الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                        صفحة جزء
                                                        1170 - فإذا فهد بن سليمان قد : حدثنا قال : ثنا محمد بن سعيد بن الأصبهاني ، قال : أنا شريك ، عن عاصم بن كليب ، عن أبيه ، عن وائل بن حجر قال : أتيت النبي صلى الله عليه وسلم ، فرأيته يرفع يديه حذاء أذنيه إذا كبر ، وإذا رفع ، وإذا سجد ، فذكر من هذا ما شاء الله .

                                                        [ ص: 197 ] قال : ثم أتيته من العام المقبل ، وعليهم الأكسية والبرانس فكانوا يرفعون أيديهم فيها
                                                        ، وأشار شريك إلى صدره .

                                                        فأخبر وائل بن حجر في حديثه هذا أن رفعهم إلى مناكبهم ، إنما كان لأن أيديهم كانت حينئذ في ثيابهم ، وأخبر أنهم كانوا يرفعون إذا كانت أيديهم ليست في ثيابهم ، إلى حذو آذانهم .

                                                        فأعملنا روايته كلها فجعلنا الرفع إذا كانت اليدان في الثياب لعلة البرد إلى منتهى ما يستطاع الرفع إليه ، وهو المنكبان .

                                                        وإذا كانتا باديتين ، رفعهما إلى الأذنين ، كما فعل صلى الله عليه وسلم .

                                                        ولم يجز أن يجعل حديث ابن عمر رضي الله عنهما وما أشبهه ، الذي فيه ذكر رفع اليدين إلى المنكبين كان ذلك واليدان باديتان .

                                                        إذا كان قد يجوز أن تكونا ، كانتا في الثياب ، فيكون ذلك مخالفا ، لما روى وائل بن حجر ، فيتضاد الحديثان .

                                                        ولكنا نحملهما على الاتفاق ، فنجعل حديث ابن عمر رضي الله عنهما ، على أن ذلك كان من رسول الله صلى الله عليه وسلم ويداه في ثوبه ، على ما حكاه وائل في حديثه .

                                                        ونجعل ما روى وائل عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه فعله ، في غير حال البرد ، من رفع يديه إلى أذنيه فيستحب القول به وترك خلافه .

                                                        وأما ما رويناه عن علي رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك ، فهو خطأ ، وسنبين ذلك في " باب رفع اليدين في الركوع " إن شاء الله تعالى .

                                                        فثبت بتصحيح هذه الآثار ، ما روى وائل عن النبي صلى الله عليه وسلم على ما فصلنا ، مما فعل في حال البرد ، وفي غير حال البرد .

                                                        وهو قول أبي حنيفة ، وأبي يوسف ، ومحمد ، رحمهم الله تعالى .

                                                        التالي السابق


                                                        الخدمات العلمية