : يحدون إذا زنوا كحد المسلم ، وهو أحد قولي nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ، ولما ذكر nindex.php?page=showalam&ids=14695الطحاوي قول nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك : لم يكن لهم ذمة ، قال : لو لم يكن واجبا عليهم لما أقامه - عليه السلام - ، قال : وإذا كان من لا ذمة له قد حد في الزنا ، فمن له ذمة أحرى بذلك . قال : ولم يختلفوا أن nindex.php?page=treesubj&link=24376_26215الذمي يقطع في السرقة ، قال nindex.php?page=showalam&ids=13332ابن عبد البر : وقال بعض من رأى أن آية التخيير في الحكم بين أهل الذمة منسوخة بقوله تعالى : nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=49وأن احكم بينهم [ المائدة : 49 ] على الإمام إذا علم من أهل الذمة حدا من حدود الله أن يقيمه عليهم وإن لم يتحاكموا إليه ؛ لأن الله يقول : nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=49وأن احكم بينهم بما أنزل الله [ المائدة : 49 ] ولم يقل : إذا تحاكموا إليك ، قالوا : والسنة تبين ذلك . يعني قول nindex.php?page=showalam&ids=48البراء : nindex.php?page=hadith&LINKID=67338مر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بيهودي محمم فدعاهم ، الحديث . كما ساقه nindex.php?page=showalam&ids=11998أبو داود . وفيه : أنه حكم بينهم ، ولم يتحاكموا إليه ، لكن في حديث nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر - رضي الله عنهما - أن اليهود أتوه ، وليس فيه أنهما رضيا بحكمه ، وقد رجمهما ، وسيكون لنا عودة إلى ذلك في بابه - إن شاء الله تعالى - حيث ذكره nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري .